اعتلال الكلية السكري

الكاتب - أخر تحديث 23 مايو 2023

يقلق المصابون بمرض السكري بشأن المضاعفات الصحية المحتملة مع المرض، ويعتبر اعتلال الكلية السكري أحد هذه المضاعفات التي تحمل خطراً على الصحة.

فبحسب دراسة أجرتها منظمة الاتحاد الدولي لمرض السكري وصل عدد مرضى السكري في الوطن العربي إلى ٣٧ مليون شخص تتراوح أعمارهم بين ٢٠- ٧٩.

ولذلك أصبح من الضروري فهم المضاعفات المرتبطة بهذا المرض.

ما هو اعتلال الكلية السكري

يعبِّر مصطلح اعتلال الكلية السكري أو مرض الكلى السكري عن الضرر الحاصل للكلية نتيجة الإصابة بداء السكري.

هذا الضرر- في حال لم يتم احتواءه وعلاجه- قد يتطور خلال عدة سنين لتكون نتيجته النهائية هو القصور الكلوي المزمن.

ولكن بالعلاج المبكر والالتزام بالفحوصات والأدوية يمكن السيطرة على تطور المرض.

أكثر من ٤٠٪ من حالات الفشل الكلوي مرتبطة ارتباطاً مباشراً بمرض السكري ومضاعفاته، ولكن هذا لا يعني أن كل مريض سكري قد تتطور لديه حالة اعتلال الكلية السكرية.

يؤثر اعتلال الكلية السكري على الأشخاص المصابين بالنمط الأول و الثاني من مرض السكري، إلا أن النمط الأول هو الأكثر شيوعاً.

كما وتزداد خطورة الحالة بعوامل مثل ارتفاع ضغط الدم، وتاريخ عائلي بحالات أمراض الكلى والفشل الكلوي.

يقدر أن مريض السكري ذو العلاج غير المضبوط، يحتاج لـ 10 إلى 15 سنة تقريبًا، كي تبدأ الإصابات الكلوية لديه بالظهور، ولكن الأمر ليس حتميًا ويعتمد على عدة متغيرات ومعطيات تزيد أو تخفض من احتمال الإصابة.

لحسن الحظ فمع الضبط الجيد للسكري والمراقبة الدورية، تصبح الإصابة الكلوية بعيدة الحدوث.

ماذا يحدث للكلية خلال داء السكري

إن وظيفة الكلية تتمثل بالتخلُّص من الفضلات التي ينتجها الجسم، وتنظيم مستويات السوائل في الجسم، وذلك عبر شبكة من النُبيبات والأوعية الدموية الدقيقة التي تُعرف مجتمعة باسم النفرون.

أهم ما في النفرون هو وجود كتلة من النُبيبات الملتفة التي تُدعى الكبيبة الكلوية، وهي الجزء المسؤول عن تصفية الدم.

ولكن في حال الإصابة بالسكري تتأثر وظيفة كبيبات الكلى بالمستويات المرتفعة من سكر الدم، وذلك يؤدي لظهور العديد من المواد الكيميائية السامة التي تتلف الكبيبة وتؤثر على عملها.

كنتيجة لذلك يتم إلقاء بعض المركبات البروتينية مثل الألبومين. فيظهر في البولة مادة البيلة الألبومينية الزهيدة وقد تتطور الأمور لتشكل البيلة البروتينية حين تصبح الحالة غير قابلة للعكس.

إن استمرار ارتفاع مستويات السكر بالتزامن مع تسرب المركبات البروتينية يؤدي لتندبات موضعية في الكبيبات الكلوية. ثم وخلال عدة سنوات تمتد الندب للمزيد من الخلايا فتسبب ما يُعرف بتصلب الكبيبات، الذي يعيق الكبيبة عن أداء وظيفتها.

رغم وجود هذه النسج الندبية تستطيع بقية الكُبيبات أن تعوض وتقوم بالتصفية المطلوبة، ولكن ومع مرور الزمن قد تزداد الأنسجة المتندبة وتحل محل أنسجة الكلية السليمة.

