متلازمة الألم العضلي الليفي: الأعراض والعلاج

الكاتب - 26 نوفمبر 2022

لا يكاد يخلو أي مرض أو حالة صحية من نوع من أنواع الألم، لكن في بعض الحالات قد يحدث ألم منتشر في الجسم بدون سبب واضح أو وجود تفسير للحالة، هنا يمكن الشك بالإصابة بحالة تدعى متلازمة الألم العضلي الليفي.

ما هو الألم العضلي الليفي؟

الألم العضلي الليفي "Fibromyalgia" يُعرف بأنه حالة يحدث فيها احساس بالألم ويكون شاملاً لعدة أجزاء من الجسم في نفس الوقت بالإضافة لشعور المريض بعدم الراحة.

يتميز هذا الألم بعدم وجود شكل واضح له أو مسبب واضح، حيث يأتي بشكل نوبات تشتد وتخف.

بالإضافة إلى ذلك فهو يتنقل ويتحرك بين أجزاء الجسم المختلفة ففي كل نوبة يشمل عدد مختلف من نقاط الجسم كالإحساس بألم في الركبة واليد والرقبة في نفس الوقت مثلاً.

كما قد تترافق نوبة الألم بالشعور بالتعب وحدوث اضطرابات في النوم، واضطرابات في الذاكرة، وأحياناً تبدلات في الحالة المزاجية.

تكون الإصابة أكثر شيوعاً عند النساء منها عند الرجال، ويشكل البالغين في منتصف العمر النسبة الأكبر من المصابين لكن الحالة قد تصيب أيضاً المراهقين وكبار السن بنسبة أقل.

فمن خلال جمع البيانات والدراسات عن الألم العضلي الليفي على مدى عدة سنوات تبين أن نسبة الإصابة ضمن أفراد المجتمع تصل إلى 6.6% أما النسبة بين النساء فهي 6.8%

أعراض الإصابة بالألم العضلي الليفي

تكون الأعراض المرافقة لنوبات الألم العضلي الليفي متنوعة ومختلفة، من حيث الشدة بين النوبات وأيضاً من حيث مكان تأثير النوبة.

وتضم أكثر الأعراض شيوعاً ما يلي:

  • ألم منتشر في كل أنحاء الجسم، ويزداد عند الضغط على المناطق المؤلمة
  • التعب والوهن في الجسم
  • اضطرابات النوم
  • الصداع
  • القلق والاكتئاب
  • الاحساب بخدر ونمل في الأطراف أحياناً
  • انخفاض التركيز وضعف في الذاكرة
  • حدوث اضطرابات هضمية كالإسهال والامساك وانتفاخ البطن

أسباب حدوث الألم العضلي الليفي

السبب الرئيسي لحدوث الألم العضلي الليفي غير معروف تماماً لحد الآن، حيث لم يتم الوصول لمسبب للإصابة بهذه الحالة، ولكن تم وضع عدة فرضيات ونظريات تفسر حدوث الإصابة.

تضم هذه النظريات مجموعة من العوامل والاضطرابات أو الأمراض أحياناً التي قد تكون موجودة لدى المريض، والتي تساهم مجتمعةً أو منفصلة في تحريض حدوث الاصابة.

وتضم أبرز هذه الأسباب التي تحرض حدوث المتلازمة ما يلي:

١- اضطراب في مستقبلات الألم

وهي واحدة من النظريات الأساسية التي قد تفسر حدوث الألم العضلي الليفي، حيث يحدث تبدل واضطراب في طريقة معالجة الجهاز العصبي وتفسيره لتنبيهات الألم.

يعد الجهاز العصبي المكون من الدماغ والنخاع الشوكي والأعصاب المنتشرة في الجسم هو الأداة المسؤولة عن الإدراك والشعور الحسي وتفسير التنبيهات الخارجية.

حيث يستقبل التنبيهات بمختلف أنواعها من كل انحاء الجسم ويتم نقلها عن طريق شبكة من الأعصاب والنواقل العصبية إلى الدماغ ليتم تفسيرها والاحساس بها.

في حالة هذه المتلازمة يحدث اضطراب على مستوى الأعصاب المسؤولة عن نقل الآلام وتفسيرها، وهذا التبدل يسبب تغير في طريقة تفسير الدماغ لهذا الألم.

ويظهر تأثير هذا الاضطراب بزيادة الحساسية للتنبيهات بالتالي يرتفع مستوى الإحساس بالألم وزيادة شدته واستمراره بشكل كبير، على الرغم من أنه في الحقيقة لا يكون الألم أو التنبيه بهذه الشدة. ولكن اضطراب مستقبلات الألم وتبدلات الجهاز العصبي تسبب تضخيم هذه الأعراض.

