صداع الرأس: الأسباب والعلاج

الكاتب - 3 مارس 2023

يعتبر صداع الرأس "Headache" من أشهر الشكاوي المرضية حول العالم، حيث تم تقدير حوالي 96% من سكان العالم أصيبوا ولو بهجمة صداع واحدة.

أما بالنسبة للصداع النشط فتصل التقديرات حول العالم لحوالي 52%، مع وجود أرجحية للإناث (ذكور 44.4% - إناث 57.8%). (1)

ويمكن تعريف صداع الرأس بأنه الشعور بالألم في جزء من الرأس أو الوجه، ومن الممكن أن يشمل الرأس كاملاً، ويختلف شكله من حالة إلى أخرى حيث يمكن أن يكون ألماً ضاغطاً أو نابضاً، قد يرافقه أعراض أخرى وقد يأتي بمفرده. كم وله العديد من الأنواع والأسباب.

أنواع صداع الرأس

حسب الإصدار الثالث من التصنيف الدولي لاضطرابات الصداع (ICHD-3) فإنه يمكن تصنيف صداع الرأس حسب عدة عوامل إلى ثلاثة أنواع رئيسية على الشكل التالي: (2)

١- الصداع البدئي

هو الصداع الذي يكون غير مرتبط بأي اضطراب داخل الجسم ويكون مجهول السبب. يتميز بكونه الأكثر شيوعاً وغالباً يأتي بشكلٍ مزمن. يمكن أن يضم:

  • الصداع النصفي (الشقيقة)
  • الصداع التوتري
  • الصداع العنقودي
  • صداع النوم

٢- الصداع الثانوي

فهو رغم ندرة ظهور الصداع الثانوي إلا أنه الأخطر يدل على وجود عامل مسبب في الجسم، والذي قد يكون خطيراً.

ويأتي هذا النوع على على شكل هجمات حادة، وقلّ ما يأتي بشكل مزمن، بالإضافة إلى ذلك فهنالك احتمال لوجود أعراض أخرى واضحة، حيث له العديد من الأسباب ومنها على سبيل المثال أورام الدماغ.

٣- الأنواع الأخرى المتعلقة بالاعتلالات العصبية

هنالك مجموعة من الاعتلالات العصبية التي قد تسبب حدوث هجمات من الصداع وآلام الوجه، وتكون ناتجة عن اضطراب في أحد الاعصاب مثل صداع مثلث التوائم اللاإرادي (TACs).

أسباب صداع الرأس

١- الصداع البدئي

لا يوجد سبب واضح معروف لأنواع الصداع البدئي، ولكن من المهم أن نعلم أن الدماغ بحد ذاته غير حساس للألم، حيث ينشأ ألم الصداع في هذه الحالة من البنى المجاورة، مثل الأوعية الدموية والعضلات بالإضافة للأعصاب والسحايا (الأغشية المغطية للدماغ والنخاع الشوكي).

٢- الصداع الثانوي

تتنوع أسباب الصداع الثانوي ويمكن أن تكون خطرة وتحتاج لاستشارة الطبيب، وتشمل الأسباب المحتملة:

  • ارتفاع الضغط الشرياني الإسعافي (Hypertensive emergencies): وهو ارتفاع ضغط الدم فوق 180/120 مم/ز، مع حدوث قصور بأحد الأعضاء.
  • فرط الضغط داخل القحف مجهول السبب (Idiopathic intracranial hypertension): وهو ارتفاع في ضغط السائل الدماغي الشوكي (CSF) المحيط بالدماغ داخل القحف.
  • تسلّخ الشريان السباتي أو الأبهر (Carotid or vertebrobasilar dissection): وهو انفصال في بطانة والطبقة المتوسطة للشريان السباتي أو الأبهر، مما يؤدي لحدوث تجويف كاذب.
  • الآفات الشاغلة للحيز (Space occupying lesions): المقصود بذلك، أي آفة داخل الدماغ تشغل مساحة، وتؤدي لارتفاع ضغط السائل الدماغي الشوكي (CSF)، ونذكر منها الأورام الدماغية والخراجات داخل الدماغ.
  • استسقاء الرأس (Acute hydrocephalus): هو تراكم للسائل الدماغي الشوكي (CSF) داخل القحف، سواءً أكان لزيادة إنتاج أو سوء تصريف، مما يؤدي لارتفاع الضغط داخل القحف.
  • النزف داخل الدماغ (Intracranial hemorrhage): يعد من الحالات التي تتطلب عناية فورية، لما تحمله من مخاطر على حياة المريض.
  • الحادث الوعائي الدماغي (Cerebrovascular accident): الذي يشمل حالات الاحتشاء والنزف الدماغي.
  • التهاب السحايا والدماغ (Meningitis and encephalitis): إن أي آفة التهابية تطال الدماغ أو البنى المحيطة، قد تؤدي لظهور الصداع.
  • التسمم بأول أوكسيد الكربون (Carbon monoxide poisoning)
  • نوبة الزرق مغلق الزاوية (Acute angle-closure glaucoma): هي حالة تصيب العين، يحدث فيها زيادة في الضغط داخل العين.
  • صداع المسكنات (Medication overuse headache): يحدث نتيجة أخذ جرعات كبيرة من الأدوية المسكنة ولفترات طويلة.

٣- الاعتلالات العصبية وآلام الوجه وأنواع الصداع الأخرى

يعد صداع مثلث التوائم اللاإرادي أبرز مثال على نمط الصداع الذي تسببه الاعتلالات العصبية، والذي يحدث نتيجة أذية في العصب الخامس (مثلث التوائم).

