تساقط الشعر: الأسباب والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 15 يناير 2024

يعاني جميع البشر بمختلف الأعمار من تساقط الشعر، وهي حالة طبيعية، ولكن في بعض الأحيان يكون تساقط الشعر غزيراً وقد يسبب قلقاً أو ارتباكاً للشخص، خاصة وأن للأشعار أثراً نفسياً كونها من معايير الجمال في المجتمع.

فما سبب تساقط الشعر؟ ومتى يكون ضمن الحد الطبيعي أو يستدعي العلاج؟

ما هو الشعر؟

الشعر هو أحد ملحقات الجلد ويعد من المظاهر المميزة للثدييات، وهو عبارة عن خلايا متقرنة (ليست حيّة) إلا أن لها العديد من الوظائف الفيزيولوجية المهمة.

ومثال على ذلك حماية الجلد من الشمس والعوامل الخارجية وإنتاج المواد الدهنية والعرق والفرمونات (ملحقات الشعرة)، ويؤثر الشعر أيضاً كونه م معايير الجمال على العلاقات الإجتماعية وحتى الجنسية.

مما تتألف الشعرة؟

تنشأ الشعرة من داخل جريب متوضع في الأدمة، وتتألف من قسمين:

  • جذر الشعرة: هو القسم المخبأ تحت الجلد وتكون نهايته السفلية منتفخة تعرف ببصلة الشعرة.
  • سَّقبية الشعرة: القسم الظاهر منها.

ويُحيط بجذر الشعرة عضلة ناصبة مسؤولة عن انتصاب الشعر وغدد دهنية تُفرز الدهون لترطيب الجلد والشعرة.

ما هي دورة حياة الشعر؟

لابد من معرفة دورة حياة الشعر لنفهم آلية سقوط الشعر، حيث تمر الشعرة بدورة من التساقط والنمو تُعرف باسم دورة الشعرة، والتي تختلف مدتها وسرعة حدوثها من شخص لآخر حسب البنية والجنس والعامل الوراثي وغيرها من العوامل.

وتتألف هذه الدورة من ثلاث مراحل، على الشكل الآتي:

١- طور النمو (Anagen)

يعد الطور المسؤول عن نمو وطول الشعرة النهائي، ويحدث فيه نشاط انقسامي (تكاثر) في بصلة الشعر مما يؤدي إلى نمو الشعرة.

وتختلف المدة التي يحتاجها هذا الطور حسب نوع الشعرة ومكانها بالإضافة لبنية الشخص، وتتراوح بين 2 -7 سنوات.

كما ويختلف أيضاً طول الشعرة النهائي من شخص لآخر بين 45 و76 سم، وذلك حسب عدة عوامل كالوراثة والصحة العامة.

٢- طور التراجع (Catagen)

يحدث في هذا الطور، تباطؤ للتكاثر وصولاً لتوقفه، ويتوقف أيضاً الإمداد الدموي للشعرة، ويحدث نتيجةً لذلك تقرُّن في النهاية السفلية لها، مما يعطيها شكل الهراوة (الشعرة العجراء).

وتمثل مرحلة انتقالية للشعرة، وتكون وسطياً بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.

٣- طور الراحة (Telogen)

هي المرحلة الثالثة والأخيرة في دورة الشعرة، حيث يقف النمو بشكل نهائي في  الشعرة العجراء، وتبدأ شعرة أخرى بدورة جديدة تحت الشعرة السابقة.

وخلال ثلاثة أشهر تكون المرحلة قد انتهت وسقطت الشعرة.

وتعد عملية تساقط الشعر طبيعيّة، كما أن دورة الأشعار تختلف من واحدة لأخرى، وبالتالي لن تسقط كل الأشعار جميعاً وبآنٍ واحد.

وسطياً تسقط من 50 إلى 100 شعرة يومياً، ويكون حوالي 80 - 90% من الشعر في طور النمو. (1)

أسباب وأنماط تساقط الشعر

يوجد عدة أنماط رئيسية لتساقط الشعر، ولكلٍ منها أسباب خاصة. ومنها:

١- الحاصة الأندروجينية

تشكل أكثر الأسباب شيوعاً لتساقط الشعر، وتحدث بشكل رئيسي بسبب الوراثة، أيّ يكون الشخص مهيأ وراثياً لتساقط الشعر وتكوين "حاصة أندروجينية"، وتصيب هذه الحالة الذكور والإناث على حدٍ سواء.

