الربو: الأنواع وطرق التشخيص

الكاتب - أخر تحديث 23 مايو 2023

مرض الربو هو أحد الأمراض التنفسية الشائعة حول العالم والتي تصيب كافة الأعمار، وهو من الأمراض المزمنة أي الأمراض التي تمتد لفترة طويلة دون شفاء تام لها.

كما ويتميز بحدوثه على شكل نوبات، أي أنه يمر بفترات سكون أو اشتداد نتيجة التعرض لأحد العوامل المحرضة للحالة.

تعرف معنا في هذا المقال على أبرز أنواع وأسباب الربو بالإضافة لطرق التشخيص والعلاج.

ما هو الربو؟

الربو هو حالة مرضية تصيب القصبات الهوائية ضمن الرئتين (الطرق التنفسية السفلية)، وتُسبب هذه الحالة حدوث تغيرات على الطرق الهوائية.

تتضمن هذه التغيرات:

  • تورم في بطانة الطرق التنفسية (الطبقة المبطنة للقصبات الهوائية)
  • امتلاء القصبات الهوائية بالمخاط، حيث يزداد إفرازه كثيراً
  • تقلص شديد في العضلات المحيطة بالقصبات (هذه التقلصات لا إرادية) وهو ما يتسبب في تضيقها

ينتج عما سبق صعوبة في مرور الهواء داخل القصبات ما يؤدي لصعوبة في التنفس.

كما قد يعاني المريض من اشتداد كبير في الأعراض بين حين وآخر، وهذا ما يدعى بنوبة الربو أو هجمة الربو، والتي قد تحدث في أي وقت وخاصة في حال تعرض المريض لمحرضات النوبة.

حسب إحصائية تم إجراؤها سنة ٢٠٢٠ في الولايات المتحدة الأميريكة، وصل عدد حالات الربو إلى ما يقارب ٨.٤% من الأشخاص فوق ١٨ عاماً، وحوالي ٥.٨% من الأفراد الذين تقل أعمارهم عن ١٨ عاماً.

كما تشير الإحصائية إلى أن عدد الوفيات المتعلقة بمرض الربو في نفس السنة بلغت ٤١٤٥ حالة في الولايات المتحدة الأميريكية فقط.

أنواع الربو

يتم تقسيم الأنواع تبعاً للأسباب المحرضة أو للعمر الذي يظهر فيه المرض أو لشدة الأعراض.

ولكن معرفة النمط الذي يعاني منه المريض قد لا يكون ذو أهمية طبية، حيث أن الخطة العلاجية مشتركة بين جميع الأنماط غالباً.

١- الربو التحسسي (التأتبي)

ينتج عن العوامل المتعارف عليها المسببة للحساسية، وخاصة غبار الطلع والحيوانات الأليفة وعث الغبار.

ترتبط هذه الإصابة بأحد أشكال الأمراض التأتبية، حيث قد تترافق في ٨٠% من الحالات مع أحد الأنماط التأتبية كحمى القش والأكزيما والتهاب الأنف التحسسي والحساسية تجاه أنواع معينة من الطعام.

وفي حال كان المريض مصاباً بهذا النمط سيحتاج غالباً لاستخدام جهاز استنشاق الموسعات القصبية الوقائية أو ما يعرف بجهاز الاستنشاق الوقائي.

بالإضافة لاستخدام جهاز استنشاق الموسعات القصبية العلاجية سريعة التأثير أو ما يعرف بجهاز الاستنشاق المسكن وذلك للسيطرة على الأعراض الحادة والوقاية من تكرار هذه الأعراض.

٢- الربو الموسمي

يعانى مرضى هذا النمط من أعراض الربو خلال فصول معينة من السنة.

وقد تكون الأعراض محدودةً ضمن هذه الفترة من السنة، فلا يحتاج المريض إلى أي علاج خارج هذه المدة، نظراً لاختفاء الأعراض خلال باقي الفصول.

٣- الربو المهني

هذا النمط يحدث بشكل مباشر بسبب مهنة المريض وتعرضه لعوامل محرضة خلال مزاولته العمل مثل الغبار أو الأبخرة، ويكون دليل ارتباط الحالة بالعمل هو تحسن الأعراض بشكل واضح خارج أيام العمل.

٤- الربو غير التحسسي

لا يتفعل هذا النمط بالمحرضات المعروفة كغبار الطلع، فالأسباب المؤدية له غير واضحة.

وهو يصيب الأشخاص في مراحل متقدمة من حياتهم وتكون الأعراض شديدة غالباً.

