الرجفان الأذيني: الأعراض والعلاج

المراجعة الطبية - M.D
الكاتب - أخر تحديث 22 مارس 2023

تشكل اضطرابات النظم وعدم انتظام ضربات القلب حالات مرضية مستقلة أو أعراض مرافقة لأمراض قلبية أخرى، يحدث فيها خلل واضطراب في انتظام وعدد ضربات القلب لأسباب مختلفة، ويعتبر الرجفان الأذيني الأكثر شيوعاً من هذه الاضطرابات في نظم القلب.

فما هو الرجفان الأذيني وما سبب حدوثه وكيف يمكن السيطرة عليه؟

ما هو الرجفان الأذيني؟

يعرف الرجفان الأذيني "Atrial Fibrillation" بأنه نوع من اضطرابات النظم القلبية ويحدث فيه خلل وعدم انتظام في ضربات القلب على مستوى الأذينتين اليمنى واليسرى لعضلة القلب. حيث يسبب ويسبب تقلص سريع وغير منتظم للأذينتين.

يتقلص القلب في الحالة الطبيعية بتواتر معين وإيقاع وعدد ضربات منتظم.

حيث تتقلص الأذينات في البداية وتدفع الدم للبطينات التي تقوم بدورها بضخ الدم إما للرئتين أو لأنحاء الجسم عبر الشريان الأبهر.

ويتم تنظيم هذا التقلص بشكل ذاتي من عضلة القلب من خلال مجموعة من العقد التي تنظم وترسل التنبيهات الكهربائية.

في حالة الرجفان الأذيني يحدث اضطراب وخلل في التنبيهات الكهربائية أو الألياف التي تنقل التنبيه من وإلى الأذينتين.

هذا الخلل في التنبيه الكهربائي الذي يحدث لعدة أسباب يسبب تقلص الأذينات بشكل سريع وغير منظم ويحدث الرجفان الأذيني عندها.

يبلغ معدل ضربات القلب الطبيعي من (60-120) ضربة في الدقيقة، أما في حالة الرجفان الأذيني تتسرع ضربات القلب فوق 120 ضربة/ الدقيقة وقد تصل في بعض الحالات إلى 400 ضربة/ دقيقة أو أكثر.

ويسبب تسرع الأذينات وتقلصها غير منتظم تسرع البطينات أيضاً في محاولة منها لمواكبة تسرع الأذينات وهذا لا يمنحها الوقت الكافي لتمتلئ بالدم وبالتالي لا تقوم بعملها بشكل طبيعي.

تتشابه جميع حالات الرجفان الأذيني في الآلية المرضية لكنها تختلف فيما بينها في المدة الزمنية التي يستمر ويحدث فيها الرجفان، وبناء على ذلك يمكن تقسيم الرجفان الأذيني إلى ثلاث أنواع رئيسية:

1- الرجفان الأذيني النوبي (Paroxysmal AF)

في حالة الرجفان الأذيني النوبي يحدث الرجفان الأذيني بشكل نوبات تبدأ بشكل مفاجئ وتتوقف تلقائياً.

وتتراوح المدة الزمنية التي تستمر فيها نوبة الرجفان الأذيني من عدة ساعات ولا تتجاوز الأسبوع ولا يحتاج لعلاج في أغلب الحالات.

2- الرجفان الأذيني المستمر (Persistent AF)

يستمر فيه الرجفان الأذيني لمدة أطول من عدة أسابيع ولأشهر، وهنا يحتاج المريض للعلاج ومحاولة إيقاف الرجفان واستعادة النظم الطبيعي للقلب.

3- الرجفان الأذيني طويل الأمد (Long-standing persistent AF)

في هذه الحالة يصبح الرجفان الأذيني حالة طويلة الأمد وذلك إذا استمر لمدة تتجاوز السنة دون الاستجابة للعلاج وعودة ضربات القلب وتقلصه للانتظام.

ووفقاً لدراسة عن نسبة حدوث الرجفان الأذيني ونسبة انتشار كل نوع من أنواعه كانت نسبة الحدوث (0.21-0.41) في كل ألف شخص. (1)

وكانت نسبة حدوث الرجفان الأذيني الدائم (طويل الأمد) 50% من نسبة الحالات العامة في حين كانت 25% لكل من الرجفان الأذيني النوبي والمستمر. (2)

الأعراض المرافقة لحالة الرجفان الأذيني

تتنوع الأعراض المرافقة لحالة الرجفان الأذيني وتختلف من مريض لآخر.

