القرحة الهضمية: الأسباب والعلاج

المراجعة الطبية - .MBBChb, MD
الكاتب - أخر تحديث 4 أغسطس 2022

القرحة الهضمية من الحالات التي نسمع بها كثيراً، ويدور حولها الكثير من المعلومات المغلوطة، سنشرح في هذا المقال عن أسباب هذه الحالة وطرق العلاج والوقاية.

ما هي القرحة الهضمية؟

إنَّ المعدة عبارة عن عضو عضلي كبير مجوف على شكل حبة الفول، وهي جزء من الجهاز الهضمي في الجسم؛ تربط بين المريء والأمعاء والدقيقة، وتقع في الجزء الأوسط العلوي من البطن خلف الأضلع السفلية.

وهي مسؤولة عن تخزين الطعام لبعض الوقت وهضمه، ومن ثم نقله إلى العفج (الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة) لمتابعة عملية الهضم.

ولكن المعدة والعفج قد يتعرضان أحياناً إلى بعض المشاكل التي قد تؤثر على وظيفة كل منهما أو على نوعية حياة الشخص.

وتُعد القرحة الهضمية من الاضطرابات الشائعة للجهاز الهضمي، حيث قد يظهر تقرح على بطانة المعدة ويسمى قرحة المعدة.

كما يمكن أيضاً أن يتقرح جزء من العفج (الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة) بعد المعدة مباشرةً، وتسمى قرحة العفج.

الأعراض

بعض قرحات المعدة لا تسبب أي أعراض؛ وبعضها قد يسبب أعراضاً تتمثل بالألم الحارق أو القاضم في البطن.

ومع ذلك، فإنَّ أغلب القرحات غير مؤلمة ولا يتم ملاحظتها إلا عند حدوث المضاعفات كالنزيف مثلاً.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ الألم الناجم عن الإصابة يمكن أن ينتقل من منتصف البطن حتى الرقبة أو إلى السرة أو ينتشر إلى الظهر.

كما يمكن أن يستمر من بضع دقائق إلى بضع ساعات، وغالباً ما يبدأ في غضون ساعات قليلة من تناول الطعام، وقد يسبب الاستيقاظ أثناء الليل.

ويمكن أن يؤدي تناول مضادات الحموضة إلى تخفيف الألم مؤقتاً، ولكنه سيستمر في الظهور إذا لم يتم علاج القرحة.

وتشمل الأعراض الأخرى ما يلي:

  • عسر الهضم
  • الحرقة
  • الغثيان
  • الإقياء
  • ظهور الدم في القيء أو البراز
  • فقدان الشهية
  • فقدان الوزن
  • فقر الدم، والأعراض المرفقة له كخفة الرأس
  • صدمة بسبب فقدان الدم وهي حالة طبية طارئة
  • قد يجد بعض الناس أيضاً أنهم يتجشؤون أو يشعرون بالنفخة بعد تناول الأطعمة الدهنية

الأسباب

يعتقد الناس أنَّ للإجهاد أو بعض الأطعمة دور في التسبب بالقرحة؛ ولكنَّ الباحثين لم يعثروا على أي دليل يدعم تلك النظريات.

في حين أنَّ الدراسات قد كشفت عن سببين رئيسيين للقرحة الهضمية وهما:

١- جراثيم الملوية البوابية

حوالي ٥٠٪ من سكان العالم مصابون بجراثيم الملوية البوابية ولكن غالباً بدون أي أعراض.

وتنتقل هذه الجرثومة من الفم للجهاز الهضمي في المعدة والجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة مستخدمةً شكل ومكونات جسمها للتنقل بين هذه الأجزاء.

وحين تلتصق جراثيم الملوية البوابية بطبقة المخاط الموجودة في الجهاز الهضمي تسبب الالتهاب (التهيج)، والذي يمكن بدوره أن يتسبب في تدمير البطانة الواقية.

ويُعَد ذلك مشكلةً بسبب احتواء المعدة على حمض قوي مخصص لهضم الطعام؛ وبدون طبقة المخاط التي تحمي أنسجة المعدة يمكن أن تتآكل بسبب تعرضها للحمض.

