تسمم الحمل: الأعراض والعلاج

المراجعة الطبية - OB/GYN
الكاتب - أخر تحديث 27 أكتوبر 2022

ما هو تسمم الحمل؟

تسمم الحمل أو ما قبل الإرجاج أو مقدمات الارتعاج "Preeclampsia"، هي حالة طبية تظهر خلال الحمل وتعتبر من المضاعفات التي يخشى حدوثها، فهي تترافق مع وجود أرقام عالية للضغط الشرياني بالإضافة لمشاكل كلوية واضطرابات أخرى.

يحدث هذا الاضطراب غالباً، بعد الأسبوع العشرين من الحمل، ومن الممكن أن يظهر بعد الحمل بحالة تعرف بتسمم الحمل التالي للوضع، ويعود هذا الاضطراب بالعديد من المضاعفات الخطيرة على صحة الأم وجنينها.

فهذه الحالة تشكل أحد أهم أسباب الوفيات المرتبطة بالحمل حول العالم، ويقدر أن هناك أكثر من خمسون ألف حالة وفاة سنوياً، مرتبطة بتسمم الحمل. (1)

كما أشارت التقديرات الاحصائية عام 2020، إن تسمم الحمل يؤثر على 2 إلى 8% من جميع حالات الحمل.

أعراض تسمم الحمل

تنصح كل امراة حامل أو مقبلة على الحمل بالاطلاع على الأعراض المرافقة للتسمم الحملي، وذلك لتقدير حالة الحمل والتواصل مع الطبيب في حال ظهور أي من الأعراض:

  • اضطرابات في الرؤية، مثل تشوش الرؤية أو من الممكن أن ترى بقع في مساحة الرؤية، وقد يحدث حساسية للضوء العالي.
  • صداع لا يستجيب للمسكنات البسيطة
  • دوار
  • غثيان وإقياء
  • حدوث ألم في القسم العلوي الأيمن من البطن أو حتى الكتف
  • وأيضا زيادة مفاجئة في الوزن (1 إلى 2.5 كغ في الأسبوع)
  • وذمة (تورم) تطال الساقين واليدين، وأيضاً الوجه
  • صعوبة في التنفس

أسباب تسمم الحمل

استطاعت الدراسات المجراة على تسمم الحمل، تحديد أهم السمات السريرية ووضع أسس التشخيص والعلاج، لكن لم تحدد الأسباب المباشرة بالدقة الكافية بعد.

حيث هنالك مجموعة من النظريات التي تقترح بعض الآليات المسببة، وأبرز هذه النظريات هي التكون غير الطبيعي للمشيمة، والتي تكون أساس الاضطرابات المؤدية في النهاية لحدوث تسمم الحمل، فبحسب دراسة عام 2015 تكون المشيمة هي المسبب الأساسي وليس الجنين، وذلك من خلال:

  • زيادة  حدوث هذه الحالة عند الحمل المتعدد (التوأم وثلاثة توائم ورباعية توائم) والتي تزداد فيه كتلة المشيمة بازدياد عدد الأجنة
  • يضاف ارتباط تسمم الحمل بحالة تعرف بالحمل العنقودي ويكون المسبب هنا أيضاً في المشيمة

إن تشكُل المشيمة غير الطبيعي، يترافق مع نمو شاذ للأوعية الدموية المغذية، وهذه الأوعية لها دوراً حاسماً في تطور تسمم الحمل وتأثيراته الدائمة على الفيزيولوجيا المرضية.

حيث يحدث نقص تروية في المشيمة، ومنه تُطلق المشيمة مجموعة من العوامل الالتهابية ومثبطات تكوُّن الأوعية، مما يؤدي لحدوث خلل في أوعية الجسم الرئيسية الأخرى.

بالإضافة لذلك يحدث اضطراب في الجريان الدموي، والذي سيسبب الاضطرابات المتعلقة بالحالة، وأبرزها القلب والأوعية الدموية والكلى والكبد.

عوامل الخطورة

هنالك عدة عوامل يمكن أن تزيد من نسبة حصول تسمم الحمل وهي تشمل:

١- الوراثة

اكتشف منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي، دور الوراثة في تطور التسمم الحملي وذلك من خلال ملاحظة ظهور هذه الحالة ضمن عائلات محددة.

ولكن لازال الباحثين يحاولون تحديد الطفرات الجينية المسببة لهذا الاضطراب والذي يعد أمراً صعباً لوجود أكثر من نمط وراثي مشترك. (2)

إلا أنه لا يكفي وجود هذا الاضطراب لوحده ولابدّ من وجود مرافقات بيئية إضافية لحدوث التسمم.

٢- سوابق تسمم حملي

إن وجود حالة تسمم حملي سابقة لدى المرأة، سيرفع من احتمال تطورها مرة أخرى في الحمل التالي إلى حوالي 20%

لكن الباحثون يقدرون أن هذه النسبة يمكن أن تتراوح بين 5% إلى 80% اعتماداً على العمر الحمل الذي أصيبت به.

٣- ارتفاع الضغط المزمن

إن إصابة الأم بارتفاع ضغط الدم المزمن، يعد من أهم عوامل الخطورة المتَّهمة بحصول التسمم الحملي (3)

٤- داء السكري

تم تقدير مدى علاقة السكري وحدوث التسمم الحملي من خلال الأبحاث، ووجِد أن 30% من العينة المدروسة من النساء المصابات بمرض السكري تطورت لديهن حالة تسمم الحمل.

٥- الحمل المتعدد

إن خطر تطور تسمم الحمل يكون أعلى بشكل ملحوظ في حالات الحمل المتعدد (التوأم وثلاثة توائم ورباعية توائم) مقارنةً بالحمل المفرد (4)، كما أن المرض يتطور بشكل أسرع وتكون الحالة أخطر بشكل عام.