فهناك حالة من الرجفان الأذيني تكون لا عرضية وتكشف صدفةً في حين أنه في حالات أخرى تكون الأعراض واضحة وشديدة.

وتشمل أبرز الأعراض المرافقة لهذه الحالة ما يلي:

  • الخفقان (Palpitations) حيث يشعر المصاب بأن دقات قلبه سريعة، أو غير منتظمة كأن القلب يتوقف ويعود للنبض. ومن الممكن أن يشعر بأن القلب يضغط على جدار الصدر من الداخل.
  • الشعور بالتعب والوهن خلال نوبة الرجفان
  • الشعور بالدوار وعدم التوازن
  • الإحساس بعدم الارتياح في منطقة الصدر وعدم القدرة على التنفس بشكل كاف
  • التعرق
  • القلق والتوتر

أسباب حدوث الرجفان الأذيني

نادراً ما يحدث الرجفان الأذيني بشكل مستقل ومعزول فهو غالباً ما يحدث كعرض لأمراض وحالات قلبية أخرى.

حيث لم يعرف السبب الرئيسي المحرض لهذه الحالة ولكن يعتقد بأن التبدلات المرضية التي تصيب القلب وخاصةً خلال الأمراض القلبية والتي تؤدي لأذية على مستوى جدران القلب أو التروية الدموية للقلب أو تضرر الأنسجة والألياف الناقلة للتنبيهات الكهربائية في القلب هي أسباب لتحريض الرجفان.

وتشمل أشهر الحالات القلبية التي تترافق مع حصول الرجفان الأذيني ما يلي:

كما أن هناك العديد من الحالات المرضية الأخرى التي تحدث في الجسم والتي تزيد من نسبة حدوث الرجفان الأذني. وأشهر هذه الأمراض هي:

المضاعفات

يتسبب الرجفان الأذيني المهمل وغير المعالج بشكل صحيح مع حدوث العديد من المضاعفات التي قد تكون مهددة للحياة.

وتتضمن أشهر الاختلاطات ما يلي:

  • الجلطات الدموية حيث من الممكن أن تتشكل خثرات دموية في الأذينتين وخاصة الأذينة اليمنى.
    • ويمكن ان تخرج إحدى هذه الخثرات من القلب وتنتقل عبر الشرايين لتسد أحد الشرايين في انحاء الجسم في الرئتين، الأمعاء، الطحال، الأطراف وغيرها
    • وهذه الخثرات والانسدادات في الشرايين في حالة حدوثها قد تكون قاتلة.
  • السكتة الدماغية وتحدث عند انتقال الخثرات التي تتجمع في الأذينات والناجمة عن ركودة الدم في حالة الرجفان الأذيني إلى الدماغ وتسبب انسداد في الشرايين التي تغذي الدماغ وتحدث احتشاء ونقص تروية دماغي.
  • قصور القلب الناجم عن الانهاك الطويل للعضلة القلبية والناتج عن عدم انتظام وتوافق تقلص الأذينتين والبطينين والتفاوت في حجم الدم الوارد من الأذينات إلى البطينات.

تشخيص الحالة

يعتمد تشخيص الرجفان الأذيني على مجموعة من الخطوات والإجراءات الطبية والتي تتضمن ما يلي:

1- القصة المرضية والفحص السريري

يقوم الطبيب باستجواب المريض عن طريق مجموعة من الأسئلة عن الحالة والأعراض المرافقة.

ليتعرف ما هي المحرضات لها، وهل يوجد أمراض قلبية مرافقة مثلاً أو حالات مرضية أخرى وغيرها من الأسئلة الموجهة للطبيب.

ثم بعدها يجري الطبيب فحص سريري للعلامات الحيوية والقلب وبقية أعضاء الجسم.

2- اجراء تخطيط القلب الكهربائي "ECG"

ويعتبر هذا الاجراء الأساسي في تشخيص حالة الرجفان الأذيني، حيث يتم فيه وصل جهاز التخطيط الكهربائي على أطراف وصدر المريض وذلك للحصول على المخطط الكهربائي للقلب.