ومع ذلك لا يكون لوجود جراثيم الملوية البوابية تأثير سلبي؛ حيث أنَّه من ١٠ إلى ١٥٪ من المصابين بها قد يصابون بالقرحة الهضمية.

٢- مسكنات الآلام

حدوث القرحة الهضمية بسبب استخدام مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية يعد من الأسباب الرئيسية لهذه الحالة، وهي مجموعة من الأدوية المستخدمة لتخفيف الألم، والتي يمكن لها أن تسبب تآكل الطبقة المخاطية في الجهاز الهضمي.

ومن الأدوية التي يمكن أن تتسبب في حدوث القرحة الهضمية:

مع الأخذ بعين الاعتبار أنَّ الأسيتامينوفين (الباراسيتامول) ليس من مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية ولا يسبب ضرراً للمعدة.

وغالباً ما يتم توجيه الأشخاص الذين لا يستطيعون تناول مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية إلى تناول أسيتامينوفين.

وليس كل من يتناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية يمكن ان يصاب بالقرحة، فمن المرجح أنَّ تناول مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية مع وجود عدوى بجراثيم الملوية البوابية هو الأكثر خطورة.

كما أن الأشخاص المصابين بهذه الجراثيم والذين يستخدمون مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية بشكل متكرر هم أكثر عرضةً لحدوث تلفٍ في الطبقة المخاطية التي تغلف المعدة.

ويمكن أن يكون التلف في هذه الحالة أكثر حدةً؛ كما تزداد الإصابة بالقرحة الناتجة عن استخدام مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية أيضاً في حال كان الشخص:

  • يتناول جرعات عالية من مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية
  • يأخذ مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية بشكل مستمر لفترة طويلة
  • يبلغ من العمر 70 عاماً أو أكثر
  • أنثى
  • يأخذ كورتيكوستيروئيدات (الأدوية التي قد يصفها الطبيب للربو أو التهاب المفاصل أو الذئبة) في نفس الوقت الذي يأخذ فيه مضادات الالتهاب غير الستيرويدية.
  • مصاب بالقرحة سابقاً

٣- أسباب نادرة

نادراً ما تسبب حالات أخرى القرحة الهضمية، ولكن من الممكن أن يصاب بعض الأشخاص بالقرحة بعد:

  • الإصابة بمرضٍ خطيرٍ نتيجة عدوى أو أمراض مختلفة
  • الخضوع لعملية جراحية
  • تناول أدوية أخرى مثل الستيروئيدات
  • يمكن أن تحدث القرحة الهضمية أيضاً في حالة نادرة تسمى متلازمة "زولينجر إليسون" أو (الورم الغاستريني) وفي هذه الحالة يتشكل ورم في الخلايا المنتجة للحمض في الجهاز الهضمي. ويمكن أن تكون هذه الأورام سرطانية أو غير سرطانية، وتنتج الخلايا هنا كميات زائدة من الحمض والذي يضر أنسجة المعدة.

٤- مفاهيم خاطئة

من المفاهيم الخاطئة الشائعة أنَّ القهوة والأطعمة الحارة يمكن أن تسبب القرحة، وهي في الحقيقة تحفز أعراض القرحة المتواجدة ولا تسببها، حيث كان من المتعارف عليه سابقاً أنَّ الأشخاص المصابين بالقرحة يجب أن يتبعوا نظاماً غذائياً مدروساً ودقيقاً.

أما في الوقت الحالي فعند الإصابة بالقرحة لا داعي للنظام الغذائي الدقيق بل يكفي الابتعاد عن الأطعمة التي قد تحفز القرحة والتي من الممكن أن تزيد الأعراض سوءاً.

اختلاطات القرحات الهضمية

يمكن أن تسبب قرحة المعدة مضاعفات مختلفة ولكنها أقل شيوعاً الآن بسبب العلاجات الأكثر فعاليةً، ومع ذلك يمكن أن تكون المضاعفات خطيرة للغاية وتتطلب رعايةً طبيةً وتشمل:

١- النزيف من القرحة

يمكن أن يتراوح النزيف من خفيفٍ إلى مهدد للحياة، فإذا حدث نزيف حاد مفاجئ، سيتسبب ذلك في تقيؤ الدم وهو ما يسمى (القيء الدموي) والشعور بفقدان الوعي الشديد لوهلة.

