سرطان المريء: الأسباب والمضاعفات

الكاتب - أخر تحديث 10 فبراير 2023

يعتبر سرطان المريء "Esophageal Cancer" من السرطانات الخطرة، والتي يعتبر التشخيص المبكر فيها مهم جداً ويرفع من نسبة الشفاء.

سنتعرف في هذا المقال على عوامل الخطورة التي تزيد من نسب الإصابة بالإضافة إلى وسائل التشخيص والعلاج.

نظرة عامة عن سرطان المريء

يصل المريء بين الفم من الأعلى والمعدة في الأسفل، وهو جزء من الجهاز الهضمي حيث يعمل على نقل الطعام عن طريق تقلص عضلاته بشكل منتظم ودوري، والتي تبدأ بوصول الطعام إلى الجزء العلوي منه.

وقد يتعرض المريء للعديد من الاضطرابات والأمراض المختلفة، ومنها السرطان والذي قد ينشأ على أي جزء منه.

يحدث سرطان المريء "Esophageal Cancer" نتيجة تبدل خبيث يصيب الخلايا في المريء، حيث يؤدي إلى تكاثرها بشكل عشوائي وغير قابل للسيطرة.

ووفقاً لآخر تقرير من الجمعية الأمريكية للسرطان American Cancer Society لعام 2023 ضمن الولايات المتحدة الأمريكية، فقد بلغت أعداد الإصابات المشخصة حديثاً في نفس العام حوالي 20640 حالة، وكانت 16510 بين الذكور و4130 بين الإناث.

كما بلغت أعداد الوفيات، وفقاً لذات التقرير حوالي 16410 حالة وفاة، من بينها 13250 بين الذكور و3160 بين الإناث.

ويعتبر من السرطانات التي تميل بشكل أكبر لإصابة الرجال، حيث يشير التقرير السابق نفسه إلى أن نسبة إصابة الذكور هي حوالي واحد من كل 125 رجل، في حين أن احتمال إصابة الإناث هي واحدة من كل 417 امرأة.

أنواع سرطان المريء

هنالك نوعين أساسيين لسرطان المريء يختلفان بشكل أساسي في النمط الخلوي للسرطان وفي موقع الحدوث، ويفيد تحديد النوع في تقدير العلاج الأنسب.

١- السرطان الغدي "Adenocarcinoma"

وهو ينشأ على حساب الخلايا الغدية المفرزة للمخاط في الجزء السفلي من المريء.

ويعتبر النمط الأكثر شيوعاً ويكون في الجزء السفلي القريب من المعدة عادةً، وهذا ما يفسر العلاقة بينه وبين الاضرابات المريئية المعدية كالارتجاع الحمضي المعدي المريئي.

٢- السرطان شائك الخلايا "Squamous Cell Carcinoma"

يبدأ هذا النمط من الخلايا الشائكة والتي تعتبر إحدى الأنماط الخلوية الموجودة بكثرة في القسم العلوي من المريء.

ما يميز هذا النمط عن سابقه هو ارتباط الإصابة به بشكل كبير بالتدخين وشرب الكحول بكثرة، والتبعات المتعلقة بنقل الأعضاء.

أعراض الإصابة بسرطان المريء

لا يعاني المريض في البداية من أية أعراض مهمة، إلا أنه لاحقاً ومع تقدم سرطان المريء تبدأ العلامات المنذرة بالظهور، وأهمها:

  • صعوبة أثناء ابتلاع الطعام
  • اضطراب الهضم وشعور الحرقة الذي لا يتحسن عادة أو يختفي
  • خسارة الوزن غير المفسرة أو المخطط لها
  • ألم في الحلق أو خلف عظم القص الموجود في منتصف جدار الصدر

لا تعتبر الأعراض السابقة مميزة لسرطان المريء فقط فقد تسببها العديد من الاضطرابات الهضمية الأخرى.

