مرض التنكس البقعي: الأعراض والأسباب والعلاج

الكاتب - 19 ديسمبر 2022

تتأثر الرؤية بشكل شائع مع التقدم في العمر، ويعود ذلك للعديد من الأسباب المرضية، ومن أهمها مرض التنكس البقعي. فما هو هذا المرض؟ وكيف يتم علاجه؟

ما هو مرض التنكس البقعي؟

تتألف العين من عدة طبقات تعمل معاً لتتم الرؤية بالطريقة الصحيحة، وتبطن هذه الطبقات، طبقة داخلية رقيقة تعرف باسم الشبكية، والتي تشكل القسم المستقبل لأشعة الخيال المنظور إليه.

حيث تحول الشبكية هذه الأشعة لتنبيهات وترسلها إلى الدماغ، بالتالي تحدث عملية الرؤية.

وتعتبر البقعة (اللطخة الصفراء) الجزء الأهم من الشبكية، حيث تكون فيها القدرة البصرية بشكلها الأعظم، ومن خلالها نستطيع أن نقرأ الكلمات ونقود السيارات ونتعرف على الوجوه ونميز الألوان والتفاصيل.

ويمكن تعريف مرض التنكس البقعي، بأنه تنكُس يصيب البقعة (اللطخة الصفراء)، وتتدهور فيه طبقة الخلايا الشبكية بشكل بطيء وعلى مدار السنين، مما يؤدي لحدوث مشاكل في الرؤية المركزية، تتدرج من ضعف القدرة البصرية إلى فقدانها بشكل نهائي (العمى).

يعد مرض التنكس البقعي السبب الرئيسي لفقدان البصر عند المتقدمين في العمر (الأكبر من 60 عاماً)

وحسب آخر الدراسات الإحصائيّة، فإنه كان المتوقع أن يصل عدد المصابين حول العالم إلى 196 مليون مصاب في عام 2020، ويرتفع إلى 288 مليوناً في حلول عام 2040. (دراسة)

أعراض مرض التنكس البقعي

تختلف الأعراض من حالة إلى أخرى، وذلك حسب نوع التنكس الحاصل وشدته، بالإضافة لعوامل مرتبطة بالصحة العامة للمريض والأمراض المرافقة.

إلا أن ضعف الرؤية يكون مشترك بين كل هؤلاء، بالإضافة إلى:

  • تشوش الرؤية أو الرؤية الضبابية
  • صعوبة التعرف على الوجوه
  • تموج وتعرج الخطوط المستقيمة التي يراها المريض
  • يعاني المريض من وجود بقعة سوداء تتفاوت في الحجم، في منتصف ساحة الرؤية
  • فقدان الرؤية المركزية الضرورية للقيادة والقراءة وأداء الأعمال التي تحتاج رؤية قريبة
  • مشاكل في تقدير المسافات بشكل صحيح، وزيادة حوادث السقوط
  • صعوبة في الرؤية تكون أكبر في الأماكن المظلمة، وزيادة الحاجة للإضاءة من أجل المهام البسيطة
  • مشاكل في معرفة اللون ومشتقات اللون

تتشابه الأعراض السابقة مع أي مرض قد يؤثر على شبكية العين، لذلك يجب أن يربط الطبيب بين القصة المرضية الخاصة بالمريض والأعراض.

بالإضافة لفحص قعر العين عبر جهاز خاص وكشف الترابيق وهي ترسبات صغيرة صفراء اللون مميزة للتنكس البقعي، وتعد من العلامات الباكرة للمرض.

أسباب مرض التنكس البقعي

لا يزال السبب الدقيق وراء حدوث مرض التنكس البقعي غير معروف، حيث إنه رغم مئات الدراسات والأبحاث المجراة على هذا المرض، لم يتم تحديد سوى مجموعة من عوامل الخطورة التي تزيد من احتمالية الإصابة به، دون الاهتداء على سبب مؤكد للتنكس البقعي.

