هرمون الميلاتونين: الوظيفة واضطراب المستويات

الكاتب - أخر تحديث 9 أغسطس 2023

يعتبر هرمون الميلاتونين أحد الهرمونات الحيوية التي تلعب دوراً مهماً في جسم الإنسان. فهو يتحكم في دورة النوم والاستيقاظ، كما يؤثر على العديد من الوظائف الحيوية الأخرى مثل درجة الحرارة الداخلية للجسم وضغط الدم وإفراز الهرمونات الأخرى.

في هذه المقالة، سنتعرف على أهمية هرمون الميلاتونين ووظيفته، بالإضافة إلى تأثير اضطراب مستوياته على الجسم.

التعريف

يتم انتاج هرمون الميلاتونين "Melatonin" من الغدة الصنوبرية "Pineal gland" بشكل أساسي، وهي غدة صماء صغيرة توجد في الدماغ. ولهذا الهرمون دور أساسي في تنظيم الساعة البيولوجية اليومية عند الإنسان.

ويعبر النظم البيولوجي اليومي عن تغيرات جسدية وعقلية وسلوكية تسير وفق دورةٍ مدتها 24 ساعة. ومن أهم وأشهر هذه الإيقاعات اليومية دورة النوم والاستيقاظ، والتي تستجيب في المقام الأول للضوء والظلام، حيث تفرز الغدة الصنوبرية أعلى مستويات الميلاتونين أثناء الليل وكميات قليلة خلال النهار.

كما يمكن تصنيع الميلاتونين صناعياً في المختبر وبيعه كمكمل غذائي، إلا أنه غير معتمد رسمياً من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، ومن المهم التحدث إلى الطبيب قبل تناول مكملات الميلاتونين لأي سبب كان.

تنظيم الإفراز

يتم تحفيز إنتاج هرمون الميلاتونين ضمن الإيقاع اليومي عن طريق منطقة من الدماغ تسمى النواة فوق التصالبية "Suprachiasmatic Nucleus".

تتصل النواة فوق التصالبية بالغدة الصنوبرية من خلال مسار معقد يمر عبر مناطق مختلفة في الدماغ، ويتحكم هذا المسار في إنتاج هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم الساعة البيولوجية في الجسم. وعندما تتلقى النواة فوق التصالبية إشارات من شبكية العين عند تعرض الجسم للضوء النهاري، ترسل إشارات مثبطة إلى الغدة الصنوبرية بالتالي يؤدي إلى تقليل إنتاج الميلاتونين خلال النهار. أما في الليل، فتكون النواة فوق التصالبية أقل نشاطاً، مما يؤدي إلى تخفيض التثبيط وزيادة إنتاج الميلاتونين بواسطة الغدة الصنوبرية.

يلعب الضوء دوراً مهماً في تنظيم إنتاج الميلاتونين، حيث يساهم في ضبط نشاط النواة الفوق التصالبية بالتالي تحديد وقت إفراز الميلاتونين، ومن الجدير بالذكر أن التعرض للضوء خلال الليل البيولوجي للجسم (الذي يحفز فيه الساعة البيولوجية النوم) يقلل من إنتاج وإفراز الميلاتونين.

وظيفة هرمون الميلاتونين

يعرف هرمون الميلاتونين بأنه هرمون النوم، حيث يعمل على تحسين جودة النوم، ومع ذلك فإن النوم الجيد ليس مرتبطاً فقط بمستويات الميلاتونين في الجسم، بل يتأثر بالعديد من العوامل الأخرى.

تعمل الغدة الصنوبرية التي تفرز هرمون الميلاتونين على تلقي معلومات عن الدورة اليومية للنهار والليل من الشبكية في العين، وبناءً عليها تطلق الميلاتونين، كما يلاحظ أن الأشخاص المصابين بالعمى يعانون من دورات ميلاتونين غير منتظمة، مما يؤدي إلى اضطرابات في نظم الساعة البيولوجية.

بالإضافة إلى دوره فيما يلي:

  • يتفاعل مع الهرمونات الأنثوية، وأيضا يساعد في تنظيم الدورة الشهرية.
  • بالإضافة إلى ذلك يحمي الميلاتونين من التنكس العصبي "Neurodegeneration" وهو الفقد التدريجي لوظيفة الخلايا العصبية والذي يحدث في حالات معينة مثل مرض الزهايمر ومرض باركنسون. (1)
  • وقد وجد الباحثون أن الأشخاص الذين أزيلت عندهم الغدة الصنوبرية جراحياً قد عانوا من تسارع في الشيخوخة، ولذلك يعتقد بعض العلماء أن الميلاتونين الطبيعي قد يكون له خصائص مضادة للشيخوخة. (2)

اضطرابات مستويات هرمون الميلاتونين

يمكن في بعض الأحيان أن يحدث اضطراب في مستويات هرمون الميلاتونين، وتشمل هذه الاضطرابات عوز أو فرط الهرمون.