١- صعوبة ابتلاع الطعام

قد يشكو المريض من إحساس حارق أو ألم أثناء تناول الطعام، أو حتى صعوبة مرور اللقمة واحساس بأنها عالقة.

يعتبر هذا العارض الأكثر شيوعاً لسرطان المريء، ومن المهم طلب استشارة الطبيب المختص عند الاحساس به.

٢- اضطراب الهضم وشعور الحرقة

يحصل هذا العارض عندما ترتد الأحماض المفرزة بشكل طبيعي من المعدة إلى المريء، وبما أن بنية جدار المريء غير مهيئة لاستقبال مثل هذه المواد عالية الحموضة، ينتج عن ذلك ألم، يصفه المريض بالحارق.

تعمل العضلة المريئية السفلية التي تفصل أسفل المريء عن بداية المعدة على منع عودة هذه الأحماض إلى المريء في الحالة الطبيعية.

إلا أنه في حال وجود سرطان أسفل المريء فقد تضطرب هذه الوظيفة مع العلم أن السرطان ليس السبب الوحيد لهذه الحالة ولكن عدم نجاح العلاجات التقليدية في السيطرة على القلس يدفع المريض لطلب استشارة الطبيب.

٣- خسارة الوزن غير المفسرة

قد تكون خسارة الوزن بسبب إقلاع المريض عن الطعام خوفاً من الألم الحاصل أو بسبب الحرقة، وفي حالات نادرة يكون ذلك بسبب وصول السرطان إلى مرحلة متقدمة.

٤- شعور الألم في الحلق أو خلف عظم القص

قد يشعر المريض بشعور مؤلم في منتصف الصدر أو في الظهر أو حتى في المنطقة الظهرية بين لوحي الكتف.

ويزداد الألم نتيجة اضطرابات الهضم أو أثناء ابتلاع الطعام.

٥- بعض الأعراض الأخرى

  • عودة الطعام إلى الفم (الارتجاع الطعامي): قد تعود أجزاء من الطعام غير المهضوم إلى الفم بعد تناول الطعام.
  • السعال المتكرر بدون تحسن وبشكل خاص أثناء الطعام.
  • بحة الصوت
  • السعال والإقياء المترافقين مع خروج الدم
  • خروج براز أسود اللون (البراز الزفتي): وينتج عن النزف المحتمل ضمن الطريق الهضمي

عوامل الخطورة

هنالك مجموعة من عوامل الخطورة التي قد ترفع من نسب الإصابة بسرطان المريء ومنها:

  • العمر: يزداد احتمال الإصابة لدى الفئة العمرية التي تتراوح بين 45 وحتى 70 سنة
  • الجنس: احتمال إصابة الرجال أعلى بحوالي 3 أو 4 أضعاف مقارنة بالإناث
  • العرق: ذوي العرق الأسود هم أعلى احتمالاً للإصابة من العرق الأبيض بسرطان المريء شائك الخلايا "Squamous Cell Carcinoma"
  • التبغ: إن تعاطي التبغ بمختلف أشكاله يزيد من خطر الإصابة بالسرطانة شائكة الخلايا بشكل كبير
  • الكحول: إن شرب الكحول بكثرة ولفترة طويلة هو من عوامل الخطورة المهمة، وبشكل خاص عند ترافقه مع التدخين
  • مريء باريت "Barrett's Esophagus": هي حالة مرضية تصيب المريء لدى بعض الأشخاص المصابين بالقلس المعدي المريئي "GERD" بشكل مزمن، ودون متابعة العلاج. حيث يحدث في هذا المرض تحول في شكل الخلايا المريئية لتتكيف مع التعرض المستمر لأحماض المعدة.
    • تعتبر هذه الحالة إحدى عوامل الخطورة للإصابة بالسرطان الغدي "Adenocarcinoma"، مع العلم أن خطر إصابة مرضى باريت بسرطان المريء ليس عالياً.
  • الحمية الغذائية: والمقصود هنا هو الحمية قليلة المحتوى من الفواكه والخضروات والفيتامينات والمعادن
  • السمنة: خاصةً الأشخاص الذين يعانون من زيادة كبيرة في الوزن مع وجود نسب عالية من الشحوم
  • القلويات: إن شرب الأطفال لمواد شديدة القلوية، مثل الموجودة ضمن مواد التنظيف بشكل أساسي، يؤدي إلى تخرب بنية جدار المريء، ويؤهل للإصابة بالسرطان شائك الخلايا في وقت لاحق.
  • مرض الأكلازيا "Achalasia": يحصل اضطراب في عمل العضلة المريئية السفلية، فلا يحدث فيها استرخاء تلقائي استجابةً لدخول الطعام إلى المريء.
  • الفيروس الحليمي البشري "HPV": تشير دراسة الحديثة إلى ارتباط الإصابة بهذا الفيروس مع الإصابة بسرطان المريء، على الرغم من عدم تحديد الرابط بينهما بعد. (1)

