جرثومة الملوية البوابية: الأسباب والعلاج

المراجعة الطبية - .MBBChb, MD
الكاتب - أخر تحديث 5 سبتمبر 2023

يتعرض الإنسان خلال حياته لآلاف الأنواع من الجراثيم التي تغزو جسمه، ومنها ما قد يسبب أمراض مباشرةً أو خلال فترة قصيرة.

ومن هذه الجرائيم جرثومة الملوية البوابية أو المعدية (Helicobacter pylori) وهي جرثومة تسبب حدوث التهابات في المعدة.

فما هي أعراض هذه الجرثومة؟ وما العلاجات المتوفرة للقضاء عليها؟

ما هي جرثومة الملوية البوابية؟

تم وصف هذه الجرثومة لأول مرة عام 1983 وسميت آنذاك "كامبيلوباكتر" ومن ثم أخذت الاسم الحالي لها وهو الملوية البوابية وذلك بسبب شكلها.

وقد أجريت العديد من الأبحاث لوصف طرق العدوى والمضاعفات التي قد تنتج عنها، كما تم إثبات الارتباط بينها وبين ظهور القرحات الهضمية، فمعظم مرضى القرحة الهضمية يصابون بهذه الجرثومة.

وتصيب جرثومة الملوية البوابية القسم العلوي من الجهاز الهضمي وبشكل خاص المعدة والعفج.

وتعد من الجراثيم شديدة الانتشار حول العالم، وتُقدّر نسبة الإصابة بها بين البشر من ٨٥٪ الى ٩٥٪ بالدول النامية و ٣٠٪ الى ٥٠٪ في الدول المتقدمة. (1)

أسباب وطرق العدوى

تنتقل الجرثومة من الفم للجهاز الهضمي في المعدة والجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة مستخدمةً شكل ومكونات جسمها للتنقل بين هذه الأجزاء.

حيث تمكنها السياط التي تمتلكها من حفر مكان ملائم لها في بطانة المعدة، وينتج عن ذلك التهاب يصيب هذه البطانة.

ويمكن أن تحصل العدوى عند تناول الطعام أو الماء الملوثان ببراز الأشخاص المصابين بالجرثومة لذلك يكون انتشارها أكبر في البلدان النامية والبيئات المزدحمة وقليلة النظافة.

أما بين البشر فتنتقل العدوى عبر اللعاب، لذلك قد نتشر العدوى ضمن العائلة من خلال استخدام الأدوات الخاصة للمريض (أدوات المائدة الخاصة به - فرشاة الأسنان).

وتتميز جرثومة الملوية البوابية أيضاً بقدرتها على تحمل درجات الحموضة الشديدة جداً في المعدة، ويمكنها العيش في هذه الظروف القاسية على عكس باقي أنواع البكتريا التي يشكل وسط المعدة حاجزاً يمنع عبورها.

ويعود ذلك لقدرة هذه الجرثومة على إفراز مادة تدعى "يورياز" تعدل الوسط الحمضي الموجود في المعدة، وتعتبر مادة سامةً لباقي خلايا الجسم.

واعتماداً على المكان الذي استقرت فيه هذه الجرثومة قد تسبب زيادةً في إفراز الحموض المعدية.

أعراض الإصابة بجرثومة الملوية البوابية

لا تظهر على غالبية المرضى المصابين بجرثومة الملوية البوابية أي أعراض، في حين قد يعاني بعضهم من أعراض متنوعة مختلفة الشدة.

ويجدر بالمريض التحدث مع الطبيب المختص في حال تكرار ظهور الأعراض ومنها:

١- الأعراض الخفيفة:

  • التجشؤ
  • النفخة
  • الغثيان والإقياء
  • الغازات
  • شعور بعدم الارتياح في منطقة البطن
  • نقص الشهية للطعام

٢- الأعراض الشديدة التي قد تظهر على بعض المرضى:

  • ألم في منطقة البطن
  • الغثيان والإقياء الشديد والذي قد يكون مصاحباً للإقياء المخلوط بالدم
  • انخفاض في عدد خلايا الدم الحمراء
  • الإسهال وزيادة عدد مرات التبرّز
  • تعب أو وهن عام
  • القرحات الهضمية

٣- ينصح المريض باستشارة الطبيب مباشرةً في حال ظهور أعراض خطيرة مثل:

  • التقيؤ المدمى: وهو الإقياء الحاوي على الدم أو باللون الأسود كلون طحل القهوة.
  • التبرّز المدمى: وهو خروج براز مخلوط بالدم أو أسود أو بلون الإسفلت.

مضاعفات جرثومة الملوية البوابية

قد يظهر على المصاب بجرثومة الملوية البوابية مضاعفات متنوعة ومختلفة من أهمها:

١- التهاب المعدة:

خاصةً التهاب المعدة الذي يحدث في منطقة "الغار" في المعدة، وهو من أكثر المضاعفات شيوعاً، فتصل نسبته لحوالي ٩٥%.

٢- قرحة المعدة:

حيث تسبب حوالي ٥٠% من قرحات المعدة، و٩٥% من قرحات العفج (الاثني عشر).

بالتالي فإن معالجة هذه الجرثومة والقضاء عليها يعالج هذه القرحات ويقلل احتمال تكرارها.

