فرط السكر في الدم: الأعراض والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 13 سبتمبر 2022

ازداد معدل حدوث فرط السكر في الدم والمضاعفات المرتبطة به بشكل كبير خلال العقدين الماضيين بسبب زيادة السمنة وقلة النشاط البدني لدى معظم الأشخاص، وأيضاً استهلاك الأغذية سريعة التحضير والغنية بالسكريات.

فما هو فرط سكر الدم وماهي المخاطر المرتبطة به؟

ما هو فرط السكر في الدم؟

في هذه الحالة يكون مستوى السكر في الدم مرتفعاً أكثر من 125 ملغ/دل بعد الامتناع عن تناول الطعام لعدة ساعات، ويمكن أن يكون خطيراً إذا لم يعالج، وتسمى هذه الحالة طبياً "الداء السكري - Diabetes Mellitus".

تنظيم سكر الدم

يتم تنظيم معدل سكر الدم بشكل أساسي من قبل هرموني "إنسولين" و"غلوكاكون" الذين تفرزهما البنكرياس، حيث يسمح إنسولين للخلايا باستخدام السكر لتوليد الطاقة والعمل بشكل طبيعي، وبالتالي فهو يخفض سكر الدم، أما "غلوكاكون" فيعمل على رفع نسبة السكر في الدم.

ويتأثر سكر الدم بتأثير عمل هرمونات أخرى مثل هرمونات غدة الكظر "كورتيزول" و"أدرينالين"، واللذان يرفعان سكر الدم بشكل أساسي في حالات الشدة والتعرض للضغوط الجسدية أو النفسية، وهرمونات أخرى كهرمون النمو المفرز من الغدة النخامية.

أعراض فرط السكر في الدم

عادةً ما تظهر أعراض فرط سكر الدم تدريجياً وقد تبدأ فقط عندما يرتفع مستوى السكر في الدم بشكل كبير، وقد يعاني الشخص من ارتفاع السكر في الدم بدون أي أعراض ملحوظة لسنوات طويلة.

وتشمل الأعراض الشائعة ما يلي:

  • الشعور بالعطش الشديد
  • كثرة التبول
  • الشعور بالضعف أو التعب
  • عدم وضوح الرؤية
  • خسارة الوزن

أسباب فرط السكر في الدم

يحدث فرط سكر الدم أو الداء السكري عندما يكون لدى الجسم القليل من هرمون إنسولين أو عندما لا يستطيع الجسم استخدام هرمون الإنسولين بشكل صحيح.

ويوجد نوعين رئيسيين للداء السكري هما:

  • السكري من النمط الأول: نقصان تصنيع كمية هرمون إنسولين في الجسم.
  • السكري من النمط الثاني: عدم قدرة الجسم على استعمال هرمون إنسولين في الجسم رغم تصنيعه بشكل جيد.

ينتج ارتفاع السكر في الدم لدى مريض السكري من النمط الأول عن عوامل وراثية وبيئية ومناعية تؤدي إلى تدمير الخلايا التي تفرز "إنسولين" في البنكرياس.

مرضى السكري من النمط الثاني

عند مرضى السكري من النمط الثاني يحدث فرط سكر الدم بسبب ما يدعى "مقاومة الجسم للإنسولين" الذي يتم إفرازه من خلايا البنكرياس.

ويحدث كل ذلك في حالات أذية البنكرياس كالتهاب البنكرياس المزمن وسرطان البنكرياس والتليف الكيسي وغيرها من أمراض البنكرياس.

أما الأشكال الأخرى من الداء السكري النمط الثاني قد تحدث في الحالات التالية:

  • اضطرابات الغدد الصماء الأخرى كأمراض الغدة الكظرية مثل:
    • متلازمة كوشينغ
    • فرط كورتيزول الدم
    • ورم القواتم
    • فرط أدرينالين الدم
    • ضخامة الأطراف
    • فرط هرمون النمو
  • النظام الصحي والرياضي غير المتوازن، والذي يمكن أن يتسبب في عدم قدرة الجسم على التحكم بمستويات سكر الدم.
  • بعض الأمراض وخاصة الالتهابات والعدوى الإنتانية والتي قد تتسبب في عدم قدرة الجسم على التحكم بمستويات سكر الدم.
  • قد تتأثر قدرة تحكم الجسم في مستويات سكر الدم في حالات الضغوط النفسية والعاطفية، حيث يفرز الجسم في هذه الحالات هرمونات معينة مثل "أدرينالين" و"كورتيزول" التي تزيد مستويات السكر في الدم بشكل يعيق عمل "إنسولين" في خفضه.
  • استخدام الأدوية مثل مشابهات "كورتيزول"، والهرمونات الجنسية المعيضة.

وهنالك شكل من مرض السكري يدعى "السكري الحملي"، ويحدث لدى 4% من جميع حالات الحمل.

عوامل خطر الإصابة بفرط السكر في الدم

  • البدانة وزيادة الوزن
  • فرط شحميات الدم أو ارتفاع ضغط الدم
  • سوابق الإصابة بالسكري الحملي
  • وجود متلازمة تكيس المبايض
  • وتشير دراسات حديثة أن داء "الزهايمر" يعتبر عامل خطر للإصابة بالداء السكري النمط الثاني (1).