مضاعفات الإصابة

إن الإصابة بسرطان المريء يؤدي في أغلب الأحيان لمجموعة من المضاعفات التي تشمل:

  • تضيق جوف المريء: نتيجة تقدم السرطان وزيادة حجمه، فقد يؤدي إلى تضيق في لمعة أنبوب المريء أو حتى انسداده. بالتالي يسبب صعوبةً في مرور المواد الصلبة، ليصبح مرور السوائل صعباً أيضاً بشكل تدريجي لاحقاً.
  • الألم: وهو من أعراض ومضاعفات الإصابة بالسرطان في المراحل متقدمة.
  • حدوث النزف من المريء: قد تكون كمية الدم النازف قليلةً أو كبيرةً وشديدةً في بعض الأحيان.

تشخيص الإصابة بسرطان المريء

عند شعور المريض بأي من العلامات والأعراض المميزة لهذه الحالة يجب استشارة الطبيب، ليتأكد عندها الطبيب من شكوى المريض وزمنها بالتالي بدء عملية التشخيص.

يعتبر التنظير الهضمي العلوي "Upper Endoscopy" من أهم طرق التشخيص لسرطان المريء.

وهو عبارة عن جهاز مع كاميرا صغيرة لتصوير الفيديو في مقدمته، بالإضافة إلى بعض الأدوات الأخرى التي تسمح بأخذ الخزعة مباشرةً من الأماكن التي يراد التأكد منها.

بعد أخذ الخزعات "Biopsy" من الأماكن التي يراد التأكد منها، يجب إرسالها إلى المختبرات المختصة بتحليلها ودراستها تحت المجهر الضوئي، وذلك لتأكيد إمكانية الإصابة بالسرطان.

كما أن هنالك المزيد من الفحوصات التشخيصية التي تساعد بتحديد درجة انتشار الورم ومرحلته وتشمل:

  • الفحوص المخبرية للدم: ويعتبر أحد الاختبارات العامة التي تجرى لكل المرضى، مثل تعداد الدم الكامل "CBC"، وقياس شوارد الدم وغيرها
  • صورة الصدر البسيطة "Chest X-Ray"
  • مسح الجسم بالتصوير الطبقي المحوسب "CT scan": يتميز هذا النمط بإمكانية تصوير الجسم بمقاطع متعددة، مما يعطي معلومات تفصيلية بشكل أكبر، إضافة للصور ثلاثية الأبعاد التي يقدمها.
  • التصوير الطبقي بالإصدار البوزيتروني "PET-CT scan": قد يشير إلى الأماكن الأكثر نشاطاً حيوياً، كما في حالة الخلايا السرطانية.
  • تصوير المريء بالأمواج فوق الصوتية من داخله "EUS": يساعد في تحديد درجة امتداد الورم ضمن جدار المريء.
  • تصوير المريء باستخدام المادة الظليلة -الباريوم- "Barium swallow": يشرب المريض مادة تدعى الباريوم، ثم يتم تصويره، ويساعد الإجراء السابق في توضيح الصورة الشعاعية البسيطة بشكل كبير.

