عيوب القلب الخلقية: ما هي الطرق المتاحة للتشخيص والعلاج؟

المراجعة الطبية - M.D
الكاتب - أخر تحديث 21 يونيو 2023

عيوب القلب الخلقية تعتبر من الحالات التي تصيب الأطفال، وتظهر في معظم الحالات منذ لحظة الولادة.

وتشمل هذه العيوب أنواع شذوذ شكلية وتشريحية وبنيوية ضمن الجسم وفي أعضاءه المختلفة، والقلب واحد من هذه الأعضاء التي تصاب بالعيوب الخلقية.

فما هي عيوب القلب الخلقية وما سبب حدوثها وأنواعها؟

تعريف عيوب القلب الخلقية

تعرف عيوب القلب الخلقية (Congenital Heart Defects) أنها تغيرات في البنية والشكل التشريحي للقلب الطبيعي عند الأطفال.

حيث تتأثر المكونات التشريحية والشكل الطبيعي للقلب على سبيل المثال ضمن الأشكال التالية: حدوث ثقوب بين جدران حجرات القلب، أو انسداد في أوعية وصمامات القلب.

وتكون هذه العيوب موجودة منذ لحظة الولادة ولذلك سميت خلقية.

وتحتاج معظم عيوب القلب الخلقية للمراقبة والعلاج لأنها قد تؤدي إلى اختلاطات خطيرة قد تهدد الحياة، في حين أن بعض العيوب الخلقية في القلب لا تحتاج لعلاج أو تعالج بسهولة.

أنواع عيوب القلب الخلقية الأكثر شيوعاً

تتنوع هذه العيوب فيما بينها وذلك بحسب المكان أو الجزء التشريحي من القلب الذي يحدث فيه التشوه والخلل.

لذلك لها أنواع وأشكال عديدة ومتنوعة ولكن يمكن تقسيمها باختصار بالاعتماد على الآلية المرضية التي تحدث بسبب العيب الخلقي أو على المكان الذي يحدث فيه التشوه أو الأعراض التي يسببها العيب القلبي. وتشمل الأنواع الأكثر شيوعاً ما يلي:

١- عيوب القلب الخلقية الانسدادية (Obstructive defects)

وتكون الألية المرضية والعيب الخلقي في هذا النوع ناجم عن وجود انسداد أو تضيق في أحد صمامات القلب أو الأوعية الدموية الكبيرة التي تخرج من القلب،

وبالتالي يحدث إعاقة ومنع لتدفق الدم بالشكل الطبيعي والكافي في القلب وتظهر هنا أعراض العيب الخلقي.

وأكثر العيوب الانسدادية شيوعاً هي:

  • تضيق الصمام الأبهري الخلقي الذي يقع بين البطين الأيسر والشريان الأبهر.
  • تضيق الصمام الرئوي الخلقي الذي يقع بين البطين الأيمن والشريان الرئوي.
  • الصمام الأبهري ثنائي الوريقات (Bicuspid aortic valve).
  • التضيق تحت الصمام الأبهري أو انسداد مخرج البطين الأيسر.
  • تضيق برزخ الأبهر (Coarctation of the aorta).

٢- عيوب القلب الخلقية الحاجزية (Septal defects)

يتكون القلب من أربعة حجرات هي أذينتين في الأعلى وبطينين في الأسفل، ويفصل بين هذه الحجرات حاجز بين الأذينات وحاجز بين البطينات.

وتكون وظيفة هذه الحواجز هي الفصل بين حجرات القلب اليمنى واليسرى بالإضافة إلى منع انتقال الدم بينهم بعكس التدفق الطبيعي الذي هو من الأذينة اليمنى للبطين الأيمن ومن ثم للأذينة اليسرى والبطين الأيسر بعد المرور بالرئتين، ليضخه البطين الأيسر لأنحاء الجسم.

وفي حال وجود عيب في الحاجز الأذيني أو البطيني كالانثقاب في الحاجز أو غياب الحاجز تماماً يحدث خلل في تدفق الدم الطبيعي واختلاط للدم المحمل بالأوكسجين (الدم الشرياني) والدم الفقير بالأوكسجين (الدم الوريدي) ويسمى عيب القلب هنا "العيب الحاجزي"، وتشمل عيوب القلب الحاجزية نمطين هما:

  • عيب الحاجز بين الأذينات أو الفتحة بين الأذينين (ASD)
  • عيب الحاجز بين البطينات أو الفتحة بين البطينين (VSD)

٣- عيوب القلب الخلقية المزرقة (Cyanotic defects)

سمي هذا النوع بالعيوب المزرقة نتيجة للون الأزرق الذي يظهر كعرض على الطفل المصاب بها ويكون ناجم عن نقص تركيز الأوكسجين في الدم الذي يضخه القلب بسبب العيب الخلقي الحاصل.

