فقر الدم: الأسباب والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 23 أغسطس 2022

إنَّ الدم عنصر أساسي في الجسم، فهو يتحرك وينقل المواد الأساسية مثل الأوكسجين والمواد المغذية إلى خلايا الجسم كافة؛ كما أنه ينقل فضلات عمليات الاستقلاب من تلك الخلايا إلى أماكن طرحها.

في بعض الأحيان يصاب الأشخاص بفقر الدم، فما سبب هذه الحالة؟ وكيف يتم تشخيصها وعلاجها؟

تعريف فقر الدم

يحوي الدم على الكريات الحمراء التي تحمل بروتيناً غنياً بالحديد يسمى الخضاب (الهيموغلوبين)، والمسؤول عن الارتباط بالأوكسجين في الرئتين لنقله إلى الأنسجة في جميع أنحاء الجسم؛ ولكن في بعض الحالات وعندما لا يكون هناك ما يكفي من الكريات الحمراء أو عندما لا تعمل تلك الكريات بشكل صحيح يحدث ما يسمى بفقر الدم.

يتم تشخيص فقر الدم عادةً عندما يظهر فحص الدم أنَّ قيمة الخضاب أقل من 13.5 غ / دل عند الرجال أو أقل من 12.0 غ / دل عند النساء؛ مع العلم أيضاً أنَّ القيم الطبيعية تختلف باختلاف الأعمار.

أعراض فقر الدم

أكثر الأعراض فقر الدم شيوعاً هو التعب، وتشمل الأعراض الأخرى:

  • شحوب الجلد
  • تسرع ضربات القلب أو عدم انتظامها
  • ضيق في التنفس
  • ألم في الصدر
  • الصداع
  • خفة الرأس

مع العلم أنَّ المصابين بالنوع الخفيف قد يعانون من أعراض قليلة أو قد لا يعانون من أي أعراض.

وتتسبب بعض أشكاله في ظهور أعراض معينة أخرى مثل:

  • فقر الدم بعوز حمض الفوليك: وهو الناتج عن نقص فيتامين B9 و B12، يمكن أن يسبب التهيج والإسهال واللسان الأملس.
  • فقر الدم الانحلالي: يمكن أن يسبب اليرقان والبول الداكن والحمى وآلام البطن.
  • فقر الدم المنجلي: يمكن أن يسبب تورماً مؤلماً في القدمين واليدين، وكذلك التعب واليرقان.

أسباب فقر الدم

١- عند حديثي الولادة

يمكن أن يصاب حديثي الولادة بفقر الدم لعدة أسباب؛ والتي يمكن أن تشمل:

أ- عدم إنتاج جسم الطفل ما يكفي من الكريات الحمراء؛ حيث يعاني معظم حديثي الولادة من فقر الدم في الأشهر القليلة الأولى من حياتهم. وهو ما يعرف بفقر الدم الفيزيولوجي؛ والسبب هنا هو أنَّ جسم الطفل ينمو بسرعة في حين أنَّ إنتاج الكريات الحمراء يستغرق وقتاً ليلبي المتطلبات الجديدة لجسم الطفل.

ب- تحطيم الجسم لكريات الدم الحمراء بسرعة كبيرة؛ وتكون هذه المشكلة أكثر شيوعاً عندما لا تتطابق فصيلة دم الأم مع الطفل. وعادةً ما يعاني هؤلاء الأطفال من اليرقان (فرط بيليروبين الدم)، والذي يمكن أن يتسبب في تحول لون بشرتهم إلى اللون الأصفر.

ج- يمكن أن يحدث فقر الدم عند عدد قليل من الأطفال بسبب الالتهابات أو الاضطرابات الوراثية.

د- يعد فقدان الطفل للكثير من الدم أحد الأسباب؛ ويحدث ذلك في وحدة العناية المركزة عادةً لأنَّ مقدمي الرعاية الصحية قد يحتاجون إلى إجراء فحوصات دم متكررة في حالاتٍ معينة. والدم الذي يتم أخذه لا يتم تعويضه بسرعة مما يسبب الإصابة.

ه- ولادة الطفل قبل الأوان؛ فالأطفال المولودون قبل أوانهم لديهم عدد أقل من الكريات الحمراء. والتي أيضاً تتمتع بعمر أقصر من الكريات عند الأطفال المولودين بعد إكمال فترة الحمل؛ وهذا يسمى "فقر الدم الخداجي".