٢- عدم التوازن الهرموني الكيميائي في الجسم

لوحظ وجود اقتران بين حدوث الألم العضلي الليفي ووجود حالة من الاضطراب وعدم التوازن في هرمونات الجسم المختلفة.

حيث يحوي الجسم مجموعة كبيرة من الهرمونات التي تفرز من قبل غدد وخلايا الجسم المختلفة كهرمون الغدة الدرقية، وهرمون الأدرينالين وغيرها من الهرمونات.

هذه الهرمونات لها علاقة بتنظيم العديد من العمليات الحياتية والحيوية الهامة للجسم. كتنظيم الشهية، النوم، الحالة المزاجية، معدل الاستقلاب، وضغط الدم وغيرها من الوظائف الهامة.

وحدوث اضطراب وعدم توازن لمستويات هذه الهرمونات كارتفاع تركيزها في الجسم أو انخفاضه لسبب مرضي معين سينعكس على وظائف الجسم المرتبطة بهذه بها، بالتالي على حالة الجسم ككل، ويساهم في رفع نسبة الإصابة.

٣- اضطرابات النوم

على الرغم من كون اضطرابات النوم قد تكون أحد الأعراض المرافقة لحالة الألم العضلي الليفي، إلا أن وجود هذه اضطرابات قبل حدوث حالة الألم العضلي قد يكون محرض وسبب لحدوث هذا الألم.

حيث أن وجود اضطرابات في النوم كالنوم السطحي غير العميق وعدم القدرة على الحصول على ساعات نوم كافية يحرض حصول الإصابة بسبب التعب والارهاق المزمن للجسم.

إضافة أيضاً لما يرافق هذا التعب من حدوث تبدلات مزاجية وكيمائية وحتى مرضية على مستوى الجسم كله.

٤- الوراثة

هناك دور للوراثة في حدوث الإصابة حيث وجد أن المتلازمة قد تحدث في العائلات التي لديها سوابق بحدوث هذه المتلازمة بين أفرادها.

٥- بعض العوامل المحرضة

تبدأ نوبات الألم العضلي الليفي في كثير من الحالات بعد الإصابة بعوامل معينة تشكل ضغط على الجسم وتبدل في حالته المستقرة.

عوامل التحريض هذه تشكل شعلة البداية والانطلاق لحدوث المتلازمة بآليات وطرق مختلفة وغير مفهومة تماماً.

وتضم هذه العوامل المحرضة والتي قد تطلق النوبات بعد حدوثها ما يلي:

  • الإصابات الرضية والحوادث
  • الإصابة بعدوى فيروسية أو جرثومية
  • الحمل والولادة عند الاناث
  • التوتر والقلق المستمر
  • حالات الصدمة العاطفية الشديدة
  • الخضوع لعمل جراحي
٦- حالات مرضية وأمراض مرافقة لحالة الألم العضلي الليفي

هناك العديد من الأمراض المرتبطة بحدوث الألم العضلي الليفي، حيث وجد أن الإصابة بهذه الأمراض يترافق باحتمالية أعلى لحدوث الإصابة وتطورها.

وأهم ما يميز هذه الأمراض أنها غالباً ما تكون أمراض واضطرابات تصيب المفاصل.

نذكر من هذه الحالات المرضية:

  • التهاب المفاصل الرثياني (Rheumatoid Arthritis)
  • التهاب المفاصل التنكسي (Osteoarthritis)
  • اضطرابات المفصل الصدغي الفكي (TMD)

تشخيص الإصابة

تعتبر عملية تشخيص الإصاب عملية معقدة نوعاً ما، وذلك نظراً لأن أعراض الإصابة به تتداخل مع العديد من الأمراض والاصابات، بالتالي يتم اللجوء لتقنية الاستبعاد للوصول لتشخيص المتلازمة.

المقصود بالاستبعاد هو نفي وجود أي إصابة أو مرض أو خلل جسدي مسبب للأعراض التي يعاني منها المصاب، وبعدها مطابقة هذه الأعراض مع معايير معينة موضوعة لتشخيص الإصابة.

إجراءات الاستبعاد والتشخيص

وتضم إجراءات الاستبعاد والتشخيص للألم العضلي الليفي ما يلي:

