متلازمة التعب المزمن: الأعراض والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 5 سبتمبر 2022

متلازمة "التعب المزمن" هي حالة مرضية تنتج عند تحول بعض حالات التعب والارهاق الجسدي والذي يعتبر حالة طبيعية الى حالة مزمنة ومستعصية.

وقد تستمر الحالة لأشهر ولا تتحسن حتى بعد النوم أو أخذ قسط من الراحة، فما هي هذه المتلازمة وما هي أسباب حدوثها وكيف يمكن علاجها؟

ما هي متلازمة التعب المزمن؟

تعرف متلازمة التعب المزمن "Chronic Fatigue Syndrome" أنها حالة يحدث فبها شعور مستمر بالتعب الجسدي والارهاق والآلام المعممة في الجسم

بالإضافة إلى انعدام الطاقة والقدرة على ممارسة النشاطات اليومية المعتادة وحتى البسيطة منها لمدة تتجاوز 6 أشهر دون وجود سبب مرضي أو حالة صحية تفسر هذه الحالة.

كما تتميز بالشعور بالتعب والآلام العضلية بشكل مستمر، وعدم الشعور بالراحة والنشاط حتى بعد ساعات نوم طويلة.

وأيضاً الشعور بتعب مبالغ فيه بعد ممارسة نشاطات كانت تعتبر عادية وبسيطة سابقاً قبل الإصابة كالمهام اليومية مثل الطبخ أو التنظيف وغيرها.

وقد تترافق الحالة مع حدوث مشاكل في التركيز والذاكرة قصيرة الأمد وعدم القدرة على تذكر الأشياء.

وتصيب متلازمة "التعب المزمن" البالغين في منتصف العمر، وهي أكثر شيوعاً عند النساء منها عند الرجال.

وتبلغ نسبة إصابة النساء حوالي "1.5-2" ضعف الرجال وذلك وفقاً لدراسة عام 2022 تقيّم شيوع الحالة في المجتمع.

أعراض متلازمة التعب المزمن

يوجد طيف واسع من الأعراض التي يمكن أن تترافق مع الإصابة بمتلازمة التعب المزمن، وهذه الأعراض قد يحدث قسم منها أو قد تحدث كلها عند الإصابة.

ولكن يبقى العرض الأساسي هو التعب والوهن المستمر وعدم الراحة خلال النوم هو المشترك لحالة التعب المزمن.

وفي كثير من الحالات قد تقلد أعراض متلازمة التعب المزمن أعراض الإصابة بالإنفلونزا وتشخص على أنها إصابة بالإنفلونزا.

وتتضمن أبرز أعراض الإصابة بمتلازمة "التعب المزمن" ما يلي:

  • وهن وتعب عام
  • ألم عضلات ومفاصل
  • صداع
  • حساسية للضوء
  • تضخم في العقد اللمفاوية في العنق أحياناً
  • عدم القدرة على التركيز
  • التخليط الذهني
  • النسيان وعدم القدرة على تذكر الأشياء
  • الأرق وعدم القدرة على النوم
  • تبدلات مفاجئة في الحالة المزاجية

أسباب متلازمة التعب المزمن

لا يوجد سبب واضح وصريح يسبب بشكل مباشر حدوث متلازمة "التعب المزمن" ولذلك توصف هذه الحالة أنها مجهولة السبب المباشر.

لكن في المقابل تم وضع عدة عوامل وفرضيات قد تسبب أو تحرّض بشكل غير مباشر تطور متلازمة التعب المزمن.

ويمكن لكل آلية محرضة أن تسبب حدوث متلازمة التعب المزمن لوحدها، أو أن يجتمع أكثر من سبب وعامل محرّض عند نفس الشخص ويشكل لديه أرضية مناسبة لتطور حالة التعب المزمن مستقبلاً.

وتتضمن أكثر الأسباب المتهمة بتحريض حدوث متلازمة التعب المزمن شيوعاً ما يلي:

١- العدوى الفيروسية

إن الأعراض التي ترافق متلازمة التعب المزمن تشابه إلى حد كبير الأعراض المرافقة للأمراض والعدوى الفيروسية.