٦- البدانة

بحسب عدة دراسات هنالك علاقة بين ارتفاع مؤشر كتلة الجسم (BMI) أكثر من 30 بالإضافة لارتفاع الكوليسترول والسيرولوبلازمين بحدوث تسمم الحمل (5) (6)

٧- متلازمة أضداد الفوسفوليبيد

وهو مرض مناعي يهاجم به الجسم نفسه، ويزيد وجود هذه الحالة من خطورة حدوث تسمم حملي، حيث يعد من أبرز عوامل الخطورة المتهمة. (7)

عوامل خطورة أخرى

  • الإصابة بالذئبة الحمامية الجهازية
  • حالة إجهاض سابقة
  • مؤشر كتلة الجسم في فترة ما قبل الحمل أكثر من 25
  • الحمل لأول مرة
  • حدوث انفصال مشيمة سابقاً
  • استخدام تقنيات الإخصاب المساعد
  • الإصابة بالداء الكلوي المزمن
  • عمر الأم أكبر من 35
  • وجود تثلث الصبغي 13 عند الجنين

مضاعفات تسمم الحمل

يمكن تجنّب حدوث المضاعفات عبر التشخيص والعلاج الباكرين، إلا أن هناك مجموعة من المضاعفات الخطيرة التي قد تحدث نادراً، وتتضمن:

  • الإرجاج: وهو حدوث نوبات صرعية (اختلاجية)، ومن الممكن أن تنتهي بحدوث غيبوبة
  • متلازمة هيلب (HELLP): من المضاعفات الخطيرة على حياة الأم، ويحدث خلالها:
    • انحلال دم
    • ارتفاع الأنزيمات الكبدية التي تدل على اضطراب الكبد
    • نقص عدد الصفيحات الدموية الذي من الممكن أن يؤدي إلى نزف خطير
  • قصور كلوي
  • احتشاء دماغي
  • وقد يحدث ما يعرف بانفصال المشيمة، والذي من الممكن أن يؤثر على نمو الجنين، فيحدّد من نموه أو يتسبب بحدوث ولادة مبكرة

يمكن أن تكون المصابات بتسمم الحمل، أكثر عرضة لتطوير مشاكل في وقت لاحق من الحياة، مثل:

  • ارتفاع ضغط شرياني
  • الأمراض القلبية الوعائية
  • السكري
  • اضطرابات التخثر

تشخيص تسمم الحمل

يعد التشخيص الباكر لتسمم الحمل مهماً وذلك لتجنّب أي مضاعفات محتملة، والحفاظ قدر الإمكان على صحة الأم وجنينها.

ولذلك فإن قيام الحامل بقياس دوري للضغط يمكن أن يكون أداة مهمة وبسيطة للكشف الباكر.

يعتمد الطبيب المختص في تشخيصه على الأعراض الموجهة لحالة التسمم الحملي بالإضافة لمجموعة من الاختبارات.

حيث يشخص تسمم الحمل بعد الأسبوع 20 من الحمل، إذا كانت أرقام الضغط الشرياني تساوي 140/90 ملم زئبقي أو أعلى، بالإضافة لوجود واحد أو أكثر مما يلي:

  • وجود بروتين في البول والذي يحدد عبر تحليل عينة من البول
  • اضطراب في وظائف الكبد والتي تحدد عبر تحليل الدم
  • اضطراب في وظائف الكلية والتي تحدد عبر تحليل الدم
  • اضطرابات تخثرية والتي تحدد أيضاً عبر فحوص دموية
  • وجود وذمة في اليدين والوجه
  • وجود صداع أو مشاكل بصرية
  • تحدد في نمو الجنين والذي يكشف من خلال التصوير بالأمواج فوق الصوتية

علاج تسمم الحمل

إن العمر الحملي مطلوب من أجل تقدير الحاجة للعلاج، فإذا كانت الحامل قد تجاوزت الأسبوع 37 والجنين مكتمل النمو، تكون الولادة هي الخيار العلاجي الأول.

أما بالنسبة للحالات التي لم تصل للأسبوع 37، فإن شدة الحالة لها دور بتحديد العلاج، فإذا كان هناك خطورة كبيرة على حياة الحامل، يُنصح عادةً بإنهاء الحمل.

وفي الحالات الخفيفة، ينصح بشكل أساسي بالتالي:

  • الراحة والاستلقاء على الجانب الأيسر من الجسم
  • التقليل من تناول الملح
  • شرب كميات كافية من الماء بما لا يقل عن 8 أكواب
  • زيادة كمية البروتين في الغذاء
  • القيام بالفحوص والاختبارات بشكل دوري لمراقبة الحالة

إذا لم تنخفص أرقام الضغط الشرياني بعد اتّباع المذكور، يقوم الطبيب عادةً بوصف مجموعة من الأدوية الخافضة للضغط.

الوقاية من الإصابة

تخضع العديد من الخيارات الوقائية للبحث والدراسة، إلا أنه وبشكل عام يمكن أن يكون استخدام كبريتات المغنيزيوم ضمن المكملات الغذائية خلال الحمل هو الأنجح والأكثر موثوقية.

كما يوجد خيارات أخرى تضم:

  • الأسبرين
  • مكملات الكالسيوم
  • الفيتامينات المضادة للأكسدة (فيتامين E و C)

ولابدّ من التأكيد على أنه من المهم على المرأة الحامل أن تزور طبيب النسائية بشكل دوري، وذلك تجنّباً لأي من مشاكل الحمل الممكنة، وبالتالي الحفاظ على صحتها هي وجنينها.