متلازمة المثانة المؤلمة: الأعراض والعلاج

المراجعة الطبية - M.D, MBA, URO
الكاتب - أخر تحديث 18 أغسطس 2022

تصاب المثانة باعتبارها جزء رئيسي من أجزاء الجهاز البولي عند الانسان بالعديد من الأمراض والاضطرابات المختلفة.

والتي تعتبر اضطرابات وأمراض مزعجة ومحرجة للمريض لأنها ستؤثر على نوعية حياته وسلوكه اليومي.

والتهاب المثانة الخلالي أو ما يعرف بمتلازمة "المثانة المؤلمة" هي واحدة من هذه الاضطرابات التي تصيب المثانة. فما هي هذه المتلازمة وما سبب حدوثها؟

ما هي متلازمة المثانة المؤلمة؟

متلازمة المثانة المؤلمة (Bladder Pain Syndrome) أو التهاب المثانة الخلالي (Interstitial Cystitis) هي حالة صحية مزمنة تصيب المثانة وتسبب شعوراً مستمراً بوجود ألم وضغط في المثانة والمنطقة المحيطة بها.

إضافة لترافق الحالة مع أعراض بولية أخرى كالإحساس بحرقة في البول أو زيادة عدد مرات التبول وغيرها من الأعراض.

وتكون هذه الحالة والأعراض مستمرة لفترة تتجاوز 6 أسابيع دون وجود سبب مرضي واضح أو عدوى في الجهاز البولي.

وتحدث الإصابة للنساء في منتصف العمر غالباً بنسبة أكبر من الرجال حيث تشكل النساء 90% من حالات الإصابة بمتلازمة المثانة المؤلمة.

ولكن يمكن للالتهاب أن يحدث في أي عمر. وتبلغ نسبة إصابة النساء وفق أخر الدراسات في الولايات المتحدة حوالي 2.3%.

كما تم تصنيف نمطين أساسيين للمرض حتى الآن؛ وذلك بعد اجراء العديد من الأبحاث لمحاولة معرفة الأسباب والآليات المرضية الكامنة وراء هذا الالتهاب.

ويعتقد الخبراء بوجود تصنيفات وأنماط أخرى لم تكتشف بعد، والنمطين الأساسين يعتمدان على وجود حالة من التقرح والالتهاب والنزف في جدار المثانة أو عدم وجود هذا التقرح والنزف.

تصنيف أنماط متلازمة المثانة المؤلمة

1- غير تقرحي (Non-ulcerative)

يشكل 90% من الحالات، وفيه يكون جدار المثانة بالتنظير غير متقرح ولكنه يحوي على نقاط نزفية صغيرة.

هذه النقاط ليست نوعية فقط لالتهاب المثانة الخلالي بل إنها يمكن أن تظهر في أي حالة التهابية تصيب المثانة.

2- التهاب مثانة خلالي تقرحي (Ulcerative)

يشكل هذا النمط 5 - 10% من الحالات، وفيه يكون جدار المثانة من الداخل يحوي بقع أو لويحات أو قرحات تكون حمراء اللون ونازفة وتدعى "قرحات هانر" (Hunner’s ulcers).

الأعراض

تترافق حالة التهاب المثانة الخلالي أو "متلازمة المثانة المؤلمة" مع مجموعة متنوعة من الأعراض التي تحدث خلال نوبات الألم.

كما تختلف الأعراض في شدتها ومدتها بين نوبة وأخرى، فأحياناً تكون خفيفة وأحياناً شديدة جداً وقد تكون مستمرة أو متقطعة.

وقسم كبير من هذه الأعراض قد يرافق أمراضاً واضطرابات بولية أخرى لذلك هذه الأعراض ليست نوعية لالتهاب المثانة الخلالي فقط.