٥- الربو المحرض بالجهد

تطلق هذه الحالة على تضيق القصبات التنفسية الذي يحدث أثناء أداء الأنشطة التي تتطلب جهداً كبيراً، وخاصةً في ظروف مناخية باردة.

وقد يحتاج الطبيب عند تشخيص الحالة لإجراء اختبارات تنفسية مثل اختبار الجهد لإثبات الرابط بين حدوث التضيق التمارين المجهدة.

ويمكن للمريض بهذه الحالة الطبية أن يأخذ أدوية موسعة للقصبات أو الأدوية الواقية من تضيق القصبات قبل إجراء التمارين مباشرةً.

٦- الربو الصعب

تصف هذه الحالة الربو الذي يترافق مع أمراض أخرى ولذلك تكون السيطرة على الأعراض أمراً صعباً.

على سبيل المثال وجود حساسية لدى المريض تجاه مواد موجودة في البيئة المحيطة به ومن الصعب تجنبها.

ويمكن تشخيص هذه الحالة بوجود العلامات التالية:

  • عدم القدرة على تخفيف الأعراض رغم استعمال جرعات عالية من الأدوية
  • الحاجة المتكررة لاستخدام جهاز الاستنشاق المسكن
  • التعرض لعدة نوبات شهرياً

٧- الربو الشديد

يعاني حوالي ٤% من مرضى الربو من هذا النوع والتي يمكن تحديدها بما يلي:

  • استمرار الأعراض رغم أخذ جرعات عالية من الستيروئيدات الاستنشاقية أوالحبوب الموسعة للقصبات ذات المفعول طويل الأمد.
  • الحاجة لاستخدام الموسعات القصبية سريعة التأثير ثلاث مرات أو أكثر أسبوعياً.

٨- الربو حسب العمر

  • ربو البالغين: يبدأ الربو عادةً منذ الطفولة في حين أن هذا النمط يبدأ متأخراً في مراحل متقدمة من العمر.
  • الربو منذ الطفولة: ويعتبر النمط الأكثر شيوعاً، وفي بعض الأحيان قد تتحسن الأعراض أو تختفي نهائياً لدى بعض الأطفال المصابين بالربو في مراحل مبكرة من العمر.
    أما في أحيانٍ أخرى فقد تعاود الأعراض الظهور في وقت لاحق.

أعراض الربو

من الأعراض والعلامات الشائعة لدى مريض الربو:

  • قصر في مدة الشهيق لدى المريض
  • السعال المستمر
  • ضيق في الصدر، بالإضافة إلى الشعور بألم في المنطقة أحياناً
  • الوزيز، حيث يصدر هذا الصوت من الصدر أثناء التنفس
  • الاستيقاظ ليلاً وأرق بسبب الأعراض
  • انخفاض مؤشر قياس حجم الهواء الذي يستطيع المريض إخراجه أثناء الزفير القسري

وبما أن المرض يتميز بحدوث نوبات والتي تتسبب باشتداد الأعراض على المريض، فهنالك بعض العلامات التي قد تظهر قبل بِدء النوبة، وتتضمن:

  • زيادة إنتاج المخاط والبلغم
  • أنف محتقن مع حالة سيلان أنفي مستمر
  • حكة في العنق مع ألم
  • الشعور بالألم والضعف مع ضعف القدرة على أداء النشاطات والأعمال اليومية

ولكن في بعض الحالات قد تشتد النوبة مسببة نوبة ربو إسعافية، وهي تتطلب العناية الطبية بشكل مباشر.
وخلالها تظهر العلامات التالية:

  • تتسارع وتيرة الأعراض وتزداد سوءاً
  • عدم استجابة المريض للأدوية الموسعة للقصبات سريعة التأثير
  • قصر شديد في التنفس
  • تسرع التنفس كثيراً أو بطئه تحت الحد الطبيعي
  • عدم القدرة على الحركة أو حتى على الكلام
  • استعمال المريض العضلات المحيطة بمنطقة الصدر بهدف سحب الهواء إلى داخل الصدر

أسباب الربو

لا يوجد سبب مباشر لهذه الحالة، ولكن هنالك بعض العوامل التي قد تشكل مجموعة من الأسباب المحتملة نذكر منها:

١- العوامل المسببة للتحسس

لدى مريض الربو حساسية عالية نسبياً تجاه بعض المواد التي ليس لها أي أثر لدى معظم الأشخاص الطبيعيين، حيث قد تسبب هذه المواد هجمة ربو ، ويطلق عليها اسم المحرضات، وتتضمن:

