الذبحة الصدرية وكل ما يجب أن تعرفه عنها

المراجعة الطبية - M.D
الكاتب - أخر تحديث 23 مايو 2023

الذبحة الصدرية هي من أكثر أمراض القلب شيوعاً وأشهرها على الاطلاق، وتحدث لأسباب عدة، وبطبيعة الحال فإن حدوث الذبحة الصدرية أو أي عرض قلبي يعتبر أمراً غير مقبول، وذلك كون القلب هو المسؤول عن تزويد كل أعضاء الجسم بالدم والأوكسجين.

فما هي الذبحة الصدرية وما أعراضها ومسبباتها؟

ما هي الذبحة الصدرية؟

الذبحة الصدرية أو خناق الصدر (Angina) هي حالة من الألم وعدم الارتياح في منطقة الصدر، تحدث بشكل مفاجئ أو تتطور تدريجياً، وتعد عرضاً لمرض قلبي أخر بحاجة تشخيص وليست مرضاً بحد ذاتها.

يشعر الشخص الذي يعاني من الذبحة بألم وعدم ارتياح قد يكون حارقاً أو طاعناً أو عاصراً في منطقة فوق القلب مباشرةً أو الصدر ككل.

وقد ينتشر الألم وعدم الارتياح للكتفين والذراعين والفك، وممكن أن يترافق بالزلة التنفسية، حيث يشعر الشخص بعدم القدرة على التنفس بشكل جيد، إضافة لأعراض أخرى كالتعب والغثيان وتسرع القلب.

والآلية الرئيسية لظهور الذبحة الصدرية وأعراضها هو وجود منطقة أو عدة مناطق من العضلة القلبية لا يصلها الدم والأوكسجين بشكل كاف بسبب وجود اضطرابات تمنع وصول الدم لهذه المناطق من القلب.

يؤدي نقص تروية بعض مناطق العضلة القلبية إلى حدوث ضعف وتراجع في وظيفة وعمل هذه المناطق ويتظاهر هذا الأمر بحدوث الذبحة الصدرية.

الأسباب

يعد نقص وصول الدم الى منطقة ما من العضلة القلبية هو المسبب الرئيسي لحدوث الذبحة الصدرية، حيث يقل وصول الأوكسجين للخلايا في المنطقة، وتصبح غير قادرة على أداء عملها تدريجياً نتيجة عدم ترويتها بالدم والأوكسجين بشكل جيد، وتكون النتيجة هي ظهور أعراض الذبحة.

وبالتالي فإن أي مرض أو مشكلة قلبية تؤثر على الشرايين التي تغذي العضلة القلبية والتي تدعى بالشرايين الإكليلية أو التاجية (coronary arteries) كتضيق هذه الشرايين الإكليلية أو تشنجها أو عدم وصول دم كاف إليها سيسبب في حدوث نقص تروية للعضلة القلبية وبالتالي حدوث الذبحة الصدرية.

وتشمل أهم الأمراض القلبية التي تترافق بحدوث الذبحة الصدرية ما يلي:

١- مرض الشرايين الإكليلية:

يحدث فيه تضيق في الشرايين الإكليلية المغذية للعضلة القلبية، وقد يتطور بشكل تدريجي مع العمر ويكون مرافقاً عادة لمرض يدعى التصلب العصيدي أو تصلب الشرايين (Atherosclerosis).

أو قد يحدث تضيق أو انسداد مفاجئ كما في حالة الجلطة القلبية، وتكون النتيجة هي ضعف ونقص جريان الدم لخلايا العضلة القلبية نتيجة تضيق الشرايين، وحدوث نقص التروية والذبحة الصدرية، كما ويعد مرض الشرايين الاكليلية السبب الأشيع لحدوث الخناق.

٢- تشنج الشرايين الإكليلية:

تتميز شرايين الجسم ككل ومن ضمنها الشرايين الإكليلية المغذية للعضلة القلبية بقدرتها على التمطط والتشنج نتيجة وجود ألياف عضلية في جدرانها، ولكن هذا الأمر يحمل أثراً سلبياً لأنه في بعض الحالات قد يحدث تشنج في هذه الألياف العضلية الموجودة في جدار الشريان.

نتيجة هذا التشنج يحدث تضيق في قطر الشريان وبالتالي ضعف في تدفق الدم ضمنه على الرغم من كونه سليم البنية.

عندما يحدث تشنج في الشرايين الإكليلية المغذية للقلب يضعُف تدفق ووصول الدم لخلايا العضلة القلبية وتظهر أعراض الذبحة الصدرية.

٣- ارتفاع التوتر الشرياني غير المعالج:

ارتفاع التوتر الشرياني أو مرض الضغط يعتبر من الأمراض المنتشرة والمزمنة، والتي تكون بحاجة لمراقبة وضبط القيم المرتفعة للضغط بواسطة العلاج الدوائي.