يراقب جهاز التخطيط الكهربائي يرصد التنبيهات والاشارات الكهربائية التي تمر في عضلة القلب وتسبب تقلص الأذينات والبطينات وعدد ضربات القلب.

كما يقوم بترجمة هذه الإشارات ويظهرها على شكل مخطط يوضح حالة القلب وعمله ومرحلة تقلص الأذينات والبطينات على المخطط.

بالتالي يمكن من خلال اجراء هذا المخطط الكهربائي معرفة وجود الرجفان من خلال تسرع عدد ضربات القلب بشكل كبير على المخطط.

إضافة أيضاً لغياب موجة تقلص الأذينات عن مخطط القلب الكهربائي بسبب الرجفان الأذيني الذي يجعل تقلص الأّذينات وتنبيهاتها الكهربائية غير فعالة ولا تظهر على المخطط.

3- تصوير القلب بالأمواج فوق الصوتية "ECHOCARDIOGRAPHY"

يصور هذا الجهاز القلب من الداخل، ويصور جدران القلب وحركتها وتقلصها، ويفيد ذلك بتقييم حالة الصمامات القلبية.

بالتالي يفيد في حالة الرجفان الأذيني في تقييم وجود أمراض قلبية أو حالات قلبية مرافقة قد تكون السبب والمحرض لحدوث الرجفان الأذيني ومن ثم معالجتها.

4- بعض الفحوص المخبرية

تجرى بعض التحاليل المخبرية للدم بحثاً عن وجود اضطرابات أو أمراض أخرى قد تكون السبب في تحريض حدوث الإصابة.

حيث يتم معايرة نسبة هرمون الغدة الدرقية في الدم مثلاً، بالإضافة لمعايرة نسب الشوارد في الجسم كالبوتاسيوم والصوديوم لأن نقص هذه الشوارد قد يسبب حدوث الرجفان. وغيرها من التحاليل التي قد يجدها الطبيب مرتبطة بحالة المريض والتي قد تساهم بتشخيص الرجفان الأذيني.

5- فحوص متممة أخرى

في بعض الحالات قد لا تكفي الفحوص الروتينية لتحديد سبب الرجفان الأذيني.

فيتم اللجوء لفحوصات وإجراءات طبية أخرى للتحقق والتأكد من سبب حدوث الإصابة.

وتشمل الفحوص الإضافية ما يلي:

  • اجراء تخطيط قلب على مدار 24 ساعة (HOLTER)
  • اجراء اختبار جهد للمريض
  • اجراء دراسة للفيزيولوجيا الكهربائية للقلب (An Electrophysiology study)
  • اجراء دراسة للنوم

علاج الرجفان الأذيني

يهدف العلاج إلى تحسين الأعراض والتخفيف منها في الدرجة الأولى، إضافة لضبط سرعة وعدد ضربات القلب ومحاولة إعادة التنبيه والتقلص القلب للوضع الطبيعي، وأخيراً منع حدوث المضاعفات التي قد تنجم عن حدوث الإصابة.

عادةً يكون العلاج الدوائي من خلال إعطاء الأدوية إما عن طريق الوريد أو فموياً كافياً لمعالجة وضبط معظم حالات الرجفان الأذيني ولكن في الحالات التي لا تستجيب للعلاج الدوائي قد يتم اللجوء لبعض الإجراءات التداخلية على القلب.

وتضم الخيارات العلاجية ما يلي:

1- الأدوية

هناك عدة مجموعات دوائية يمكن استخدامها في حالة الرجفان الأذيني. وتعمل هذه الأدوية على ضبط أعراض الرجفان الأذيني ومحاولة منع حدوث المضاعفات وإعادة ضربات القلب للحالة الطبيعية.

وتشمل أشهر أنواع الأدوية ما يلي:

آ- أدوية ضبط عدد ومعدل ضربات القلب

بما أن حالة الرجفان الأذيني تترافق عادةً مع تسرع في عدد ضربات القلب وتقلصاته.

فإن استخدام الأدوية التي تقلل وتخفف من تنبيه العضلة القلبية وتجعله أبطأ تفيد في ضبط أعراض الرجفان والتقليل من مضاعفاته، وتشكل الأدوية الحاصرة لمستقبلات بيتا (Beta Blockers) أشهر هذه الأدوية.