وأكثر الأعراض المرافقة لالتهاب المثانة الخلالي انتشاراً هي:

  • ألم في منطقة الحوض وما تحت السرة وقد يكون شديداً
  • ألم يتحرض عند امتلاء المثانة ويخف بعد إفراغها
  • إحساس شديد وقوي بالرغبة بالتبول فجأةً دون سابق إنذار
  • تعدد مرات التبول وزيادتها عن الوضع الطبيعي
  • الاستيقاظ المتكرر ليلاً بسبب الإحساس بالحاجة للتبول
  • الإحساس بعدم إفراغ المثانة بشكل كامل أو بصعوبة في التبول
  • خروج دم مع البول في بعض الحالات

أسباب الإصابة

لم يتم تحديد سبب مباشر وواضح للإصابة بالتهاب المثانة الخلالي.

ولم يعرف الخبراء الآلية المرضية الدقيقة للإصابة ولكن وضعوا العديد من العوامل التي قد تحرض وتترافق مع الإصابة بالتهاب المثانة الخلالي.

وتضم أشهر العوامل والنظريات المسببة لالتهاب المثانة الخلالي (متلازمة المثانة المؤلمة) ما يلي:

  • عيب وخلل خلقي في نسيج المثانة الداخلي يسمح للمواد التي تتواجد في البول بالحالة الطبيعية ولا تسبب أي أعراض عادةً باختراق جدار المثانة والانتشار بين الخلايا فيه. هذا الاختراق يجعله ملتهباً ومتهيجاً وبالتالي تحدث الإصابة بالتهاب المثانة الخلالي.
  • تواجد نوع معين من الخلايا البيضاء تدعى "الخلايا البدينة" (Mast cell) بكثرة في جدار المثانة وافرازها لمواد كيميائية تسبب حدوث أعراض "متلازمة المثانة المؤلمة" وحدوث التهاب المثانة الخلالي.
  • وجود مواد معينة في البول تهيّج المثانة
  • حدوث اضطراب أو اعتلال عصبي في الأعصاب المسؤولة عن المثانة ونقل الإحساس بالرغبة بالتبول وامتلاء المثانة. هذا الاضطراب يسبب الإحساس بالألم عند امتلاء المثانة إضافة لشعور دائم بامتلاء المثانة والرغبة بالتبول.
  • مهاجمة جهاز المناعة في الجسم للمثانة نتيجة وجود خلل واضطراب في مناعة الجسم كما هو الحال في أمراض المناعة الذاتية (autoimmune conditions).

تشخيص متلازمة المثانة المؤلمة

باعتبار أن التهاب المثانة الخلالي مرض مجهول السبب لذلك لا يوجد أي فحص نوعي يمكنه كشف وتشخيص التهاب المثانة الخلالي.

ويضاف إلى ذلك أن الأعراض مشابهة بشكل كبير للعديد من الأمراض والاضطرابات التي تصيب الجهاز البولي والمثانة.

وبالتالي يعتمد تشخيص التهاب المثانة الخلالي على إجراء مجموعة من التحاليل والإجراءات الطبية ونفي وجود أي مشاكل قد تكون مسببة للأعراض.

وبعد ذلك نقول إن المريض مصاب بمتلازمة المثانة المؤلمة والتهاب المثانة الخلالي، وهذه الحالة هي سبب الأعراض التي يعاني منها.

وتتضمن إجراءات التشخيص ما يلي:

١- أخذ القصة المرضية والفحص السريري

وذلك من خلال السؤال عن بدأ الأعراض وطبيعتها وشدتها ومحرضاتها والمرافقات التي قد تحدث معها كالحرقة البولية أو ارتفاع الحرارة مثلاً.

وغيرها من الأسئلة التي توجه الطبيب نحو تشخيص التهاب المثانة الخلالي أو الحالات الأخرى المشابهة.

وبعد انتهاء الاستجواب يفحص الطبيب المريض سريرياً كفحص منطقة البطن والمثانة وباقي أجهزة الجسم وأخذ العلامات الحياتية.