لأنه في حال عدم ضبط الضغط الشرياني وبقاء التوتر الشرياني مرتفعاً لفترات طويلة سيتأثر القلب والجسم ككل بالاختلاطات الناجمة عن ارتفاع التوتر الشرياني، ومن ضمنها حدوث الذبحة الصدرية.

حيث يؤدي وجود ضغط شرياني مرتفع بشكل مستمر إلى زيادة عبء العمل على العضلة القلبية وبالتالي ستحتاج لتقلص أكبر وأقوى لضخ الدم لأنحاء الجسم المختلفة، وهذا يجعل حاجة عضلة القلب للتروية الدموية والأوكسجين أكثر لتقوم بهذا العمل.

وعلى المدى الطويل قد يحدث ضعف وعدم قدرة على تلبية احتياجات القلب من الأوكسجين والدم وسيظهر خناق الصدر والذبحة الصدرية.

٤- تضييق الصمام الأبهري:

الصمام الأبهري هو أحد صمامات القلب، والذي يسمح بمرور الدم المحمل بالأوكسجين من القلب باتجاه الشريان الأبهر الذي يعتبر الشريان المركزي في الجسم، يخرج منه الكثير من الفروع التي تغذي كل أعضاء الجسم، ومن ضمن هذه الفروع الشرايين الإكليلية المسؤولة عن تغذية القلب، والتي تتفرع من الشريان الأبهر بعد الصمام مباشرةً.

وفي حال حدوث مشكلة أو اضطراب في الصمام الأبهري تعمل على تضيقه وعدم انفتاحه بشكل جيد، ولا يسمح للدم بالمرور بشكل طبيعي من خلاله وسيسبب ذلك ضعفاً وقلةً في مرور الدم إلى الشريان الأبهر وبالتالي إلى الشرايين الإكليلية.

كما سيتسبب ذلك أيضاً بحدوث نقص تروية للعضلة القلبية وسيتجلى هذا الأمر بحدوث الذبحة الصدرية.

٥- ضخامة القلب وتوسعه:

يصبح القلب متضخماً وكبير الحجم بشكل ملحوظ عن الحجم الطبيعي، وذلك بسبب بعض الأمراض والاضطرابات القلبية التي لا تتم معالجتها بشكل صحيح أو مبكر، كحالات ارتفاع التوتر الشرياني وأمراض صمامات القلب وغيرها.

هذه الضخامة في الكتلة العضلية للقلب تترافق مع زيادة حاجة القلب للأوكسجين والتروية الدموية، وفي حال عدم القدرة على تأمين هذه الحاجة المتزايدة للأوكسجين لخلايا العضلة القلبية المتضخمة ستظهر أعراض نقص التروية والذبحة.

أنواع الذبحة الصدرية

لا تكون جميع حالات الذبحة الصدرية متشابهة، فهناك عدة أنواع تختلف فيما بينها من حيث الآلية والعوامل والظروف التي تحرض على ظهور الذبحة وأعراضها.

أما الأنواع الرئيسية فهي كالتالي:

١- الذبحة الصدرية المستقرة أو الخناق المستقر (Stable Angina)

سمي هذا النوع بالمستقر لأنه يحدث في حالات الجهد فقط ويعاني المريض فيه من أعراض ذبحة تكون مألوفةً له.

أي أن المريض لا يعاني من أعراض الذبحة طالما لا يبذل جهداً متوسطاً أو شديداً.

بعبارة أخرى تظهر الأعراض عندما نعرض القلب لجهد يتطلب المزيد من الأوكسجين، ويعد هذا النوع أكثر أنواع الذبحة الصدرية شيوعاً.

وتتحرض أعراض الذبحة الصدرية المستقرة بالجهد كالمشي، وتخف بالراحة وأخذ الأدوية، وتستمر عادة من ٥ إلى ١٥ دقيقة.

٢- الذبحة الصدرية غير المستقرة أو خناق الصدر غير المستقر (Unstable Angina)

وهنا تكون أعراض الذبحة الصدرية غير متوقعة أو مألوفة وتحدث في أي وقت عكس الذبحة المستقرة.

أي يمكن لأعراض الذبحة أن تظهر خلال الراحة والجلوس أو خلال العمل وبذل الجهد وحتى خلال النوم.

الذبحة المستقرة قد تحدث بشكل مباشر للمريض دون إنذار مسبق أو تعرضه لأعراض ذبحة سابقاً أو يمكن أن تتطور من مستقرة إلى غير مستقرة، وهنا يشعر المريض بتبدل أعراض الذبحة لديه.