مراحل اعتلال الكلية السكري

يتم تصنيف اعتلال الكلية السكري بناءً على معدل الرشح الكبي (GFR)، والذي يفيد في تقييم وظيفة الكلية وقدرتها على الإطراح، حيث تتراوح قيمه الطبيعية بين 90-120 مل/د.

تُقسم مراحل اعتلال الكلية السكري إلى خمس مراحل تكون الأولى بداية الأذية الكلوية، وتنتهي بحدوث فشل كلوي نهائي.

المرحلةGFRالوصفوظيفة الكلية
المرحلة الأولىأكبر من ٩٠- تكون احتمال بداية أذية كلوية
- ظهور علامات أخرى تدل على الأذية (مثلاً وجود بروتين في البولة "بيلة بروتينية")
- يمكن تفادي تراجع الحالة بالعلاج المناسب
٩٠ - ١٠٠٪
المرحلة الثانيةبين ٦٠- ٨٩- يكون هنالك أذية طفيفة في الكلية
- تراجع خفيف في الوظائف الكلوية
٦٠- ٨٩٪
المرحلة الثالثةبين ٣٠- ٥٩- أذية متوسطة في الكلية
- تراجع كبير في الوظائف الكلوية
- بداية ظهور الأعراض
٣٠- ٥٩٪
المرحلة الرابعةبين ١٥- ٢٩- أذية عالية في الكلى
- تراجع شديد في وظائف الكلية
١٥- ٢٩٪
المرحلة الخامسةأقل من ١٥- حدوث قصور كلوي (الداء الكلوي المزمن الإنتهائي)
- يحتاج المريض لمعالجة كلوية بديلة، مثل زرع كلية
أقل من ١٥٪

أعراض اعتلال الكلى السكري

لا تظهر الأعراض إلا عند تقدم الحالة والوصول للقصور الكلوي المزمن، وتضم أعراضه:

  • الشعور بالتعب
  • حدوث انتفاخ (وذمة) في اليدين والقدمين والعينين
  • وجود دم في البول
  • زيادة عدد مرات التبول
  • الغثيان والإقياء
  • عسر التنفس
  • حكة جلدية
  • فقدان الوزن

التشخيص

يعتمد التشخيص المبكر لاعتلال الكلية السكري على كشف مستويات البروتين في البول، حيث يُعتبر وجود قيم مرتفعة نسبيًا من الألبومين (بروتين) أول علامات اعتلال الكلية السكري، ويُساعد أيضاً في التشخيص قياس قيم معدل الرشح الكبي (GFR) في تحديد شدة ومرحلة الإصابة.

لذلك توصي جمعية السكري الأمريكية بإجراء فحص سنوي لقيم ألبومين البول، ومعدل الرشح الكبي (GFR)، وذلك بعد خمس سنوات من تشخيص السكري لمرضى النمط الأول، أو فور التشخيص لمرضى النمط الثاني من السكري.

أهم الإجراءات المُتَّبعة لتشخيص اعتلال اكلية السكري:

جمع بول 24 ساعة: تُفحص قيم البروتين والكرياتينين.

  • البيلة الألبومينية الزهيدة: من 30 إلى 300 مغ/ كغ.
  • البيلة الألبومينية الشديدة: أكثر من 300 مغ/ كغ.

جمع البول في وقت محدد: خلال أربع ساعات أو أكثر في منتصف الليل، لتحديد كمية البروتين في البول.

  • البيلة الألبومينية الزهيدة: من 20 إلى 200 ميكروغرام
  • البيلة الألبومينية الشديدة: أكثر من 200 ميكروغرام

قياس الكرياتينين وحساب معدل الرشح الكبي: تعكس قيمة كراتينين الدم درجة الأذية الكلوية، بالإضافة إلى أنها تدخل في حساب معدل الرشح الكبي.

خزعة الكلية: تؤخذ عينة من نسيج الكلية، وتُدرس تحت مجهر ضوئي أو إلكتروني، ويبحث فيها الطبيب عن علامات الاعتلال.