  • عث الغبار
  • اللقاحات
  • العفونة
  • فرو أو وبر الحيوانات الأليفة
  • القوارض و الصراصير

٢- العوامل المحمولة في الهواء

ولا تعد هذه العوامل مسببات للحساسية وإنما تسبب تهيجاً في الطرق التنفسية، ومنها:

  • دخان السجائر
  • تلوث الهواء الجوي بالضباب الدخاني
  • الحرائق أو الشواء على الفحم وما ينتج عنها من غازات مخرشة
  • الأبخرة القوية والروائح اللاذعة مثل الناتجة عن الطلاء والعطور وبعض أنواع الصابون المعطرة
  • التعرض لبعض المواد الكيميائية كمواد التنظيف

٣- بعض الحالات الطبية والمرضية

تعد الأسباب الإنتانية وخاصةً التنفسية أشيع محرضات نوبة الربو، مثل:

  • داء الرشاشيات القصبي الرئوي التحسسي
  • توقف التنفسي أثناء النوام
  • الداء الرئوي الانسدادي المزمن
  • الحساسية تجاه الطعام
  • القلس الحمضي المعدي المريئي (GERD)
  • البدانة
  • التهابات الجهاز التنفسي مثل نزلة البرد والانفلونزا والتهابات الجيوب الأنفية

٤- عوامل متنوعة

تشمل بعض الأسباب والعوامل المتنوعة ما يلي:

  • التمارين المجهدة: فبعض التمارين المجهدة قد تحرض نوبة ربو وتسمى الربو المحرض بالجهد.
  • الطقس: قد تشكل تغيرات الطقس والفصول سبباً لإطلاق نوبة الربو لدى البعض.
  • التغيرات النفسية والعاطفية: فتبدلات المزاج الشديدة سواء أكانت هذه المشاعر إيجابيةً أو سلبيةً فقد تحرض حدوث هجمة ربو.
  • الأدوية: ينتج عن استخدام بعض أنواع الأدوية تفعيل نوبة الربو، خاصة التي تسبب تقلصات شديدة في القصبات الهوائية، ونذكر منها:
    ١- الأسبرين وغيره من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية شائعة الاستخدام
    ٢- بعض خافضات الضغط الشرياني

مضاعفات واختلاطات الإصابة بالربو

قد يؤدي عدم الالتزام الجيد بإرشادات الطبيب والأدوية الموصوفة والابتعاد عن مسببات النوبات إلى تطور بعض الاختلاطات والمضاعفات للمريض، ومنها:

١- التعب والأرق

ينتج عن الأعراض التي يعاني منها المريض خلال الليل صعوبة بالنوم أو التسبب باستيقاظ المريض المتكرر بسبب الأعراض.

ينتج عما سبق شعور المريض الدائم بالنعاس خلال النهار، مع عدم التركيز أثناء المهام اليومية.

٢- وهن عام وزيادة الوزن

وبسبب هذا الوهن والتعب العام وعدم قدرة المريض على أداء الأنشطة والتمارين قد تظهر مشاكل تتعلق بالسمنة وأمراض القلب، وارتفاع الضغط الشرياني والسكري.

٣- القلق والإكتئاب

وقد ينتج ذلك عن ضعف الحالة الصحية للمريض، وعن عدم قدرته على الاندماج الجيد بمجال العمل وضمن الحياة الاجتماعية، وذلك نتيجة عدم الالتزام الجيد بالعلاج الطبي.

٤- توقف التنفس أثناء النوم

يزداد خطر الإصابة بهذه الحالة نتيجة إصابة المريض بالربو، حيث يتوقف تنفس المريض فجأةً أثناء النوم.

٥- القصور التنفسي

قد تصل بعض حالات نوبات الربو الشديدة إلى مرحلة القصور التنفسي، أي عدم قدرة الرئتين على أداء مهامها الرئيسية بالشكل الأمثل، وتزويد الجسم بالأوكسجين اللازم له وتخليصه من غاز ثاني أوكسيد الكربون.

تشخيص الربو

يعتمد تشخيص المرض على مراحل التشخيص المعتادة وهي:

١- القصة السريريّة

تبدأ بالفحص السريري وسؤال الطبيب عن بدء الأعراض وحالات مشابهة ضمن أفراد العائلة، وأيضاً إن كان هنالك حساسية تجاه مواد معينة.