آلام وأعراض الذبحة الصدرية عادةً تستمر أكثر من ١٥ دقيقة وقد لا تستجيب لتناول الدواء الخاص بالذبحة أو الراحة، وبهذه الحالة يُنصح بمراجعة المشفى أو الطبيب بأسرع وقت.

٣- الذبحة الصدرية التشنجية (Vasospastic angina)

ينجم هذا النوع عن تشنج الشرايين الإكليلية التي تغذي العضلة القلبية.

حيث يؤدي تشنجها إلى تضيقها وبالتالي ينقص جريان الدم الواصل لخلايا العضلة القلبية عبرها ويحدث نقص التروية والذبحة الصدرية.

ويعد هذا النوع من الذبحة الصدرية نادر الحدوث، وأكثر أنواعه شيوعاً يعرف بخناق برينز ميتال (Prinzmetal’sangina).

٤- ذبحة أو خناق الأوعية الدقيقة (Microvascular angina)

وهي تحدث بآلية مشابهة للذبحة الصدرية التشنجية لكن الفرق أن الخناق يصيب الشرايين الشعرية الدقيقة المتفرعة من الشرايين الإكليلية الرئيسية.

وبالتالي تمنع مرور الدم ووصول الأوكسجين لبعض مناطق القلب، وتحدث الذبحة، وتكون مترافقة مع حدوث توتر نفسي وضغط وقلق أو جهد بدني.

الأعراض المرافقة للذبحة الصدرية

تتنوع الأعراض المرافقة لنوبة الذبحة الصدرية وتختلف فيما بينها بين مريض وأخر وأحياناً بين نوبة وأخرى عند نفس المريض، فقد تظهر أعراض معينة وأخرى لا تظهر، وتكون خفيفة أو شديدة.

وفيما يلي أكثر الأعراض المترافقة مع نوبة الذبحة الصدرية وخناق الصدر شيوعاً:

١- الألم الصدري:

وهو العرض الأكثر حدوثاً خلال نوبة الذبحة الصدرية.

ويختلف هذا الألم الصدري من حيث الشدة، والتوزع ونمط الألم حيث يمكن أن يكون:

  • ألم طاعن، حارق أو عاصر في منطقة الصدر، وأحياناً يكون فقط عبارة عن عدم ارتياح غير مفسر.
  • موضعي إما في منطقة الصدر أو ينتشر للكتفين والذراعين وخصوصاً الذراع اليسرى، الكتف والفك السفلي.

٢- ضيق التنفس:

يشعر المصاب خلال النوبة بعدم القدرة على التنفس بشكل عميق والحصول على كمية كافية من الأوكسجين ويتنفس بسرعة ويشعر بالاختناق.

٣- الغثيان والدوار:

يمكن أن تترافق الذبحة الصدرية بحصول الدوار والغثيان نتيجة الألم.

٤- تسرع القلب والخفقان:

حيث تزداد سرعة ضربات القلب خلال الذبحة الصدرية.

٥- التعب والوهن العام

التشخيص

يتم تشخيص الذبحة الصدرية وسببها من خلال مجموعة من الإجراءات التشخيصية للقلب التي يعمل عليها الطبيب وتشمل هذه الإجراءات ما يلي:

١- الاستجواب والقصة المرضية:

يتحرى الطبيب هنا من خلال مجموعة من الأسئلة، ويتوجه في تشخيصه لوجود ذبحة صدرية، حيث يسأل عن الأعراض كالألم الصدري، ومتى تتحرض هذه الأعراض وكيف تخف، وهل هناك سوابق لأمراض معينة كارتفاع الضغط الشرياني.

٢- إجراء تخطيط القلب الكهربائي (ECG):

وهو اجراء أساسي يعمل عليه الطبيب للتوجه لسبب الذبحة الصدرية ويأخذ الطبيب من خلاله فكرة عن حالة القلب والشرايين الاكليلية.

٣- إجراء تصوير للقلب بالأمواج فوق الصوتية:

يصور جهاز الأمواج فوق الصوتية القلب ويقيم حركة جدرانه، إضافة لتقييم صمامات القلب وهل تعمل بشكل صحيح أو لا، وبالتالي يمكّن من تشخيص وتحديد وجود مشكلة قد تسبب حدوث الذبحة الصدرية.

٤- إجراء اختبار الجهد:

وهو أحد الإجراءات التي يتم اللجوء إليها في حال كان مخطط القلب الكهربائي طبيعي.

وفيه يتم وضع المريض على آلة رياضية كجهاز المشي أو الدراجة ويطلب منه المشي والحركة وبذل الجهد، ويتم بالتزامن مع الجهد إجراء تخطيط قلب مستمر وقياس للضغط ومراقبة مباشرة للمريض.