٢- إجراء تحليل للبول

هو اختبار يتم إجراؤه في المخبر من خلال أجهزة ومواد خاصة بهدف التحقق من البول ومعرفة مكوناته.

حيث يتم أخذ عينة من بول المريض وفحصها للتحقق من وجود مواد كيميائية معينة أو خلايا معينة تخرج وتطرح مع بول المريض وترجّح وجود أمراض في الجهاز البولي.

فعلى سبيل المثال وجود كريات دم بيضاء بعدد كبير في عينة البول يرجح وجود التهاب مجاري بولية.

ووجود كريات حمر يوجه لوجود نزف أو التهاب بولي، وغيرها من الخلايا والمواد التي يتم البحث عنها والتي تساعد في تشخيص سبب الأعراض التي يعاني منها المريض.

٣- إجراء زرع جرثومي للبول

يتم هذا الإجراء لنفي وجود التهاب جرثومي في البول، حيث يتم أخذ عينة من البول ووضعها في وسط معين تم تجهيزه في المخبر.

هذا الوسط يساعد على نمو الجراثيم في حال وجودها في البول ومن ثم تحديد نوعها ووضع العلاج المناسب لها.

٤- التنظير (Cystoscopy)

وفيه يتم الوصول إلى المثانة وباقي أجزاء الجهاز البولي وفحصها بشكل مباشر من خلال جهاز التنظير المزود بكاميرا موضوعة على أنبوب مرن وصغير القطر يتم إدخال الأنبوب عن طريق الإحليل والوصول للمثانة وفحصها من الداخل.

كما يتم من خلال اجراء تنظير المثانة التحقق من عدم وجود انسداد في الطرق البولية والمثانة كما في حالة الإصابة بالحصيات.

إضافةً للتحقق من وجود اضطرابات تشريحية أو نسيجية أو مرضية في المثانة والجهاز البولي عموماً تكون سبباً في حدوث الأعراض عند المريض.

٥- خزعة من جدار المثانة

يتم من خلال تنظير المثانة أخذ قطع نسيجية من جدار المثانة الداخلي ومن ثم إجراء دراسة خلوية ومجهرية لهذه الخزعات.

ويتم ذلك للتحقق من بنية الخلايا والأنسجة في جدار المثانة فيما إذا كانت طبيعية أو مرضية وفيها خلل في التركيب أو تحوي خلايا شاذة أو سرطانية مثلاً.

العلاج

يختلف العلاج الخاص بالتهاب المثانة الخلالي حسب كل حالة واختلاف المسبب، ولذلك فعلاج مريض ما قد لا ينطبق على المريض الثاني.

والسبب في ذلك هو عدم وجود علاج محدد فحتى الآن لم يعرف له سبب مباشر.

ويتم وضع خطة العلاج من خلال الاعتماد على مزيج بين عدة طرق وأساليب علاجية لتحقيق أقصى فائدة للمصاب وتخفيف أعراضه، وتتضمن العلاجات ما يلي:

١- تغيير نمط الحياة

يمكن لتعديل بعض العادات اليومية واتباع قواعد وممارسات صحية أن تحدث أثراً علاجياً وإيجابياً على أعراض متلازمة المثانة المؤلمة، وتضم التالي:

  • تغيير عادات الطعام والشراب لأن العلماء وجدوا ارتباطاً بين تناول بعض الأطعمة والمشروبات بتحريض الأعراض.
  • شرب كميات كافية من الماء لتجنب التجفاف.
  • التوقف عن التدخين.
  • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
  • التقليل من التوتر النفسي والانفعال لارتباطه بتحريض نوبات الألم.
٢- تمرين المثانة

أحد الإجراءات التي يمكن أن تساهم في علاج متلازمة المثانة المؤلمة والتخفيف من أعراضها. وخصوصاً الأعراض المرتبطة بالشعور بالألم عند امتلاء المثانة والشعور الملح للتبول حتى وإن كانت المثانة غير ممتلئة.