وحسب بعض الدراسات فإن هذه الحالة تنتشر عند 50% من الذكور بعمر 50 عاماً وما يصل إلى 80% يتأثرون بعمر السبعين. (2)

كما قد أشارت تقارير أخرى أن حوالي 13% من الإناث يعانون من تساقط الشعر في فترة سن اليأس.

ويختلف نمط تساقط الأشعار الحاصل بين الذكور والإناث على الشكل التالي:

  • الذكور: يحدث تراجع للأشعار عند الذكور، بدءاً من الجبهة وعلى شكل حرف M.
  • الإناث: يتساقط الشعر بدءاً من الخط الناصف (منتصف الرأس).

٢- الحاصة البقعية (الثعلبة)

هو اضطراب شائع يحدث فيه تساقط للأشعار سواء كانت شعر الفروة أو الذقن أو حتى الجسم، وتتراوح من تساقط في بقع محددة جيداً إلى تساقط الشعر في مختلف أنحاء الجسم أو سقوطه كلياً.

ويكون سبب هذه الحالة هو مهاجمة خلايا الجسم المناعية للبصيلات وتدميرها.

وتنتشر الحاصة البقعية بنسبة تصل إلى 2% وتزداد أرقام الإصابة إلى 16% في حال وجود أحد أمراض المناعة الذاتية كالذئبة أو البهاق أو أمراض الدرق المناعية. (3)

وتشكل الوراثة أحد الأسباب المتّهمة في حدوثها، ففي دراسة أجراها العلماء على مجموعة من الأطفال، كان هناك قصة عائلية إيجابية لدى 11.06%، وكان هناك ميلان أيضاً لإصابة الذكور.(4)

٣- تساقط الشعر الكربي

هو حدوث تساقط للشعر بعد التعرّض لحادثة معيّنة مع عودة الشعر إلى النمو، فبعد التعرّض لحالة من الشّدة أو أي حادثة تقف دورة الشعر في طور الراحة ليتساقط الشعر بعد فترة (2 - 3 أشهر)، وبعد فترة 6 أشهر يعود للنمو من جديد.

وتضم الحالات الشائعة لتساقط الشعر الكربي:

  • الشّدات النفسية والعاطفية
  • عمل جراحي كبير
  • الولادة
  • خسارة كمية كبيرة من الدم
  • حمى أو عدوى شديدة في الجسم
  • نقص التغذية الشديد
  • مشاكل في الغدد
  • بعض الأدوية:
    • ريتينوئيدات
    • حبوب منع الحمل
    • حاصرات بيتا
    • حاصرات الكلس
    • بعض مضادات الاكتئاب
    • بعض مضادات الالتهاب غير ستيروئيدية (بما في ذلك إيبوبروفين)

تم الربط من خلال عدة أبحاث بين التعرُض لضغط كبير والتوتر (قبل الامتحان مثلاً) وتساقط الشعر، ووجدت أن التوتر يؤدي لزيادة في إنتاج سيتوكينات (بروتينات مسؤولة عن التواصل بين الخلايا المناعية) والمرتبط بتساقط الشعر.(5)

وترتبط حالات الشدة بزيادة مستويات كورتيزول في الدم، لذا فقد اقترحت دراسة في جامعة "هارفارد" ، أن كورتيزول المفرز من قشر الكظر قد يكون مرتبطاً في حدوث تساقط الشعر من خلال تأثيرها على مجموعة من الخلايا تحت بصيلات الشعر.(6)

٤- سعفة الرأس

هي عدوى فطرية تصيب فروة الرأس، وتغزو الفطور في بعض الحالات جذور الشعر، وتؤدي إلى حدوث تساقط للشعر.

وتنتشر سعفة الرأس بشكل خاص  بين الأطفال، وتصل العدوى من شخص آخر أو نتيجة التماس مع الحيوانات أو حتى من التربة.

٥- ثعلبة الشد

هي شكل من أشكال تساقط الشعر، تحدث نتيجة الشد المطوَّل والمتكرر للشعر، أي تكون الأسباب نتيجة بعض العادات المرتبطة بتصفيف الشعر، وتتضمن بعضها:

  • بعض التسريحات التي تتطلب شد الشعر كالضفائر
  • استخدام وصلات الشعر
  • وضع البكرات المستخدمة للف الشعر بشكل مستمر ولساعات طويلة

٦-  اضطراب شد خصل الشعر

يقوم المريض بشد ونتف الأشعار بنفسه بشكل مستمر وعلى المدى الطويل يمكن أن تؤدي هذه الحالة النفسية لخسارة كمية كبيرة من الشعر.