ومن أهم عوامل الخطورة المُتّهمة:

  • العمر: يعد العمر من أهم عوامل الخطورة، حيث إنه كلما تقدم الشخص بالعمر كلما زادت احتمالية الإصابة.
  • العِرق: وجدت الأبحاث انتشار مرض النتكس البقعي عند العِرق القوقازي، مقارنًة مع ذوي البشرة السوداء أو الأصول الإسبانية. (دراسة)
  • الوراثة: تلعب الوراثة دوراً مهماً في ظهور المرض، وحدد العلماء عبر تجاربهم حوالي 19 مورثة متهمة في الحمض النووي. وتتنوع المشاكل الخاصة بهذه المواقع الوراثية، مثل المشاكل المناعية أو نمو الأوعية الدموية أو استقلاب الدهون أو تصلب الشرايين.
  • التدخين: يشكل التدخين عاملاً مهماً لحدوث التنكس البقعي، وهذا الأمر الذي قد يغفل عنه المرضى وحتى الأطباء.
    • فالتدخين يساهم في تكوين بيئة جزيئية مناسبة لحدوث التنكس والتي تتضمن على سبيل المثال التهابا في الأوعية وأضرار تأكسدية وتغيرات في البطانة الوعائية.
  • ارتفاع التوتر الشرياني: يوجد ارتباط متوسط إلى خفيف بين ارتفاع التوتر الشرياني ومرض التنكس البقعي، فحسب التجارب قد يؤدي ارتفاع ضغط الدم المستمر وغير المضبوط إلى تطوير التنكس عبر آليات بيولوجية متعددة. (دراسة)

أنواع المرض

يوجد نمطان رئيسيان للتنكس البقعي، يختلفان عن بعضهما بالمسببات وشدة الأعراض. كالتالي:

  • التنكس البقعي الجاف: يعد الشكل الأكثر شيوعاً بنسبة تصل إلى 80% من مرضى التنكس ويحدث عندما تصبح البقعة أرق وذلك خلال سنين، وتنمو خلال هذه الفترة ترسبات خارج خلوية تعرف باسم الترابيق. يفقد المريض بهذه الحالة رؤيته المركزية بالتدريج.
  • التنكس البقعي النتحي: يعد الأقل شيوعاً إلا أنه أكثر خطورة من النمط الجاف، ويتميز هذا النمط بنمو أوعية دموية جديدة تحت طبقة الشبكية، والذي ينتج عنه ترسب الدم و السوائل الأخرى، الأمر الذي يسبب تندب وتنكس. وفي هذه الحالة يفقد المريض قدرته البصرية بشكل أسرع.

علاج مرض التنكس البقعي

يعتمد الخيار العلاجي المتبع حسب النوع ودرجة التنكس الحاصل، ولكن لايوجد علاج محدد يمكن أن يوقف تطور المرض بالمراحل الأولى.

وقد يطلب الطبيب مراقبة مستمرة منتظمة، بالإضافة لممارسة الرياضة والإقلاع عن التدخين والإجراءات الصحية الموصى بها.

أكدت دراسة عام 2019 أن تناول الفيتامينات والمعادن بشكل منتظم قد يفيد في إبطاء تطور المرض في حال كان درجته خفيفة أو متوسطة، أو إبطاء تطوره في العين الأخرى في حال كانت درجته متقدمة في العين المصابة.

إذا كان المريض مصاب بالنمط النتحي، قد تفيد عدة إجراءات علاجية، والتي تتضمن:

  • الحقن الدوري في العين للأدوية المضادة لعامل النمو البطاني الوعائي (VEGF)
  • العلاج الضوئي الحركي، المتمثل بحقن وريدي والعلاج بالليزر

للأسف لا يوجد تدابير علاجية للنمط الجاف، إلا أن الأبحاث لا تزال قائمة بحثاً عن حل لها المرض. ولكن يوجد عدة إرشادات داعمة لنمط الحياة من اجل التعايش مع المشاكل البصرية الموجودة.

في الختام، لابد من التأكيد على أن الزيارة الدورية لطبيب العيون مهمة جداً، وبشكل خاص عند المتقدمين في السن، بالإضافة إلى الابتعاد عن العادات الضارة والالتزام بأسلوب الحياة الصحي.