أما في النزيف الأخف فيبدو القيء بلون القهوة لأنَّ حمض المعدة يكون قد حطّم الدم جزئياً في هذه الحالة، وفي النزيف البسيط يمر الدم تدريجياً عبر الأمعاء ويبدو البراز بلونٍ غامقٍ جداً أو حتى أسود (وهذا ما يسمى بالبراز الزفتي).

٢- انثقاب القرحة

يُستخدَم هذا المصطلح لوصف القرحة التي اخترقت (ثقبت) جدار المعدة؛ فيتسرب الطعام والحمض الموجودان في المعدة إلى خارجها.

ويسبب هذا عادةً ألماً شديداً وشعوراً بالمرض؛ وانثقاب المعدة حالة طبية طارئة وتحتاج إلى علاج في المستشفى في أسرع وقت ممكن.

٣- انسداد المعدة

وهو اختلاط نادر؛ حيث يمكن أن تتسبب القرحة الموجودة في نهاية المعدة في تضيق مخرج المعدة (الجزء الأخير من المعدة الذي يدخل العفج) مما يؤدي إلى حدوث انسداد؛ ويمكن أن يسبب ذلك تقيؤاً شديداً ومتكرراً.

علاج القرحة الهضمية

١- العلاج الدوائي

بالنسبة لمعظم الناس، يعالج الأطباء القرحة الهضمية بالأدوية، ومنها:

  • مثبطات مضخة البروتون (PPI): تقلل هذه الأدوية الحمض في المعدة مما يسمح للقرحة بالشفاء.
  • حاصرات مستقبلات الـ "هيستامين" (حاصرات H2): والتي تقلل أيضاً من إنتاج الحمض.
  • الصادات الحيوية: تقتل هذه الأدوية الجراثيم؛ ويستخدمها الأطباء لعلاج الإصابة بجراثيم الملوية البوابية.
  • الأدوية الوقائية: والتي تغطي القرحة بطبقة واقية لمنع حصول المزيد من الضرر الناجم عن الأحماض والإنزيمات الهاضمة.

٢- تغيير نمط الحياة

كما يمكن لتغيير نمط الحياة أن يحسن الأعراض مثل:

  • فقدان الوزن في حال البدانة
  • تجنب أي أطعمة محفزة مثل القهوة أو الشوكولاتة أو الطماطم أو الأطعمة الدهنية أو الأطعمة الغنية بالتوابل
  • تناول وجبات أصغر
  • تناول الوجبة المسائية قبل 3 - 4 ساعات من النوم
  • الإقلاع عن التدخين
  • التقليل من استهلاك الكحول إلى الحدود الموصى بها
  • استخدام الأدوية المثبطة للحمض
  • تجنب مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية

٣- علاج القرحة النازفة

إذا كانت القرحة نازفة فقد يعالجها الطبيب أثناء إجراء التنظير عن طريق:

  • حقن الأدوية فيها
  • استخدام مشبك أو يخثر النزف بإغلاق الشريان النازف وإيقاف النزيف

الوقاية من القرحة الهضمية

التحدث إلى الطبيب حول بدائل الأدوية المضادة للالتهاب غير ستيروئيدية مثل "أسيتامينوفين" لتخفيف الألم ومناقشة التدابير الوقائية معه إذا كان المريض لا يستطيع التوقف عن تناول مضادات الالتهاب غير ستيروئيدية.

وهنا قد يتم اختيار أقل جرعة فعّالة من مضادات الالتهاب غير ستيروئيدية وتناولها مع وجبة طعام.

ويعد الإقلاع عن التدخين وتجنب الكحول من العوامل المساعدة التي تقي المعدة والجسم بشكل عام من أمراض متنوعة.

أيضاً العناية بالنظافة الشخصية وغسل الخضروات والفواكه قبل تناولها يساهم في حماية المعدة من مختلف أنواع العدوى التي من الممكن تصيبها.