ب- الأدوية المانعة لتخثر الدم (المميعات)

يتم اللجوء للأدوية التي تمنع وتؤخر تخثر الدم في حالات الإصابة المزمنة وذلك لمنع تشكل الخثرات والتقليل من خطرها.

حيث أن التقلص غير المنتظم للأذينات في حالة الإصابة يجعل حركة الدم بين الأذينات والبطينات مضطربة وغير مستقرة.

فيحدث نوع من ركودة للدم في الأذينات وهذه الركودة تحرض الدم على التخثر وتشكل خثرات قد يدفعها القلب لأنحاء الجسم وتسبب بحدوث جلطات دموية.

ولهذا يتم إعطاء الأدوية المميعة للدم لمرضى الرجفان الأذيني المزمن لمنع حدوث الخثرات والوقاية من الجلطات.

ج- الأدوية التي تعمل على إعادة نظم وتقلص القلب للحالة الطبيعية

هذه الأدوية تهدف إلى إعادة تقلص القلب للانتظام من خلال إعادة التوافق بين تقلص الأذينتين والبطينين الذي يتم فقده في حالة الرجفان الأذيني.

تعمل هذه الأدوية على مستوى الخلايا والشوارد داخل وخارج الخلية لضبط تنبيهات القلب وتوافق تقلص الأنسجة في القلب للتخلص من حالة الرجفان.

2- العمليات والإجراءات التداخلية

في حالات الرجفان الأذيني التي لا تستجيب للعلاج الدوائي قد تحتاج لتدخل إضافي بشكل مباشر على القلب، وذلك لإزالة حالة الرجفان وإعادة إيقاع القلب وتقلصه للحالة الطبيعية.

وتتضمن أبرز الإجراءات التداخلية ما يلي:

آ- صدم القلب الكهربائي (Electrical cardioversion)

هنا يتم اللجوء لجهاز الصدمة الكهربائية الذي يعمل على إيصال شحنة كهربائية بشدة معينة على شكل صدمة.

تقوم هذه الشحنة بتفريغ وإلغاء كل التنبيهات الشاذة في القلب وإعادة التنبيه والتقلص للحالة الطبيعية والايقاع الطبيعي.

ب- الاستئصال وتخريب الطرق الشاذة عن طريق القسطرة (Catheter Ablation)

يتم استخدام قسطرة القلب من أجل الوصول للمناطق المتخربة أو المتضررة من الأذينات والتي تسبب تنبيهات شاذة وخلل في نقل الإشارات الكهربائية في القلب والمسؤولة عن حدوث الرجفان الأذيني.

ومن ثم القيام بمعالجة هذه المناطق عن طريق استئصالها أو تخريبها أو كيها.

ج- استئصال وتخريب الطرق الشاذة عن طريق الجراحة (Surgical Ablation)

يتم اللجوء لإجراء عمل جراحي وكشف القلب بشكل مباشر للتخلص من مناطق الأذية ومن الأنسجة المتضررة التي تؤثر على تنبيهات القلب وتقلصه وتحدث الإصابة.

د- وضع ناظم خطى خارجي (Pacemaker)

في حالات الرجفان المعندة والتي لا تستجيب لأي علاج وتترافق مع حدوث أعراض مزعجة للمريض وخطر حدوث اختلاطات.

يتم تركيب جهز تحت الجلد يعرف بناظم الخطى مزود ببطارية ويقوم هذا الجهاز بعمل المنظم والمنبه لضربات القلب.

كما يصبح هو المسؤول عن احداث التنبيه في العضلة القلبية وذلك للتخلص من الحالة والإيقاع الغير منتظم للقلب.

في الختام وعلى الرغم من كون حالة الرجفان الأذيني هي أكثر حالات اضطرابات النظم القلبية شيوعاً وكونها تحمل مخاطر ومضاعفات خطيرة في حال عدم السيطرة عليها.

إلا أنه ولحسن الحظ فإن غالبية الحالات قابلة للعلاج والضبط والتحكم وتجنب الاختلاطات عند التشخيص الباكر والمتابعة المستمرة.