علاج سرطان المريء

يمكن تحديد طريقة علاج سرطان المريء اعتماداً على مجموعة من المحددات، وهي:

  • حجم ونمط سرطان المريء لدى المريض
  • مكان توضعه
  • الحالة الصحية العامة
  • إن كان الورم ما زال الورم متوضعاً في مكانه أم انتشر

ومن الخيارات العلاجية المتبعة:

١- الجراحة

إن اكتشاف السرطان في مرحلة مبكرة يجعل من استئصاله عن طريق الجراحة أمراً ممكناً.

حيث يتم استئصال أجزاء من المريء أو كامل المريء، كما قد يتطلب العلاج استئصال بعض الأعضاء القريبة منه مثل الجزء العلوي من المعدة.

٢- العلاج الكيميائي

يساعد العلاج الكيميائي على قتل الخلايا السرطانية، ويمكن استخدامه في الحالات التالية:

  • قبل الجراحة لجعل الورم أصغراً
  • بعد الجراحة للتخلص من البقايا الورمية للوقاية من عودة الورم (النَكْس)
  • تطبيقه بالترافق مع العلاج الشعاعي لعلاج المراحل المبكرة من الإصابة أو في الحالات غير القابلة للعلاج الجراحي
  • للسيطرة على الأعراض في المراحل المتقدمة من السرطان

٣- العلاج الشعاعي

تعمل الأشعة عالية الطاقة على قتل الخلايا السرطانية، ويمكن استخدامها في الحالات التالية:

  • علاج المراحل المبكرة من السرطان، ويكون ذلك بمساعدة العلاج الكيميائي
  • من أجل السيطرة على الأعراض في المراحل المتقدمة من السرطان

٤- العلاج الهدفي "Targeted" والمناعي "Immunotherapy"

تساعد هذه العلاجات على إيقاف تقدم السرطان وتطوره، وتسخدم فيما يلي:

  • في حال انتشار السرطان إلى أماكن أخرى من الجسم
  • عندما يكون السرطان غير قابل للعلاج
  • من أجل تقليل خطر عودة السرطان (النكس) بعد العلاج الجراحي

احتمال النجاة بعد الإصابة

يتم تحديد احتمال النجاة من السرطانات بناءً على مبدأ "احتمال البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات"، في البداية يجب شرح المراحل لفهم احتمالات النجاة

  • الورم الموضّع "Localized": هو الورم الذي ما زال ينمو ضمن المريء ولم يخرج من نطاقه بعد.
  • الورم في المناطق المجاورة "Regional": خروج السرطان من المريء ووصوله إلى العقد اللمفية أو النسج القريبة منه.
  • النقائل البعيدة "Distant": وصول النقائل السرطانية إلى الأعضاء والعقد اللمفية البعيدة عن المريء.

وبناءً على ما سبق فإن احتمال النجاة لخمس سنوات هو كالتالي:

  • الورم الموضّع: 46%
  • الورم في المناطق المجاورة: 26%
  • النقائل البعيدة: 5%
  • احتمال النجاة الوسطي بغض النظر عن المرحلة: 20%

قد تختلف هذه المعدلات قليلاً وفقاً لنمط سرطان المريء، مع العلم أن سرطانة المريء الغدية "Adenocarcinoma" لها معدل نجاة أفضل قليلاً من السرطانة شائكة الخلايا "Squamous Cell Carcinoma".

لا بد من الاهتمام بموضوع السرطان وإعطائه أهمية في الدراسة والبحث، بالإضافة إلى أهمية التوعية تجاهه، خوفاً من المضاعفات الممكنة له، لذلك يعتبر الكشف المبكر عنه حجر الأساس في علاجه.