عند ظهور تبدلات على تخطيط القلب الكهربائي أو ظهور أعراض الذبحة الصدرية خلال أحد مراحل الاختبار يتم تأكيد التشخيص.

٥- التصوير الظليل للشرايين الإكليلية:

ويعرف هذا الإجراء بالقثطرة القلبية ويعتبر أدق اختبار لتشخيص حالة الشرايين الاكليلية المغذية للقلب وسبب الذبحة الصدرية.

حيث يتم فيه حقن مادة ظليلة في الشرايين الإكليلية وتصوير هذه الشرايين بالأشعة اثناء مرور المادة الظليلة فيها.

وبالتالي ترتسم الشرايين الإكليلية بشكل واضح وتظهر التضيقات أو الانسدادات التي تسبب الذبحة الصدرية في حال وجودها ضمن الشرايين.

علاج الذبحة الصدرية

يعتبر علاج الذبحة الصدرية أمراً معقداً بعض الشيء ولكنه ليس صعباً فهو يتضمن البحث عن سبب حدوث الذبحة بالدرجة الأولى وعلاجه.

إضافة للالتزام بتناول الأدوية الخاصة بالذبحة والأدوية القلبية وإجراء بعض التغييرات في نوعية الحياة.

وبذلك يتحقق الهدف من العلاج وهو غياب الذبحة وعدم استمرار ضرر العضلة القلبية.

وتشمل الخيارات العلاجية ما يلي:

١- تغيير نمط الحياة:

وهو يشكل الخط الأول للعلاج، حيث يجب على المصاب بالذبحة البدء باتباع نمط حياة صحي يبتعد فيه عن كل ما قد يسبب الضرر على القلب بشكل خاص والجسم عموماً. ينصح عادةً بالتالي:  

  • الابتعاد عن التدخين.
  • الابتعاد عن تناول الأطعمة الدسمة والضارة.
  • تخفيف تناول المنبهات والملح.
  • ممارسة الرياضة بشكل منتظم.
٢- تناول الأدوية:

وتكون أدوية الذبحة الصدرية عبارة عن موسعات للأوعية بشكل أساسي، وتحافظ على الشرايين الإكليلية متوسعة ومسترخية وبالتالي تقل نسبة حدوث الخناق.

تعد مادة النترات (Nitrates) أكثر الموسعات الوعائية المستخدمة في حالات الذبحة الصدرية.

بالإضافة للأدوية الموسعة للأوعية الإكليلية قد يتواجد أدوية لضبط التوتر الشرياني وعدد ضربات القلب يجب تناولها بانتظام أيضاً.

٣- وضع شبكات أو دعامات ضمن الشرايين الإكليلية:

يتم هذا الإجراء في حال كانت الذبحة الصدرية ناجمة عن تضيق شديد في الشرايين الإكليلية التي تغذي العضلة القلبية.

حيث يتم من خلال القثطرة القلبية تصوير وتحديد مكان التضيق في الشريان.

من ثم يتم وضع دعامة معدنية في منطقة التضيق تؤدي لإعادة فتح الشريان وتصحيح جريان الدم فيه.

٤- العلاج الجراحي

يشمل هذا الخيار إجراء تداخل جراحي على القلب من خلال إجراء جراحة قلب مفتوح لعلاج المشكلة المسببة لحدوث الذبحة الصدرية، وذلك في حال كانت المشكلة والحالة غير قابلة للحل عن طريق الأدوية أو وضع الدعامات.

وتشمل هذه الحالات عادةً أمراض الصمامات القلبية كتضيق الصمام أو قصوره، كما في حالة تضيق الصمام الأبهري مثلاً، حيث لا يمكن التخلص من الخناق إلا باستبدال الصمام.

وأيضاً يشمل العلاج الجراحي حالات تضيقات وانسدادات الشرايين الاكليلية التي لا يمكن إعادة فتحها وعلاجها عن طريق الشبكات والدعامات، فهنا يتم اللجوء لجراحة القلب المفتوح لوضع وصلات وعائية تؤخذ من أوعية الجسم كأوعية الساق مثلاً، ويتم زراعتها بعد المناطق المتضيقة بحيث توصل الدم للمناطق ناقصة التروية.

تدعى هذه العملية بعملية المجازات الاكليلية (CABG) (Coronary Artery Bypass Grafting) وهي أكثر عمليات القلب المفتوح شيوعاً.

الملخص

يمكننا القول أنه على الرغم من أن حالة الذبحة الصدرية قد تكون مخيفة ومقلقة إلا أنها قابلة للعلاج والتدبير في حال المراجعة المبكرة للطبيب والالتزام بالعلاج الصحيح.

وبالتأكيد فإن الوقاية والالتزام بنمط حياة صحي يساعد في حماية الجسم وأعضائه ككل.