وهو أمر جعل العديد من الأطباء والباحثين يشتبهون ويشكون أن محرّض الإصابة والمطلق لمتلازمة التعب المزمن هو إصابة الشخص بعدوى فيروسية في البداية.

ويصاب الشخص بعدوى متوسطة الشدة إلى شديدة بالفايروس لتظهر لديه الأعراض وتتطور لاحقاً لحدوث متلازمة التعب المزمن حتى بعد الشفاء من العدوى.

ومن أهم الفيروسات المرتبطة بحدوث متلازمة التعب المزمن هي فيروس إيبشتاين بار "Epstein -Barr virus" وفيروس روس ريفر "Ross River virus".

٢- الاضطرابات والأمراض المناعية

الأمراض المناعية الذاتية أو الاضطرابات المناعية هي حالات يحدث فيها خلل على مستوى جهاز المناعة في الجسم.

وهذا الخلل يجعل جهاز المناعة يهاجم خلايا وأنسجة الجسم الطبيعية ويدمرها عن طريق الخطأ مسبباً ظهور الأعراض المرتبطة بالأمراض المناعية الذاتية.

ويعد التهاب المفاصل الرثياني واحداً من أشهر أمراض المناعة الذاتية.

وقد تم الاشتباه بوجود آلية مناعية واضطراب مناعي قد يساهم بحدوث وتطور متلازمة التعب المزمن بسبب التشابه النسبي بين أعراض متلازمة التعب المزمن والأمراض المناعية الذاتية كآلام الجسم والآلام المفصلية والتعب وغيرها.

لكن مع وجود فرق أساسي هو أنه في أمراض المناعة يحدث تخرب للأنسجة وتورم في المفاصل وهذا أمر لا يحدث في متلازمة التعب المزمن.

٣- التبدلات الكيميائية الهرمونية في الجسم المحرّضة بالتوتر

يتم تنظيم العديد من العمليات والوظائف الحيوية عن طريق مواد كيميائية تنتج في الجسم تعرف بالهرمونات، وتفرز هذه الهرمونات من الجهاز الغدي الذي يحوي عدداً من الغدد المنتشرة في الدماغ وأنحاء الجسم.

وتعتبر هذه الهرمونات مسؤولة عن تنظيم العديد من العمليات الحيوية في الجسم وعمل أجهزة الجسم والتنسيق فيما بينها.

وتتدخل الهرمونات بضبط حالة التوتر والخوف وتنظيم استجابة الجسم لها، وأيضاً لها علاقة بتنظيم ضغط الدم وعملية الهضم والاستقلاب والحالة المزاجية وغيرها من العمليات المعقّدة.

واضطراب هذه الهرمونات سواء عن طريق زيادة أو نقص إفرازها أو خلل التنسيق فيما بينها سيؤدي لظهور العديد من الأعراض والاضطرابات.

ويعتبر التوتر والضغط النفسي والبدني المستمر أحد العوامل التي تحرّض هذا الاضطراب والخلل الهرموني الكيميائي بسبب العبء والارهاق الإضافي التي تسببه على الجسم بشكل مستمر.

ولقد وجد من أن العديد من مرضى هذه المتلازمة كان لديهم حالة من التوتر النفسي أو الجسدي الشديد قبل بداية الأعراض.

وترافق ذلك مع تبدلات في النسب والتراكيز الهرمونية في جسمهم، لذلك يعتبر التوتر النفسي والخلل الهرموني من محرضات حدوث متلازمة "التعب المزمن".

٤- حدوث تبدلات في آلية إنتاج الطاقة في الجسم

لاحظ العلماء وجود اختلاف بين المرضى المصابين بمتلازمة التعب المزمن والمرضى الطبيعيين على مستوى خلايا الجسم.

وذلك من ناحية آلية حصول الخلايا على الطاقة والتصرف بها واستقلابها، ويعتقد العلماء أن هذا الاختلاف له دور في تطور الإصابة.