كما يمكن أن نضع أي نوع من الصداع لا ينتمي لما سبق، تحت صنف أنواع الصداع الأخرى.

المحفزات

يوجد بعض المحفزات، التي تثير صداع الرأس بغض النظر عن السبب. وهي كالتالي:

  • شرب الكحول وبشكل خاص النبيذ الأحمر
  • قِلة الطعام
  • تناول بعض الأطعمة، مثل اللحوم المعبأة التي تحتوي على النترات ونسبة عالية من الصوديوم
  • تغيير نمط النوم أو عدم الحصول على قسط كافِ من الراحة والنوم ويمكن أن يضاف له الأرق
  • التوتر والمواقف الحياتية التي يمكن أن تزعج الشخص

التشخيص

إن معظم حالات تشخيص صداع الرأس تتم عبر أخذ القصة المرضية والفحص السريري، إلا أنه من الممكن أن يلجأ الطبيب لبعض الفحوص الإضافية في حال كان هنالك داعٍ لها.

١- القصة المرضية

للقصة المرضية دوراً جوهرياً في تحديد سبب صداع الرأس، بالإضافة إلى الأسئلة الموجهة من الطبيب التي تتمحور حول:

  • زمن بدء هجمة الصداع
  • هل هجمة مستمرة أم تأتي على شكل نوبات
  • مدة بقاء الهجمة
  • موقع ألم الصداع بالضبط (هل هو نصفي أم يشمل الرأس)
  • الشكل الذي يصفه المريض للصداع (نابض- ضاغط -شاد)
  • وجود أية أعراض مرافقة مثل: الغثيان والإقياء أو أعراض عصبية مثل تشوش الرؤية
  • العوامل التي تخفف من شدة هجمة الصداع مثل الراحة
  • العوامل التي تزيد من شدة الهجمة مثل الضوء الساطع
  • وجود صداع مماثل لدى أحد أفراد العائلة
  • سؤال المريض عن الأدوية التي يأخذها باستمرار
  • سؤال عن الأمراض المزمنة التي يعاني منها المريض

٢- الفحص السريري

يعتمد الفحص السريري على كشف أية علامات قد تدل على وجود ضرر عصبي أو أذية أخرى كامنة في الجسم.

٣- الاختبارات الإضافية

قد يلجأ الطبيب في بعض الحالات لبعض الفحوص الإضافية في حال كانت القصة المرضية غير موجهة. وتضم هذه الاختبارات:

  • تعداد الدم "CBC": للبحث عن أية علامات التهابية بالإضافة لدراسة تعداد وشكل كريات الدم الحمراء.
  • الفحوص التصويرية: قد تساعد الفحوص التصويرية على كشف وجود الآفات الشاغلة للحيز الدماغي ويمكن أن نعدد منها التصوير الطبقي المحوري "CT" أو التصوير عبر الرنين المغناطيسي "MRI".
  • بزل السائل الدماغي الشوكي "CSF": يساعد تحليل السائل الدماغي الشوكي "CSF" المحيط بالدماغ والنخاع الشوكي، في إضافة معلومات مهمة للتشخيص. حيث أنه يمكن أن يفيد في كشف التهاب السحايا أو وجود ارتفاع ضغط ضمن القحف.

علاج صداع الرأس

يختلف علاج صداع الرأس باختلاف النوع الحاصل، على سبيل المثال بالنسبة للصداع الثانوي يعتمد على علاج العامل المسبب أما بالنسبة للصداع البدئي، فإن العلاج يعتمد على شدة المرض ومدى تكرار الهجمات.

ويضم العلاج:

  • الابتعاد عن المحفزات مثل التوتر أو قلة النوم
  • أدوية وقائية التي تضم مجموعة واسعة يقرر الطبيب أيها الأفضل للحالة نذكر منها حاصرات بيتا
  • الأدوية المسكنة للألم مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين، ويمكن أن نضيف الأسبرين، إلا أنه من المهم عدم إعطاء الأسبرين للأطفال، وذلك لاحتمال الاصابة بـ "متلازمة راي" المهددة للحياة.
  • كما قد يكون من المفيد بالنسبة لمرضى صداع المسكنات إيقاف أو تخفيف تناول المسكنات بشكلٍ تدريجي، قد تتطلب بعض الحالات البقاء في المشفى لبعض الوقت.

الوقاية من صداع الرأس

يمكن أن تفيد بعض الخطوات في الحد من ظهور هجمات صداع الرأس بشكل فعال، وإليك طريق الوقاية من الصداع:

  • الابتعاد عن محفزات الصداع: لكل نوع من أنواع الصداع عوامل محفزة شائعة، مثل الكحول أو نقص النوم أو قلة الأكل لذاك ينصح للوقاية محاولة تجنب هذه الأمور.
  • الطعام: تؤثر بعص أنواع الأطعمة على حالة الصداع لذلك ينصح بتناول كميات صغيرة من نظام غذائي صحي ومتوازن بانتظام. وتجنب استهلاك السكريات واللحوم المعبأة وغيرها.
  • الابتعاد عن التوتر: يساعد تجنب العوامل التي تزيد التوتر في تخفيف مدى تكرار الهجمات، وقد يساعد تخصيص وقت للاستجمام أو قضاء الوقت مع الأصدقاء والعائلة.
  • ممارسة الرياضة: يفيد إجراء تمارين رياضية بانتظام في ضبط الصداع المرافق.

في الختام لا بد من التنويه إلى أن الصداع ليس إلا عارض عابر، وذلك في معظم الحالات ولكن هذا لا ينفي ضرورة زيارة الطبيب وأخذ مشورته في حال تكررت النوبات واختلفت شدتها.