٢- الفحوص والتحاليل

تعتمد الفحوص بشكل رئيسي على اختبارات وظائف الرئة، ويعد قياس جريان الهواء "Spirometry" أحد أهم الفحوصات التي تجرى لمريض الربو.

حيث يقيس هذا الجهاز وظائف الرئة ويحدد حجم الهواء الذي يستطيع المريض إدخاله وإخراجه من الرئتين في كل مرة.

كما أن الطبيب قد يلجأ لإجراء اختبار التحمل والذي يهدف لتحديد درجة تأثير بعض المحرضات على قدرة المريض التنفسية مثل: الهواء البارد، وإجراء التمارين، وأيضاً الأدوية الاستنشاقية.

كما أن هنالك بعض التحاليل التي قد يطلبها الطبيب المختص والتي تساعده لتحديد أسباب الحالة، مثل:

  • اختبار الحساسية: قد يجرى هذا الاختبار على عينة دموية أو على الجلد لكشف وجود أي حالات حساسية لدى المريض تجاه مواد معينة.
  • الفحص الدموي: حيث يطلب الطبيب إجراء تعداد لخلايا الدم، لكشف وجود حالة رد فعل مناعي تجاه المواد المسببة للحساسية التي ترتبط بالربو.

طرق العلاج

تتضمن العلاجات خطة دوائية للسيطرة على الأعراض أو تخفيف حدتها، فحتى الآن لا يوجد علاج شافً لمرض الربو، وتتضمن هذه الأدوية ما يلي:

١- أدوية سريعة التأثير

يطلق عليها أيضاً مسكنات الربو، حيث يبدأ تأثير هذه الأدوية خلال دقائق غالباً.

وتعمل على توسيع الطرق الهوائية وتخفيف أعراض المريض خلال النوبة، ويعد دواء "السالبوتامول" أشهر هذه الأدوية.

٢- الأدوية الوقائية

تعمل هذه الأدوية على التقليل من تكرار نوبات الربو عن طريق السيطرة على الحالة الالتهابية التي تحدث خلال الربو.

وأهم أدوية هذه الزمرة الدوائية "مضادات الالتهاب الستيروئيدية القشرية الاستنشاقية" حيث تؤخذ عبر جهاز الإرذاذ.

٣- الأدوية الضابطة للربو

تستخدم هذه الأدوية في حال عدم التمكن من السيطرة على الهجمات الربوية، وعدم نجاح الأدوية الواقية من النوبات.

حيث يمكن في هذه الحالة استخدام الأدوية الموسعة للقصبات ذات التأثير الطويل الأمد، بالإضافة للأدوية المضادة للالتهاب الفموية الستيروئيدية القشرية.

الوقاية وتخفيف أعراض الربو

١- تحديد العوامل المحرضة والمحسسة لهجمات الربو

يتم ذلك إما بملاحظة أسباب اشتداد الأعراض أو أن الطبيب قد يطلب إجراء بعض الفحوصات التي تساهم بتحديد بعض تلك المحرضات.

ويساعد تحديد هذه العوامل وتجنبها في الوقاية من تكرر النوبات.

٢- الخطة الدوائية

يتم وضع خطة فعالة للسيطرة على الربو مع الطبيب و ينبغي هنا التأكيد على أهمية التزام المريض بهذه الخطة، وذلك يساعد بتقليل تكرار الهجمات.

كما ويفيد المريض أيضاً أخذ اللقاح السنوي للإنفلونزا، وذلك لتجنب الاختلاطات التي قد يعاني منها مريض الربو في حال إصابته بالإنفلونزا.

٣- تغيير البيئة المحيطة

على المريض إجراء بعض التغيرات في البيئة المحيطة به بما يتناسب مع حالته، على سبيل المثال:

  • تغيير أغطية السرير بانتظام وغسلها بالماء الساخن بانتظام للقضاء على عث الفراش المسبب لنوبة الربو في حال وجوده.
  • استخدام جهاز تنقية الهواء في المنزل لما له من دور إيجابي على حالة المريض العامة.
  • استخدام أجهزة إزالة الرطوبة في المنزل فهي تساعد على الوقاية من تشكل العفونة.
  • تنظيف الأرضيات باستمرار لما له من دور في التقليل من الغبار المهيج للقصبات.
  • تجنب مناطق التدخين، حيث يسبب الدخان تهيجاً شديداً في الطرق الهوائية.
  • ممارسة التمارين الرياضية وفقاً لتوجيهات الطبيب على ضوء الحالة الصحية لكل مريض وذلك لدور التمارين في تقوية الجهاز المناعي.