مضاعفات اعتلال الكلية السكري

تحدث المضاعفات في حال حدوث الداء الكلوي المزمن. حيث إن فشل الكلية يتسبب بعدة مشاكل واضطرابات وظيفية. وتعد أهم المُضاعفات المُحتملة:

  • احتباس السوائل: ويحدث نتيجة ضعف في وظيفة الكلية بطرح السوائل الزائدة في الجسم، وبالتالي قد يؤدي لظهور وذمات (تورم) في اليدين والقدمين.
  • فقر الدم: تنتج الكلية هرمون الإريثروبويتين وهو مهم لتكوين الكريات الحمر، لذلك في حال حدوث أذية للكلية ونقص مستوى هذا الهرمون يحدث فقر دم.
  • الحُماض: تحافظ الكلية على قيم الأس الهيدروجيني (ph) ضمن المعدلات الطبيعية، وفي حال نقصت قيم هذا الأس يحدث الحُماض الاستقلابي.
  • اضرابات هضمية: تحدث مجموعة من المشكلات الهضمية مثل الإسهال، النفخة، القرحة الهضمية وغيرها.
  • مشكلات عظمية: تتمثل بحدوث خلل و هشاشة في العظام وذلك ننتيجة اضطرابات الهرمونات المسؤولة عن تنظيم مستوى الكالسيوم و الفوسفات في الدم.
  • ضعف جهاز المناعة: وقد تزداد فرص العدوى والانتان في الجسم نتيجة هذا الضعف.
  • ارتفاع التوتر الشرياني
  • مشكلات قلبية

عوامل الخطورة لمرض الكلى السكري

يوجد العديد من الأمراض والعادات غير الصحية، التي قد تزيد احتمالية حدوث اعتلال الكلية عند مرضى السكري. والتي تضم:

  • وجود مرض السكري منذ زمنٍ طويل
  • كون مستويات السكر عالية بشكل غير مضبوط
  • وجود ارتفاع في التوتر (الضغط) الشرياني
  • زيادة الوزن
  • التدخين

علاج اعتلال الكلية السكري

يهدف العلاج إلى تقليل درجة الأذية التي يُسببه داء السكري، والذي يهدف بشكل أساسي على جعل قيم سكر الدم ضمن الحدود الطبيعية، بالإضافة لضبط ضغط الدم الشرياني، وبناءً عليه تتمحور خطوط العلاج إلى:

العلاج الدوائي:

  • الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE) أو حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين (ARBs): التي تُساعد في خفض قيم الضغط الشرياني، بالإضافة لدورها المهم في حماية الكلية.
  • Finerenone: خيار علاجي للتقليل من التدهور في معدل الرشح الكبي (GFR)، بالإضافة لدوره في الوقاية من أمراض القلب المتعلقة بالقصور الكلوي.
  • الفيتامين-د: يعاني مرضى اعتلال الكلية السكري من نقص في مستويات الفيتامين-د لذلك قد يوصي بعض الأطباء في تعويضها.
  • الستاتين: لضبط قيم الكوليسترول.
  • مثبطات ناقل الجلوكوز الصوديوم 2 (SGLT2) أو ناهضات مستقبلات الببتيد 1 الشبيهة بالغلوكاغون (GLP-1RAs): توصي الكلية الأمريكية لأمراض القلب باستخدام الأصناف الدوائية المذكورة، من أجل مرضى القلب ومرضى الداء الكلوي المزمن.

الحمية:

إذا وصل المريض لمراحل متقدمة من اعتلال الكلية السكري، عليه الالتزام بحمية معينة، تتضمن:

  • التحكم في كمية السوائل المستهلكة، وذلك لتخفيف احتباس السوائل الحاصل.
  • التقليل من الملح والصوديوم، لضبط ضغط الدم الشرياني.
  • التقليل من البروتين لتجنّب إجهاد الكلية.
  • ضبط كمية الفوسفور المتناولة (موجودة في الأطعمة البروتينية والألبان) وذلك للتقليل من المشاكل العظمية وحماية الكلية.
  • ضبط كمية البوتاسيوم، وذلك لارتفاع قيمه في الداء الكلوي المزمن، والذي قد يعود بأضرار خطيرة على صحة المريض.