المضاعفات

قد يؤدي استمرار فرط سكر الدم أو مرض السكري طويل المدة بدون العلاج الجيد إلى العديد من المضاعفات على كافة أعضاء الجسم، والتي تصل إلى حالات خطيرة في بعض الأحيان:

١- المضاعفات الجلدية:

تعتبر المظاهر والمضاعفات الجلدية هي الأكثر شيوعاً بين مرضى السكري، وتشمل المضاعفات الجلدية (2):

  • اعتلال الجلد السكري "Diabetic dermopathy": بقع بيضاوية أو دائرية متقشرة بنية فاتحة على الساقين.
  • ظهور مناطق بنية اللون على الرقبة والأربية والإبط وتدعى "الشواك الأسود Acanthosis nigricans".
  • النخر الشحمي السكري "Necrobiosis lipoidica": من المضاعفات النادرة التي تسبب آفات مؤلمة تشبه الندبة مع حافة بنفسجية.
  • البثور السكرية التي غالباً ما تظهر على الأطراف وتكون غير مؤلمة.
  • الورم الأصفر البركاني "Eruptive xanthomas": كتل صفراء بحجم حبة البازلاء على الجلد لها حلقة حمراء حول قاعدتها.
  • الورم الحبيبي الحلقي المنتشر "disseminated granuloma annulare": بقع بارزة أو على شكل حلقة أو على شكل قوس على الجلد.
٢- المضاعفات العصبية:

يؤثر مرض السكري على الجهاز العصبي ومن الممكن أن يؤدي للمضاعفات التالية (3):

  • أذية الأعصاب المحيطية: خلل وظائف الإحساس العصبية في اليدين والقدمين، وصولاً إلى غياب الإحساس المطلق بالحرارة الشديدة أو البرودة الشديدة أو الحروق والالتهابات.
  • الاعتلال العصبي اللاإرادي: يؤثر على العمليات التلقائية في الجسم مثل التحكم في المثانة والوظيفة الجنسية والهضم.
  • وقد تشمل الأذية أي أعصاب أخرى مع تقدم المرض دون علاج مثل اعتلال الأعصاب الفخذي أو الصدري وغيرها.
٣- مضاعفات أخرى
  • المضاعفات العينية: اعتلال شبكية العين السكري، وهو حدوث الضرر الدائم للعينين وصولاً إلى العمى التام.
  • المضاعفات القلبية الوعائية (4): نقص التروية القلبية ونقص التروية الدماغية ونقص تروية الأوعية في الأطراف.
  • مضاعفات عصبية نفسية كالاكتئاب (5)
  • حالات مهددة للحياة مثل الحماض الكيتوني السكري، أو فرط سكر الدم اللاكيتوني وهي حالات خطيرة من فرط سكر الدم بشكل حاد.
  • مضاعفات نقص المناعة: يكون الأشخاص المصابون بفرط سكر الدم لفترات طويلة أكثر عرضة للعدوى البكتيرية والفطرية (6)
  • القدم السكرية: وهي أذية الأعصاب والأوعية الدموية في حالات الداء السكري المتقدم غير المعالج، والتي قد تؤدي في حال إهمالها إلى بتر القدم.
  • واحدة من أهم المضاعفات التي لا ينتبه لها الكثير من المرضى هي فرط جرعة "إنسولين" أو أدوية خفض السكر الفموية، مما يؤدي إلى حدوث نوبات من انخفاض سكر الدم، وتعتبر هذه النوبات خطيرة في حال لم يتم اكتشافها وعلاجها على الفور.

تشخيص فرط السكر في الدم

يعتمد تشخيص فرط سكر الدم على قياس مستوى سكر الدم وإثبات ارتفاعه، خاصةً بوجود الأعراض النموذجية لفرط سكر الدم، وقد يتم تشيخص ارتفاع سكر الدم أول مرة في حالة "الحماض الكيتوني السكري الحاد".

يتم عادةً اجراء الاختبارات التالية لتشخيص مرض السكري:

  • اختبار قياس نسبة المركب "HbA1c"، ويعبّر عن نسبة السكر المرتبط بخضاب الدم، ويتم إجراؤه للتحقق من مستوى السكر في الدم خلال آخر شهرين أو ثلاثة أشهر.
    • وتكون نسبته الطبيعية أقل من 6.5%، وتكون أعلى من ذلك في الداء السكري.(7)
  • اختبار قياس سكر الدم الصيامي: حيث يتم قياس سكر الدم بعد صيام عن تناول الطعام لبضع ساعات تصل ل 12 ساعة عادة.
    • يجب أن يكون في الحالات الطبيعية أقل من 7 مليمول/لتر أو أقل من 126 ملغ/دل حسب الواحدة المستعملة في الدولة، وأكثر من ذلك في الداء السكري.(8)
  • يمكن إجراء قياس سكر الدم في المنزل بعد الاستيقاظ أو قبل الأكل.
    • يجب أن يكون في الحالات الطبيعية أقل من 7 مليمول/ليتر أو أقل من 126 ملغ/دل، وأكثر من ذلك في الداء السكري.
  • يمكن إجراء قياس سكر الدم في المنزل في أي وقت من النهار ويجب ألا يتجاوز 11 مليمول/ليتر أو 200 ملغ/دل في الحالات الطبيعية، ويكون أكثر من ذلك في الداء السكري.
  • اختبار تحمل السكر الفموي "GTT": ويسمى أيضاً اختبار تحمل الغلوكوز، ويتم فيه بقياس مستوى سكر الدم بعد ساعتين من تناول 75 غ من السكر.
    • في الحالات الطبيعية لا يتجاوز 200 ملغ/دل أو 11 مليمول/ليتر، ويكون أعلى من ذلك في الداء السكري.(9)