وقد تتطور بعض القرحات الهضمية إلى انثقاب القرحة ونزفها، وهي حالة شديدة الخطورة وتتطلب معالجة إسعافية فمن الممكن أن تؤدي للوفاة ولكن هذه المضاعفات تعتبر قليلة الحدوث.

٣- سرطان المعدة:

يمكن للإصابة بهذه الجرثومة أن تزيد من نسبة خطر الإصابة بسرطان المعدة، وترتفع النسبة في حال كان المريض من المدخنين وذلك بحسب دراسة عام ٢٠٢٠.

ومن العلامات التي تشير إلى احتمال تطور سرطان المعدة لدى المريض وجود صعوبة بلع حديثة لدى المريض، وصعوبة في الهضم، وخسارة الوزن الشديدة، والإقياء المستمر.

بالإضافة إلى ظهور ضخامات جديدة في الجسم قد تشير إلى وجود اضطراب في العقد اللمفاوية.

٤- الارتجاع الحمضي المعدي المريئي GERD:

تشير الدلائل إلى زيادة الارتباط بين الارتجاع الحمضي والإصابة بجرثومة الملوية البوابية، لأنها تزيد من إفراز الحموض المعدية.

التشخيص

يبدأ تشخيص الإصابة بجرثومة الملوية البوابية بالفحص السريري، حيث يجري الطبيب فحصاً بطنياً شاملاً مع أخذ القصة الكاملة من المريض والسوابق الدوائية أو العلاجية التي خضع لها، وهذه المعلومات تشكل حجر الأساس الذي يقوم عليه التشخيص.

ثم قد يطلب الطبيب من المريض إجراء مجموعة من التحاليل والفحوصات لتأكيد السبب المرضي، ومن هذه الفحوص:

١- فحص وتحليل الدم

يمكن من خلاله كشف وجود ارتفاع في تعداد خلايا الدم المناعية (الكريات البيضاء) وغيرها من العلامات والاختبارات الالتهابية التي تدل على محاربة الجسم لعامل مُمرض من خارج الجسم.

٢- زرع البراز

يتم أخذ عينة من براز المريض لفحصها تحت المجهر الضوئي في المختبر الطبي، حيث قد يستطيع الطبيب بذلك كشف أية جرثومة في الطريق الهضمي للمريض.

٣- فحص النفس

إن المبدأ الرئيسي لهذا الاختبار يقوم على فهم آلية عمل الجرثومة والمواد التي تفرزها.

حيث يأخذ المريض حبوباً عن طريق الفم تحتوي على مادة الـ "يوريا"، فتفككها الجرثومة وتطلق غاز الكربون الذي يطرح عن طريق الرئتين.

وبالتالي فإن وجود الكربون في الهواء الخارج من الرئتين بنسبة كبيرة، يشير لإصابة المريض بجرثومة الملوية البوابية.

٤- اختبار المستضد البرازي

يقوم هذا الاختبار على أخذ عينة من البراز وإجراء اختبارات مناعية عليها بمراكز خاصة.

حيث يسمح حتى بكشف أجزاء من الجرثومة، ويعتبر من الاختبارات الحديثة والمؤكدة للتشخيص أيضاً.

٥- إجراء التنظير الهضمي العلوي

يعتبر هذا الإجراء التشخيصي المؤكد في حال الإصابة بالجرثومة.

حيث يطلب من المريض إجراء تنظير هضمي للقسم العلوي من الطريق الهضمي، ومن ثم أخذ عدة خزعات من المناطق المشتبهة ليتم فحصها والبحث عن وجود الجرثومة فيها.

فحص النفس لتشخيص جرثومة الملوية البوابية
فحص النفس لتشخيص جرثومة الملوية البوابية

العلاج

بعد تأكيد التشخيص بجرثومة الملوية البوابية عن طريق الاختبارات التشخيصية يبدأ الطبيب بالخطة العلاجية والتي تقوم على مبدأين علاجيين أساسيين، وهما:

  • مثبطات مضخة البروتون PPIs
  • مضادات الالتهاب الحيوية

حيث تشمل العلاجات الأكثر استخداماً للقضاء على الجرثومة استخدام مثبطات إفراز الحموض من المعدة وخاصةً PPIs بالإضافة إلى اثنين من مضادات الاتهاب المعروفة.

ويمكن تأكيد حالة الشفاء منها عن طريق إجراء اختبارات خاصة لهذا الغرض (اختبار النفس أو البراز) بعد فترة ٤ أسابيع تقرييباً من الانتهاء من العلاج.

كما يمكن تكرار العلاج في حالة عدم الشفاء أو في حال الإصابة مجدداً.

الوقاية

يمكن التقليل من نسبة حصول عدوى بجرثومة الملوية البوابية من خلال اتباع العادات الصحية والاهتمام بالنظافة العامة مثل:

  • غسل اليدين جيداً قبل البدء بتحضير الطعام وقبل تناوله، وأيضاً بعد استعمال المرحاض.
  • شرب الماء من مصادر نظيفة وموثوقة

الملخص

تعد الإصابة بجرثومة الملوية البوابية أمر شائع، ويمكن عند تشخيصها أن يتمكن الطبيب من وصف الدواء المناسب.

ومن المهم أن يلتزم المريض بالجرعات الدوائية والنصائح الطبية التي يقدمها الطبيب له لضمان التخلص من الجرثومة بشكل كامل والعودة للحياة الطبيعية.