العلاج بالبدائل الكلوية:

يلجأ إليها الطبيب عند وصول الحالة إلى الداء الكلوي الانتهائي (القصور الكلوي)، وتعد خيارات بديلة عن دور الكلية، من أجل تصفية الفضلات والمواد الضارة من الجسم، وتتضمن:

  • الديال الدموي: يمر دم المريض عبر جهاز لغسيل الكلى، والذي يقوم بتصفيته ومن ثم يُعاد إلى المريض.
  • الديال البريتواني: يتم إدخال سائل لجوف البريتوان (غشاء يبطن جوف البطن) يبقى عدة ساعات من أجل تصفية الفضلات من ثم يُزال.
  • زرع الكلية: يعتبر خيارًا أخيرًا، ولكن يلزمه عدة شروط منها التوافق بين المريض والشخص المتبرع.

الوقاية

يمكن لأي مريض سكري تجنّب أي أذية في الكلية أو على الأقل تأخيرها وذلك من خلال ضبط كل من قيم سكر الدم والتوتر الشرياني.

يتم ذلك من خلال الالتزام بالأدوية ومراقبة القيم وأيضًا تعديلات على نمط الحياة.

ضبط قيم السكر

على مريض السكري، أن يحافظ على قيم سكر الدم ضمن حدوده الطبيعية، لذا من المهم مراقبته وذلك يتم من خلال:

١-استخدام الأجهزة المنزلية
٢-فحص قيم الخضاب الغلوكوزي (A1C) حيث يجب أن تكون القيم أقل من 7% وإلا فعلى المريض تعديل نمط حياته، أو على الطبيب القيام بتعديل الأدوية.

ضبط ضغط الدم

يزيد ارتفاع التوتر الشرياني من احتمال الأذية الكلوية. تجنبًا لذلك؛ يجب على المريض أن يراقب ضغطه بحيث لا يتجاوز 140/90 ملم زئبقي.

للأدوية الخافضة للضغط دور ملحوظ في حماية الكلية وإبطاء التلف الكلوي في حال حدوثه. ومنها:

١-مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACEI)
٢-حاصرات مستقبل الأنجيوتنسين (ARBs).

تقليل استهلاك البروتين

إن وجود البروتين في غذائنا مهم، ولكن الإكثار منه قد يكون له نتائج سيئة على وظيفة الكلية. حيث كشفت دراسة أهمية دور الحمية قليلة البروتين في تأخير حدوث الأذية الكلوية.

التداخلات الدوائية

يوجد العديد من الأدوية المُتَّهمة في إلحاق الضرر بالكلية، لذا من المهم مشاركة الطبيب بالأدوية المستخدمة قبل وصف أي دواء جديد. تطول قائمة الأدوية هذه، وأهمها:

  • بعض الأدوية الخافضة لسكر الدم، مثل الميتفورمين.
  • مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) مثل الإيبوبروفين.
  • بعض الصادات الحيوية، مثل أمينوغليكوزيدات أو فانكومايسين.
  • مثبطات مضخة البروتون، مثل الأوميبرازول.

العادات الصحية

يوجد مجموعة من العادات الصحية، التي تفيد عند اتِّباعها مع ما ذكر سابقًا، في تجنُّب مجموعة واسعة من المضاعفات. ومنها:

  • الابتعاد عن التدخين بأشكاله
  • اتِّباع حمية للسكري
  • اتباع حمية قليلة الملح للتوتر الشرياني
  • ممارسة الرياضة بانتظام
  • الحفاظ على وزن مناسب
  • النوم بشكل كافي، أي بين ال7 إلى 8 ساعات.

في الختام، يجب ألّا ينسى المريض أخذ الأدوية الموصى بها لحالته من السكري والتوتر الشرياني، كما ويمكنه أن يضبط منبهًا في حال كان ينسى الجرعات.