  • القصة المرضية: وفيها يتم السؤال عن بدأ حدوث الأعراض، وطبيعتها وشدتها، وانتشار نقاط الألم، والمحرضات والمرافقات للحالة، والسؤال عن السوابق المرضية أو الدوائية للمريض.
  • الفحص السريري: يتم فحص الجسم وأجهزته بشكل عام مع قياس العلامات الحياتية، ومن ثم فحص مناطق الألم والانزعاج التي يصفها المريض وذلك بحثاً عن أي رض في الجسم مفسر للألم، أو تورم في المفاصل وصعوبة في الحركة أو تحدد في حركة المفاصل يرجح وجود إصابة مرضية غير الألم العضلي الليفي.
  • التصوير الشعاعي: يتم من خلاله اجراء فحوصات شعاعية لمناطق الألم في الجسم وخصوصاً المفاصل والأسطح العظمية. بحثاً عن علامات رض أو كسور عظمية مثلاً أو علامات التهابية في المناطق الألمية تستبعد وجود الألم العضلي الليفي.
  • استبعاد الحالات المرضية المشابهة: بعد اجراء الفحص السريري والصور الشعاعية والتحاليل الدموية المخبرية اللازمة للمصاب. حيث تكتمل بهذه المرحلة الصورة الشاملة عن المريض ويمكن اكتشاف وتحديد بعض الحالات التي قد تكون سبباً للأعراض التي يعاني منها المريض.
  • ولكن في حال عدم وجود أي دلائل لحالات مرضية أو اضطرابات قد تكون مسببة للأعراض يتم استبعاد الأسباب المرضية والتوجه بالتشخيص لحالة الألم العضلي الليفي.

ومن أبرز الحالات التي يجب استبعادها بعد فحص المريض هي:

  • حالات التهاب المفاصل الرثياني
  • متلازمة التعب المزمن
  • والتصلب اللويحي (Multiple Sclerosis) وغيرها

بعد الانتهاء من إجراءات التشخيص والبحث عن الأسباب الممكنة لحدوث الألم والأعراض عند المصاب ونفي واستبعاد المسببات المحتملة والمتهمة بإحداث أعراض الألم العضلي الليفي. يتم الانتقال للمرحلة التالية حيث تقارن أعراض المريض والمعايير المتبعة والمحددة للإصابة بالألم العضلي الليفي.

معايير تشخيص الإصابة

تضم معايير تشخيص الإصابة بالألم العضلي الليفي ما يلي:

  • وجود ألم شديد في (3-6) نقاط مختلفة في الجسم أو وجود ألم متوسط في 7 نقاط مختلفة من الجسم في الوقت نفسه.
  • الأعراض الألمية المرافقة مستمرة بنفس الشدة والوتيرة لثلاث أشهر على الأقل.
  • عدم وجود أي سبب أو حالة مرضية مفسرة للأعراض.

ولكن يجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من وجود حالات مرضية قد تفسر الأعراض عند الشخص المصاب إلا أن ذلك لا ينفي بالضرورة وجود إصابة بالألم العضلي الليفي مرافقة للحالة المرضية الأخرى.

علاج المتلازمة

يحتاج علاج الألم العضلي الليفي إلى دمج بين عدة أساليب وخطط علاجية للحصول على أفضل النتائج.

حيث يكون الهدف من العلاج:

  • التخفيف من حدة الألم وشدته خلال النوبة
  • العمل على تقليل تكرار حدوث نوبات الألم العضلي الليفي
  • وحتى منع حدوثها نهائياً

وتضم الخيارات العلاجية المتبعة لعلاج الألم العضلي الليفي ما يلي:

١- الأدوية

تشكل مسكنات الألم الحجر الأساسي في الأدوية التي تستخدم لعلاج الألم العضلي الليفي.

تتنوع هذه الأدوية المسكنة في تأثيرها بعضها مسكن فقط، بعضها مسكن ومضاد للتشنج وبعضها يمتلك خصائص مضادة للالتهاب.

ويضاف للمسكنات بعض أنواع الأدوية الأخرى كالأدوية المضادة للاكتئاب وبعض الأدوية النفسية والأدوية المستخدمة لتنظيم النوم.

٢- تغيير نمط الحياة

يمكن لتغيير نمط الحياة واتباع نظام حياة صحي أن يكون له تأثير إيجابي على حالة الألم العضلي الليفي، حيث تساهم هذه التغييرات في العادات إيجاباً على الحالة الصحية والنفسية للجسم. وتضم ما يلي:

  • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام
  • اتباع حمية صحية ومتوازنة
  • محاولة تنظيم أوقات النوم والاستيقاظ
  • ممارسة نشاطات ترفيهية تخفف من التوتر والقلق
٣- العلاج النفسي السلوكي

يساهم العلاج النفسي والسلوكي سواء من خلال رؤية طبيب نفسي أو طلب استشارة معالج نفسي في علاج الألم العضلي الليفي والتخفيف منه، وذلك من خلال البحث عن محرض قد يكون نفسي لنوبات الألم.

فعلى سبيل المثال وجود الاكتئاب، أو اضطراب التوتر والقلق، وحتى نوبات الغضب غير المسيطر عليها عند المريض قد تكون محرضات أساسية للألم العضلي الليفي دون أن يتم تشخيصها أو علاجها.