ويحدث في هذه الآفات المزرقة تشوهات وتبدلات تشريحية وشكلية كبيرة نسبياً ومعقدة في القلب وبنيته، حيث تشمل هذه الآفات عدة عيوب مجتمعة مع بعضها تجعل عملية أكسجة الدم وضخه للجسم عملية صعبة وغير فعالة، وأبرز عيوب القلب الخلقية المزرقة هي:

  • رباعي فالو (Tetralogy of Fallot) ويضم التشوهات التالية: فتحة بين البطينين، الشريان الأبهر يتوضع فوق الفتحة بين البطينين، تضيق في الصمام الرئوي، وضخامة بطين أيمن
  • تبادل منشأ الأوعية الكبيرة (Transposition of the great arteries) وفيه تنعكس الأماكن التي تخرج منها الـشرايين الرئيسية للقلب، حيث يخرج الشريان الأبهر من البطين الأيمن وهو في الحالة الطبيعية ويخرج من البطين الأيسر، في حين أن الشريان الرئوي يخرج من البطين الأيسر وهو في الحالة الطبيعية يخرج من البطين الأيمن.

الأعراض المرافقة لعيوب القلب الخلقية

تتنوع الأعراض التي تترافق مع حالة عيوب القلب الخلقية، وتختلف في توقيت ظهورها حسب كل حالة، فبعض العيوب الخلقية تعطي أعراضاً منذ لحظة الولادة، والبعض الأخر يتأخر ظهور الأعراض فيه لسن الطفولة أو بعد البلوغ أحياناً.

وتتضمن أبرز الأعراض التي تترافق مع عيوب القلب الخلقية ما يلي:

  • الزرقة: يعني ظهور مناطق معينة من جسم الطفل بلون أزرق وبالتحديد الوجه، الشفتين، والأظافر والسبب في ذلك يعود لنقص نسبة الأوكسجين في الدم عند الطفل نتيجة وجود العيب الخلقي.
  • تسرع النفس وعدد مرات التنفس
  • تسرع ضربات القلب
  • الزلة التنفسية اثناء تناول الطعام أو ممارسة الجهد
  • تورم ووذمة في الرجلين والكاحلين أو البطن
  • الوهن والتعب عند الطفل
  • مشاكل في النمو واكتساب الوزن

أسباب العيوب القلبية الخلقية

تحدث عندما يتطور القلب ويتكون بشكل غير طبيعي. وذلك عندما يكون الجنين ضمن رحم أمه، حيث تحدث عملية النمو والتطور لكل أعضاء الطفل عندما يكون جنيناً في الرحم. قبل الولادة وعند اكتمال تشكل أعضاء الطفل يولد ليتمكن من العيش معتمداً على نفسه.

وفي حالة حدوث عيوب خلقية في قلب الطفل، يحدث خلل في عملية تشكل ونمو قلبه ما يجعله مشوهاً وغير طبيعي، والسبب الأساسي والمحدد في ذلك غير معروف لكن المتهم الأساسي هو الخلل في المورثات والطفرات الوراثية.

ومن الممكن لهذه العيوب أن تكون نتيجة مورثات عائلية في حال كان هناك سوابق وراثية لعيوب القلب في العائلة.

ولكن بالمقابل قد تحدث عند الطفل بدون وجود سوابق وراثية، بسبب طفرات وتبدلات في المادة الوراثية للطفل ناجمة عن عوامل داخلية أو خارجية تؤثر على الأم والطفل، وتساعد على حدوث العيب الخلقي للقلب.

وهناك مجموعة من العوامل التي تترافق مع زيادة نسبة حدوث تشوهات في حال وجودها، وتتضمن أبرز هذه العوامل:

  • السوابق العائلية، حيث ترتفع نسبة الإصابة بها عند وجود سوابق إصابات في العائلة نفسها وأقارب الدرجة الأولى.
  • التدخين اثناء الحمل سواء كان إيجابياً أو سلبياً.
  • تناول الأدوية خلال فترة الحمل، حيث أن الأدوية تتباين في تأثيراتها على الأم والجنين خلال الحمل وهناك الكثير من الأصناف الدوائية التي لم تتم معرفة تأثيراتها على الطفل وأنواع أخرى تملك تأثيراً مثبتاً أنها تشوه الجنين لذلك يجب الحذر فيما يتعلق بتناول الأدوية ضمن الحمل وخصوصاً في الثلث الأول من الحمل.
  • وجود سوابق مرضية عند الأم كالإصابة بمرض السكري، الانتانات والعدوى الجرثومية أو الفيروسية خلال فترة الحمل وغيرها.