٥- العوامل الوراثية

هناك دور للعوامل الوراثية والمورّثات في تطور متلازمة التعب المزمن عند بعض العائلات التي لديها سوابق بالإصابة بهذه المتلازمة.

ويزداد احتمال الإصابة بالمتلازمة في حال وجود أحد الأقارب مصاب سابق، خصوصاً أقارب الدرجة الأولى والثانية.

تشخيص متلازمة التعب المزمن

تعد عملية تشخيص متلازمة التعب المزمن من العمليات الطويلة والمعقّدة نسبياً نظراً للتشابه والتقاطع بين الأعراض التي يعاني منها المصاب مع عدد كبير من الحالات المرضية والاضطرابات الأخرى.

ولذلك تأخذ عملية التشخيص وقتاً طويل نسبياً وتتم على مراحل لنفي وجود أي إصابة أو مرض مسبب للأعراض ومن ثم مقاطعة الأعراض مع معايير تشخيص الإصابة لتأكيد الحالة.

وتمر عملية التشخيص بالمراحل التالية:

١- الاستجواب والقصة المرضية

من خلال مجموعة من الأسئلة عن التاريخ المرضي للمصاب ووجود أدوية أو إصابات سابقة، إضافةً للسؤال عن الاعراض وتفصيلها بالكامل للتوجه إلى الحالة.

٢- الفحص السريري

يجري فيه الطبيب فحصاً عاماً للجسم وأجهزته بحثاً عن علامات مرضية أو مشاكل صحية قد تكون سبباً لحدوث الأعراض.

٣- طلب التحاليل الدموية والفحوص الشعاعية

يمكن أن يطلب الطبيب مجموعة من التحاليل الدموية التي تقيّم حالة الجسم ووظيفة أعضاءه وتعكس الحالة الصحية للجسم.

وذلك لنفي أي إصابات أو أمراض كامنة أو مسببة للأعراض قد تكون غير مشخّصة أو ظاهرة بالفحص السريري.

وأحياناً قد يطلب الطبيب فحوصاً شعاعية وصور لمناطق الألم لنفي الإصابات الرضّية والالتهابية لمناطق الألم خصوصاً آلام المفاصل.

وبعد الانتهاء من الفحوص والتقييم وعدم وجود أي مرض أو اضطراب أو حالة صحية تفسر الأعراض والتعب والارهاق الذي يعاني منه المريض يتم تصنيف المريض كمصاب بمتلازمة التعب المزمن وخاصةً إذا حقّق المعايير التالية:

  • مريض لديه أعراض تتناسب مع متلازمة التعب المزمن كالإرهاق والتعب الذي لا يزول بالراحة أو بالنوم ويمنع المصاب من ممارسة مهامه اليومية المعتادة، والتعب والارهاق والآلام تتفاقم بعد بذل الجهد.
  • التعب والارهاق والأعراض مستمرة لمدة 6 أشهر أو أكثر دون تحسن يذكر.
  • لا وجود لأي مرض أو اضطراب يمكن أن يفسر الأعراض التي يعاني منها المصاب.

الاختلاطات التي تنجم عن الإصابة

التأخر في التشخيص وعدم البدء بالعلاج سيسبب بعد فترة من الزمن ظهور الاختلاطات والمضاعفات والتي تتضمن بشكل رئيسي ما يلي:

  • تحول حالة التعب المزمن إلى إعاقة حقيقية تمنع المصاب من ممارسة أي نشاط وتلزمه الفراش دائماً.
  • الإصابة بالاكتئاب والقلق بسبب العزلة الاجتماعية وشعور العجز عند المصاب.

أنواع العلاج

لا يوجد علاج موحد أو مطلق لهذه المتلازمة، بل يعتمد العلاج على دمج مجموعة من الطرق والأساليب العلاجية مع بعضها بنسب مختلفة حسب كل حالة على حدى من حالات التعب المزمن.

وتكون كل حالة إصابة خاصة بالمريض نفسه وليس بالضرورة أبداً أن تتوافق مع حالات إصابة أخرى.