١- عوز الميلاتونين

يمكن أن يلعب نقص هرمون الميلاتونين أيضا دوراً في الاضطرابات المتعلقة بنظم الساعة البيولوجية، وهي مجموعة من اضطرابات النوم التي تشترك جميعها في توقيت النوم، وتشمل ما يلي:

  • اضطراب مرحلة النوم المتأخر: وفيه يتأخر نظم الساعة البيولوجية ساعتين أو أكثر، بالتالي ينام المرء متأخراً ويستيقظ متأخراً.
  • اضطراب طور النوم المتقدم: وفيه يغفو المريض في وقت مبكر من المساء ويستيقظ في الصباح الباكر.
  • إيقاع النوم والاستيقاظ غير المنتظم: تكون دورة نوم والاستيقاظ غير محددة في هذه الحالة، كما يمكن للمريض أخذ عدد من القيلولات خلال 24 ساعة.
  • متلازمة النوم والاستيقاظ اللايومامي: حيث تكون مدة النوم والاستيقاظ ثابتةً، ولكن تكون مدة الساعة البيولوجية أكثر من 24 ساعة؛ وعندها تتغير دورة النوم والاستيقاظ الفعلية وتتأخر من ساعة إلى ساعتين كل يوم.

ويمكن أن تتسبب الاضطرابات السابقة في تقليل ساعات ونوعية النوم (أي يمون إيقاع النوم غير منتظم)، مما قد يسهم في تطور حالات مختلفة مثل:

  • ارتفاع ضغط الدم
  • مقاومة الإنسولين
  • البدانة
  • المتلازمة الاستقلابية
  • زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي وسرطان البروستات
  • زيادة خطر الإصابة بالنمط الثاني من مرض السكري
أسباب نقص الهرمون

هنالك نوعان لأسباب نقص هرمون الميلاتونين وهي:

  • أسباب أولية تؤثر مباشرةً على الغدة الصنوبرية، مثل تلف الغدة الصنوبرية أو ورم الغدة الصنوبرية.
  • الأسباب الثانوية هي عوامل بيئية أو دوائية، وتشمل:
    • العمل بنظام الورديات
    • الشيخوخة
    • الأمراض العصبية التنكسية
    • أدوية حاصرات بيتا
    • أدوية حاصرات قنوات الكالسيوم
    • مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين
٢- فرط الميلاتونين

يحدث فرط هرمون الميلاتونين عندما تكون هناك مستويات الهرمون أعلى من اللازم في الليل. وتنجم معظم حالات فرط الميلاتونين عن تناول الكثير من مكملات الميلاتونين أو أدوية النوم المرتبطة بهذا الهرمون، حيث من النادر حدوث فرط الميلاتونين بشكل طبيعي، وتشمل الحالات الطبية المرتبطة بذلك ما يلي:

  • قصور الغدد التناسلية مع نقص موجهة الغدد التناسلية "Hypogonadotropic hypogonadism".
  • فقدان الشهية العصبي "Anorexia nervosa".
  • متلازمة المبيض متعدد الكيسات (PCOS).
  • متلازمة رابسون ميندنهال "Rabson-Mendenhall syndrome" وهي حالة وراثية نادرة تتميز بمقاومة شديدة للإنسولين وارتفاع نسبة السكر في الدم.

وتشمل أعراض فرط هرمون الميلاتونين في الدم ما يلي:

  • النعاس أثناء النهار
  • انخفاض درجة حرارة الجسم
  • الدوخة
  • انخفاض مقوية العضلات ويشير هذا المصطلح إلى نقص القوة التي تنتجها العضلات أثناء الانقباض والاسترخاء.

الميلاتونين الصناعي

يمكن لمكملات هرمون الميلاتونين أن تساعد في بعض الحالات، ولكن من المهم زيارة الطبيب قبل أخذها، ومن أبرز الحالات نذكر ما يلي:

  • اضطراب الرحلات الجوية الطويلة "Jet lag": والذي يسبب اضطراباً في النوم وتعباً في النهار ومشاكل هضمية نتيجة السفر عبر مناطق زمنية مختلفة.
  • اضطراب النوم واليقظة المتأخرين
  • اضطراب النوم عند الأطفال، كالذي يحدث مع حالات صحية معينة كالأكزيما التأتبية والربو واضطراب طيف التوحد واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.

التأثيرات الجانبية وتعليمات السلامة

لا توجد معلومات كافية حول الآثار الجانبية المحتملة لمكملات هرمون الميلاتونين؛ ويبدو أنها آمنة لمعظم الناس على الأمد القصير، إلا أن الآثار طويلة الأمد ما زالت غير معروفة بعد.

وقد تم الإبلاغ عن آثار جانبية خفيفة على الأمد القصير، وتتضمن بعض هذه الآثار ما يلي:

  • الصداع
  • الدوخة
  • الغثيان
  • النعاس

وبشكلٍ عام يجب الانتباه لما يلي عند أخذ مكملات الميلاتونين:

  • التداخل مع الأدوية الأخرى
  • التحسس من الدواء
  • لا توجد دراسات عن أمان مكملات الميلاتونين في حال الحمل والإرضاع.
  • الحذر عند إعطاء المكمل للمسنين، والذي يمكن أن يسبب لهم النعاس خلال وقت النهار أكثر من غيرهم.
  • الحذر عند إعطاء المكمل للأطفال، حيث من الممكن أن يعانوا من فرط الجرعة في حال إعطائهم المكمل دون استشارة الطبيب؛ وعادةً ما تشمل الآثار الجانبية المحتملة لمكملات الميلاتونين لدى الأطفال ما يلي:
    • النعاس
    • زيادة التبول في الفراش
    • الصداع
    • الدوخة
    • الهياج