وذلك سواءً من الفروة أو الذقن أو حتى الرموش، والسبب الدقيق وراء هذه الحالة غير معروف. ويمكن أن يعود إلى:

  • التوتر والقلق
  • اضطراب الوسواس القهري (OCD)
  • قد يكون مجرَّد عادة

وهناك أسباب أخرى أيضاً أقل شيوعاً مثل الاضطرابات الهرمونية التي قد تحدث في الجسم، أو تساقط الشعر عقب العلاج الكيميائي أو الإشعاعي لمرضى الأورام.

كما أن نقص البروتينات أو بعض المعادن والفيتامينات قد يكون سبباً وارداً لتساقط الشعر.

تشخيص تساقط الشعر

يعتمد الطبيب على القصة التي سيأتي بها المريض بالإضافة للفحص السريري لكافة الجسم، وغالباً ما يكون كافياً للوصول لسبب تساقط الشعر.

وعادةً يكون السبب هو الحاصة الأندروجينية (الوراثية) والتي تكون واضحة المظهر، لكن من الممكن أن يلجأ الطبيب لفحوص إضافية، ومن خطوات التشخيص:

١- القصة السريرية

يصل الطبيب للقصة عبر عدة أسئلة تضم:

  • متى بدأ الشعر بالتساقط؟ وما هي كمية الشعر المتساقط (كثيرة - قليلة)
  • هل هناك أي حالات مشابهة لأي من أفراد العائلة بالدرجة الأولى والثانية؟
  • التسريحات المستخدمة بشكل اعتيادي
  • هل هناك أي مواد استخدمت حديثاً للشعر؟
  • هل هناك أيّة أمراض مرافقة؟
  • هل هناك أي إصابة سابقة بأي عدوى شديدة؟
  • هل هناك جراحة سابقة؟ وعدد ونمط العمليات الجراحية المجراة؟
  • ما هي الأدوية التي يأخذها المريض؟
  • ما هو النمط الغذائي المتَّبع؟

٢- الفحوصات

قد يطلب الطبيب مجموعة من الفحوصات لتأكيد التشخيص، والتي تضم:

  • تحليل الشعر: يأخذ الطبيب عينة من شعر المريض، ويدرسها تحت المجهر.
  • تحاليل الدم: قد يطلب تحاليل دم، مثل تحاليل وظائف الدرق عند الشك بالأسباب الهرمونية.

لا يجرى عادةً أي فحوص للنساء اللواتي يعانين من تساقط الشعر في سن اليأس، ولكن في حال حدوث الحالة في سن أصغر مع ترافقها بعلامات أخرى، يكون من الأفضل تحليل قيم الأندروجينات لديهن بما في ذلك تستوستيرون في الدم.

علاج تساقط الشعر

يعتمد علاج تساقط الشعر على السبب المؤدّي لحدوثه.

١- الحاصة الاندروجينية

هنالك خيارين دوائيين معتمدين من قِبل إدارة الغذاء والدواء (FDA)، وهما مينوكسيديل الموضعي وفيناسترايد، وكلاهما يتطلب مدة تتراوح بين 4 إلى 6 أشهر على الأقل لملاحظة التحسّن. ويوجد أيضاً خيارات علاجية أخرى في حال كان السبب الحاصة الأندروجينية.

ويجب التركيز على فكرة الاستمرار بالعلاج لأنه في حال إيقافه سيعود التساقط من جديد، وعلى هذا النحو، يمكن أن يكون الالتزام بهما ضعيفاً في كثير من الأحيان.

أ- مينوكسيديل

يستخدم بشكل موضعي ولايحتاج وصفة طبية، ويعمل هذا الدواء على زيادة الورود الدموي للشعرة وبالتالي زيادة الأكسجين والعناصر الغذائية للبصيلات مما يعزز النشاط الانقسامي.

ويوجد عدة تراكيز متاحة، لكن تركيز 5% قد يكون أفضل من غيره. (7)

ومن الممكن أن يظهر عدة آثار جانبية لاستخدامه، مثل الحكة والتهيّج بالإضافة لظهور قشور على الفروة.

ب- فيناسترايد

لا يعد مضاد أندروجيني، ويعمل كمثبط لمختزلة الألفا-5 (5α-Reductase)‏، والذي يمنع تحول تستوستيرون إلى ديهدروتستوسترون (DHT)، وهو المسبب في حدوث الحاصة الأندروجينية يوصف بجرعة 1 ملغ يومياً.

وقد يظهر عدة آثار جانبية تشمل نقص في الرغبة الجنسية ومشاكل في الانتصاب، ومن الممكن أن يعطى دوتاستيريد كخيار بديل عنه.