وليس بالضرورة أن تنفع الطرق العلاجية لمريض معين في تخفيف وعلاج حالة مريض آخر مشخّص بمتلازمة التعب المزمن.

وهذا التنوع والاختلاف بين الحالات يجعل وضع الخطة العلاجية الأنسب لمتلازمة التعب المزمن يأخذ وقتاً طويلاً نسبياً، ويحتاج لصبر من المريض ليجد نتائج مُرضية.

وتتضمن الأساليب العلاجية المتبعة ما يلي:

١- العلاج المعرفي السلوكي "Cognitive behavioral therapy"

يمكن أن يندرج هذا العلاج كنوع من أنواع العلاجات النفسية الذي أساسه النقاش والتحاور مع المريض المصاب لمعرفة وتحديد وجود اضطراب أو خلل نفسي كامن ومسبّب للأعراض.

وهذا العلاج يجريه مختصون بالطب والتحليل النفسي بهدف معرفة واكتشاف أي عامل نفسي أو اضطراب في الصحة النفسية للمصاب.

وقد يكون الدافع لتطور أعراض المتلازمة نظراً لارتباط العديد من حالات الإصابة بوجود نوع من التوتر والضغط النفسي والحالة النفسية غير المستقرة عند المصابين قبل بدأ الأعراض.

وفي حال وجود مشكلة أو خلل يمكن العمل مع المريض ليتمكن من إدراك هذا الخلل والتعرف عليه ومحاولة تجاوزه والتخلص منه بالشكل المناسب، وذلك سينعكس على الأعراض ويخفف منها.

٢- إدارة الطاقة

يهدف هذا النمط من العلاج إلى دراسة المريض وحالته ووضع خطة لتحقيق أفضل استغلال للطاقة والقدرة على العمل عند المريض المصاب.

وذلك نظراً لأن المصاب بالمتلازمة لا يملك القدرة والطاقة واللياقة للعمل لفترات طويلة ومتواصلة، والجهد الزائد قد يجعل أعراضه تسوء

لذلك تم تصميم هذا النمط من العلاج لوضع خطة تتناسب مع إمكانيات كل مصاب.

ويكون ذلك من خلال تسجيل أوقات نشاطه والأيام التي تكون الأعراض أخف لاستغلالها بممارسة نشاطات ومهام خاصة بالمريض.

إضافة إلى إمكانية الاستفادة من هذه الدراسة والمراقبة في وضع خطة تمارين علاجية ورياضية خاصة بالمصاب.

ويكون الهدف من الخطة تحسين الأعراض وزيادة القدرة والطاقة على ممارسة جهد بشكل أكبر.

٣- الأدوية

ليس هناك أدوية نوعية ومخصصة لعلاج الإصابة، بل يعتمد العلاج بالأدوية على استخدام أدوية تريح بعض الأعراض المرافقة للحالة وتخفف منها.

وأبرز هذه الأدوية هي:

  • مسكنات الألم
  • المرخيات العضلية
  • مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية "NSAIDs"
  • إضافةً إلى بعض الأدوية النفسية كمحسنات المزاج ومضادات الاكتئاب وغيرها

٤- تغيير نمط الحياة

يفيد تغيير نمط الحياة والتحول لنمط حياة صحي ومتوازن ومنظم في التخفيف من حدة الأعراض والتخفيف من آثارها، وذلك لأن نمط الحياة الصحي يعطي الاستقرار للجسم الفرصة ليعود إلى حالة التوازن.

وأبرز الأمور التي يجب تغييرها وتنظيمها في نمط الحياة هي:

  • اتباع حمية متوازنة صحية تحوي جميع العناصر الغذائية المختلفة
  • تناول المكملات الغذائية التي تضم الفيتامينات والمعادن الهامة للجسم والتي قد لا يتم تناولها مع الطعام.
  • الحصول على قسط كافي من الراحة
  • ضبط دورة ونمط النوم والاستيقاظ
  • تجنب التوتر وتعلم أساليب وعادات تساعد على الاسترخاء