ويتم إجراء تدريب المثانة من خلال تجنب الدخول المتكرر للتبول كلما شعر المريض بالإحساس بامتلاء المثانة الكاذب. حيث يحاول الانتظار لفترة أطول من الزمن في كل مرة يشعر فيها برغبة في التبول.

هذا الوقت وهذا الانتظار والتحمل للإحساس يعطي مع الوقت مرونة وتمطط أكبر لجدار المثانة وحجمها، مما يساهم في زيادة قدرتها على تخزين البول والتخفيف من الأعراض عند المريض المصاب بالتهاب المثانة الخلالي.

٣- الأدوية

يتركز العلاج بالأدوية على المسكنات بالدرجة الأولى ومضادات الالتهاب والمرخيات العضلية، حيث تفيد هذه الأدوية في تخفيف ألم المريض وإراحة الأعراض والتقليل من حالة التهيج والالتهاب في جدار المثانة.

وتختلف استجابة كل حالة عن بقية الحالات للمسكنات، فبعض الحالات يمكن السيطرة عليها بمسكنات خفيفة التأثير، وبعضها الأخر يحتاج لأدوية مسكنة ذات تأثير أقوى.

كما يمكن أن تضاف الأدوية النفسية وخصوصاً أدوية الاكتئاب وبعض أدوية القلق للأدوية التي يمكن أن تعطى لمرضى متلازمة المثانة المؤلمة لعلاج الأعراض والسيطرة عليها.

٤- العلاج الفيزيائي

يفيد اللجوء إلى العلاج الفيزيائي بإشراف مختص علاج فيزيائي في تحسين الأعراض المرتبطة بالتهاب المثانة الخلالي، وخصوصاً أعراض الألم وعدم الارتياح في منطقة أسفل البطن والحوض.

حيث يمكن من خلال مجموعة من الإجراءات والتوجيهات كتمارين معينة أو وضعيات معينة أن تساهم في إراحة الألم والانزعاج عند المريض.

٥- غسل المثانة أو الحقن داخل المثانة (Bladder instillation)

وهو أحد الطرق العلاجية المستخدمة لعلاج الالتهاب والقائم على غسل جوف المثانة من الداخل بسوائل تحوي على مواد دوائية تخفف من الأعراض وتريحها.

ويتم الوصول إلى المثانة عن طريق قثطرة يتم إدخالها عن طريق الإحليل وبعدها يتم حقن المواد الدوائية والتي تكون عبارة عن مسكنات ومضادات التهاب.

وبعد حقن المواد في المثانة تترك في جوفها لمدة ربع ساعة قبل أن يسمح بإفراغ هذه المواد عن طريق التبول.

٦- العلاج الجراحي والعمليات على المثانة

ويشكل الخيار والخط الأخير لعلاج التهاب المثانة الخلالي وذلك في الحالات التي تفشل فيها كل أنواع وخطط العلاج ولا تتحسن أبداً.

والتي تكون فيها الأعراض شديدةً ومستمرةً وتؤثر على جودة حياة المصاب بشكل كبير. وتتضمن الخيارات الجراحية التي يمكن اجراؤها ما يلي:

  • تكبير المثانة جراحياً وزيادة حجمها (Cystoplasty)
  • استئصال المثانة التام (Cystectomy)

الملخص

إن متلازم المثانة المؤلمة قد تسبب شعور بالإحراج للمريض، ولكن الانتظار وعدم مصارحة واستشارة الطبيب عند بدء الأعراض قد يؤدي لتأخير العلاج

يجب فحص أي حالة تتعلق بشكوى وأعراض في الجهاز البولي وذلك من أجل وضع التشخيص المناسب بأقرب وقت والبدء بالعلاج مباشرة وذلك من خلال استشارة الطبيب المختص.