ويجب عند تشخيص مرض السكري تحديد عوامل الخطر الموجودة وضبطها وعلاجها الأمر الذي يساهم حتماً في نجاح علاج مرض السكري.

علاج فرط سكر في الدم

تتضمن أهداف علاج فرط سكر الدم:

  • تخفيف الأعراض المرتبطة بفرط سكر الدم
  • علاج أو ضبط عوامل الخطر الموجودة
  • تقليل حدوث المضاعفات التالية المرتبطة بفرط سكر الدم

وفي الداء السكري من النمط الأول يتم ضبط نسبة السكر في الدم من خلال تعويض الإنسولين عن طريق الحقن تحت الجلد أو في الوريد، جنباً إلى جنب مع التغذية الصحية السليمة.

أما في الداء السكري من النمط الثاني فيعتمد ضبط مستوى سكر الدم بشكل أساسي على ممارسة الرياضة وضبط النظام الغذائي وهذه هي القاعدة الأساسية هنا.

بالإضافة إلى العلاج الدوائي الخافض لسكر الدم الذي يتضمن واحد أو أكثر من المجموعات الدوائية التالية، وصولاً إلى "إنسولين" عند عدم كفاية العلاج الدوائي العادي:

  • مجموعة سلفونيل يوريا "Sulfonylureas"
  • مجموعة "Meglitinides"
  • مجموعة بيغوانيد "Biguanides" وأشهرها دواء "ميتفورمين"
  • مجموعة "Thiazolidinediones"
  • مجموعة مثبطات إنزيم "غليكوزيداز" في الأمعاء
  • مجموعة مثبطات إنزيم "دي ببتيديل ببتيداز 4" في الأمعاء
  • مجموعة مثبطات "بورتين" الناقل للصوديوم والغلوكوز في الأمعاء
  • دواء بروموكريبتين "Bromocriptine"

وتعمل جميع الأدوية السابقة بآليات مختلفة تهدف جميعها إلى تعديل استقلاب السكر وخفض مستويات امتصاصه من الأمعاء إلى الدم.

وتتنوع الآثار الجانبية لتلك الأدوية، ولعل أهم الآثار الجانبية هو التسبب بحالة نقص سكر الدم خاصة مع مجموعتي "Sulfonylureas" و"Meglitinides".

كما ويمكن حدوث بعض الآثار الجانبية الهضمية مع دواء "ميتوفورمين"

نصائح لضبط مستوى السكر

  • ضبط النظام الغذائي وتناول وجبات خفيفة، جنباً إلى جنب مع مراقبة جودة وكمية السكريات في الطعام.
  • ممارسة الرياضة بانتظام
  • إنقاص الوزن
  • إدارة الضغوط النفسية مثل إعطاء الأولوية للنوم، وتجربة تقنيات الاسترخاء، مثل التأمل.

أما بالنسبة لمرضى السكري فيجب عليهم اتباع النصائح التالية:

  • عدم تفويت أو تغير جرعات دواء السكري الخاص بالمريض دون استشارة طبية.
  • طلب الاستشارة الطبية عندما يستمر فرط سكر الدم أو استمرار الأعراض رغم الالتزام بالدواء.
  • مراجعة طبيب العيون لإجراء فحوصات العين السنوية.
  • مراقبة مستويات مركب "HbA1c" كل 3 - 6 أشهر.
  • فحص مستويات "ألبومين" في البول كل 12 شهراً.
  • فحص القدمين في كل زيارة للعيادة.
  • الحفاظ على ضغط الدم أقل من 130/80 ملم زئبقي (10)

وتعد إدارة فرط سكر الدم والداء السكري مهمة صعبة في كثير من الأحيان، حيث يواجه المرضى الذين ثبت إصابتهم بفرط سكر الدم والداء السكري، تحدياً مدى الحياة للحفاظ على نسبة السكر في الدم، وهي ليست بالمهمة السهلة.

ويجب توعية المرضى أن إجراء تغييرات في نمط حياتهم يمكن أن يحسن بشكل ملحوظ من توقعات سير المرض لديهم.

وبالإضافة لكل ذلك يجب أن تشمل التوعية كافة أفراد الأسرة لضمان الرعاية الجيدة لمرضى فرط سكر الدم خاصة في الفترة الأولى من العلاج.