المضاعفات

تسبب الإصابة بهذه العيوب عدداً كبيراً من المضاعفات في حال استمرارها وعدم علاجها بالشكل والوقت الصحيحين، وهذه المضاعفات قد تكون خطيرة ودائمة وغير قابلة للإصلاح، وأبرزها:

  • مشاكل في النمو والتطور الجسدي والحركي والذهني عند الطفل بسبب نقص التروية الدموية ونقص الأوكسجين المرافق للعيوب الخلقية.
  • الانتانات التنفسية المستمرة والمتكررة كذات الرئة بسبب جريان الدم غير الطبيعي في الرئتين والناجم عن عيوب القلب الخلقية.
  • ارتفاع التوتر الرئوي
  • حدوث التهاب الشغاف وهو نسيج مبطن لأجواف القلب من الداخل وذلك بسبب خلل حركة الدم وركودته ضمن حجرات القلب.
  • حدوث اضطرابات النظم القلبية بسبب تشوه شكل القلب والعيوب التشريحية.
  • قصور القلب والفشل القلبي بسبب غياب العمل الطبيعي للقلب وعدم تقلصه بشكل فعال.
  • الموت المفاجئ وتوقف القلب

التشخيص

يتم اكتشاف عيوب القلب الخلقية حالياً بشكل مبكر عن أوقات سابقة وذلك بسبب الفحص والمراقبة الدورية للحمل وحتى الفحص الدوري والمستمر للطفل منذ ولادته، ولكن رغم هذا الأمر إلا أنه قد يتأخر تشخيصها لأنها قد تكون لا عرضية ولا تظهر حتى عمر متأخر وحتى مرحلة البلوغ في بعض الأحيان.

وتشمل إجراءات التشخيص وجود ما يلي:

  • الفحص السريري للطفل ومراقبة الأعراض وأخذ التاريخ المرضي للأهل
  • إجراء صورة صدر شعاعية للطفل
  • إجراء تخطيط قلب كهربائي
  • تصوير القلب بالأمواج فوق الصوتية
  • إجراء القثطرة القلبية
  • التصوير الطبقي المحوسب أو الرنين المغناطيسي

العلاجات المتاحة لحالات عيوب القلب الخلقية

يعتمد تقرير العلاج المناسب لهذه الحالات على نوع العيب الخلقي الموجود وشدته وشدة الأعراض التي يسببها، حيث أن بعض العيوب الخلقية قد لا تحتاج أي علاج في حين أن قسم نها قد يتطلب العاج الجراحي، ويتم تقرير العلاج بالتنسيق بين طبيب قلب الأطفال وجراح قلب الأطفال عادة بحسب كل حالة.

وتشمل الخيارات العلاجية لعيوب القلب الخلقية ما يلي:

  • الأدوية وذلك لتحسين وظيفة القلب مثلاً أو تخفيف الضغط عنه وضبط عوامل الخطورة.
  • القثطرة القلبية (Cardiac Catheterization) وهي إجراء يتم فيه الوصول للقلب عن طريق أحد أوعية الجسم واجراء تداخلات صغيرة عليه، كتصوير الشرايين أو اجواف القلب أو إصلاح بعض العيوب والتشوهات كالفتحات الصغيرة مثلاً أو مشاكل الصمامات القلبية.
  • الجراحة وفيها يتم إجراء تداخل جراحي مباشر على القلب لإصلاح العيب الخلقي الحاصل فيه، ويتم اللجوء لهذا الخيار في حالة عيوب القلب الخلقية المعقدة والكبيرة والتي لا يمكن السيطرة عليها وتعطي أعراض مهددة للحياة، يمكن اجراء الجراحة في بعض الحالات أثناء تواجد الجنين في الرحم أو أن تؤجل لمرحلة ما بعد الولادة.

الملخص

لا بد من التأكيد على الفحص المتكرر والدوري للطفل منذ لحظة الولادة وذلك لأن التشخيص الباكر لعيوب القلب الخلقية يشكل حجر الأساس لمعالجتها والوقاية من اختلاطاتها ويمكْن الطفل من الاستمرار في عيش حياة طبيعية.