ج- الكافيين

أثبت أن تطبيق الكافيين بشكل موضعي يقلل تساقط الشعر في حالات الحاصة الأندروجينية، ويعتقد أن أي محلول يحوي كافيين يمكن تطبيقه موضعياً وتكون نتائجه مساوية تقريباً لتطبيق مينوكسديل.

د- زراعة الشعر

يعد من الخيارات الأخيرة للمرضى، ولكنه يحمل نتائج مرضية في نهاية المطاف.

أما بالنسبة للنساء فيوجد خيارات علاجية إضافية يمكن أن تساعد في علاج الحالة، وهي مضادات أندروجين، والأندروجينات هي هرمونات مسؤولة عن الذكورة، ومتهمة في التسبب بالحاصة الأندروجينية.

وتضم الخيارات العلاجية الأخرى:

  • سبيرونولاكتون: يعمل كمدر للبول، بالإضافة لدوره كمضاد أندروجيني بتأثيره على مستقبلات تستوستيرون وأندروجين، وقد تظهر آثار جانبية تتمثل باضطرابات في الطمث وتعب وآلام في الثديين.
  • كيتوكونازول: يعمل كمضاد فطري، بالإضافة لتأثيراته المضادة للأندروجين، مما قد يساعد في العلاج، فبالإضافة لدوره في تقليل الالتهاب يساعد أيضاً بمنع تساقط الشعر. (8)

٢- الحاصة البقعية (الثعلبة)

قد يكون الشفاء بدون علاج وارد، لكن المدة التي يمكن أن يعود بها الشعر من جديد غير معروفة، مما يجعل العلاج خياراً أفضل أمام المرضى، ويعتمد علاج الحاصة البقعية على ستيرويدات موضعية وجهازية.

  • تريامسينولون أسيتونايد: يُعطى حقناً كل 2 إلى 6 أسابيع، وقد أظهر فعالية جيّدة بعودة الشعر بنسبة 63% من الحالات.
    وقد يعاني المريض من الضمور الجلدي والألم أو حتى فقدان لون البشرة كآثار جانبية محتملة.
  • الستيرويدات الجهازية: تعطى للحالات الحادة عادةً، ولا تعتبر خياراً فعالاً بسبب الآثار الجانبية الواسعة وكثرة النكس.
    ويمكن أن يعطى كعلاج جهازي كل من ميثوتريكسات وسيكلوسبورين وآزويثوبرين (مثبطات مناعة).

ويمكن تطبيق مينوكسيدل كخيار علاجي وارد، إلا أنه لا يجب أن يستخدم للأطفال الصغار لاحتمال التسببب بفرط أشعار معمم.

وحسب دراسة نشرت في مطلع 2022 بخصوص علاج الحاصة البقعية، أكّدت وجود عقار جديد (باريتينيب) قد يشكل فروقات في علاج الحالة إلا أنه ما زال بحاجة للمزيد من الدراسة.

٣- سعفة الرأس

يعتبر علاج هذه الحالة أمراً ميّسراً، حيث يجب تطبيق مضاد فطري (المُفضل هو جريزوفولفين) وذلك عبر حبوب فمويّة تؤخذ من 4 إلى 8 أسابيع، فالعلاج الموضعي غير محبذ.(8)

أما في حالة تساقط الشعر الكربي فيعود الشعر للنمو بشكل تلقائي، ولكن في اضطراب شد خصل الشعر وثعلبة الشد يحتاج المريض للمساعدة من مقدم رعاية صحية مختص بالتعديلات السلوكية.

الوقاية من تساقط الشعر

تكون بعض الحالات وراثيّة أو مناعية مجهولة السبب، بحيث لا يمكن الوقاية منها.

إلا أن هناك خطوات بسيطة قد تقي من الأسباب الأخرى المسببة لحالة تساقط الشعر، وتضم:

  • تعديلات على نمط الحياة، بالابتعاد قدر الإمكان عن حالات الشدة والتوتر.
  • في حال ووجود حالات توتر شديدة ينصح بمحاولة اتباع أساليب للتهدئة كالاستماع للموسيقا وممارسة اليوغا، ومن الممكن في حال عدم وجود تحسن التحدث مع أخصائي اجتماعي أو طبيب نفسي.
  • العناية بنمط الغذاء، بحيث ألا يكون هناك نقص في البروتين أو المعادن والفيتامينات الهامة.
  • تجنّب تسريحات الشعر أو البكرات التي تتطلب شد، أو استخدامها بحكمة.
  • التقليل من تعرِّيض الشعر لحرارة عالية عند تصفيفه.