و- النزيف الداخلي وانتقال الدم بين الطفل والأم أثناء وجوده في الرحم.

٢- عند الأطفال الصغار

غالباً ما يكون عند الأطفال نتيجة لحدوث اضطرابات في الدم مثل:

  • اضطراب نزيف وراثي: مثل مرض "الناعور" أو مرض "فون ويلبراند"، واللذان يمنعان الدم من التخثر؛ وبالتالي ينزف الأطفال المصابون بهذه الاضطرابات بشكل مفرط. وعندما يفقد الطفل الكثير من الدم، لا يتم إمداد الجسم بالكريات الحمر بالسرعة الكافية.
  • الأمراض التي تتلف أو تدمر الكريات الحمراء: مثل ابيضاض الدم أو فقر الدم المنجلي.
  • الحالات الالتهابية: مثل التهاب المفاصل عند الأطفال أو داء "كرون".
  • يمكن أن يؤدي نقص الحديد غالباً بسبب فقدان الدم أو نقص الحديد في النظام الغذائي أو نقص في فيتامين معين إلى إبطاء إنتاج الجسم لكريات الدم الحمراء.

٣- عند الأطفال الأكبر سناً والمراهقين

  • فقر الدم بسبب عوز الحديد حيث يُعَد نقص الحديد في النظام الغذائي السبب الأكثر شيوعاً لفقر الدم الناتج عن نقص الحديد لدى الأطفال والمراهقين، ويمكن أن يحدث هذا في الحالات التالية:
    • شرب أكثر من 500 مل من حليب البقر يومياً
    • شرب الشاي
    • عدم تناول ما يكفي من الأطعمة الغنية بالحديد
    • الاضطرابات الهضمية التي تمنع الجسم من امتصاص الحديد من الطعام بشكل جيد
    • فقدان الدم، خاصةً في حالة المراهقات اللواتي يعانين من دوراتٍ طمثيةٍ متكررة أو طويلة أو غزيرة جداً
  • فقر الدم بعوز فيتامين B12 أو عوز حمض الفوليك (فيتامين B9)، نتيجة عدم تناول ما يكفي منهما.
  • فقر الدم الانحلالي: والذي يحدث عندما يدمر الجسم الكثير من الكريات الحمراء؛ ويحدث أحياناً بسبب العدوى بكائناتٍ ممرضة أو بسبب بعض الأدوية، وأحياناً يكون ناتجاً عن حالات وراثية كمرض تلاسيميا على سبيل المثال.

٤- عند البالغين

  • فقر الدم بعوز الحديد: وهو السبب الأكثر شيوعاً للإصابة
  • الأنظمة الغذائية التي تفتقر إلى فيتامين B12 أو حمض الفوليك (فيتامين B9)، أو عدم قدرة الجسم على امتصاص أحدهما
  • الحالات التي تسبب تحطم خلايا الدم الحمراء بسرعة كبيرة (مثل فقر الدم الانحلالي)
  • الحالات المزمنة التي تسبب عدم وجود هرمونات كافية في الجسم لتكوين الكريات الحمراء.
    والتي تشمل فرط نشاط الغدة الدرقية وقصور الغدة الدرقية وأمراض الكلى المتقدمة، والذئبة وغيرها من الأمراض طويلة الأمد.
  • فقدان الدم المرتبط بحالات أخرى مثل القرحة أو البواسير أو التهاب المعدة

تشخيص فقر الدم

هناك طرق مختلفة لتشخيص هذه الحالة، ولكنَّ الطريقة الأكثر شيوعاً تكون بإجراء تعداد الدم الكامل (CBC)، والذي يقيس عدداً من المكونات، بما فيها:

  • هيماتوكريت، وهو عبارة عن مقارنة حجم كريات الدم الحمراء بالحجم الكلي للدم
  • مستويات الخضاب
  • عدد الكريات الحمراء في الدم

ويمكن أن يعطي CBC مؤشراً على الصحة العامة؛ ويساعد الطبيب أيضاً في تحديد ما إذا كان يجب الاستقصاء حول الحالات المستبطنة مثل ابيضاض الدم أو أمراض الكلى.

وإذا انخفضت مستويات كريات الدم الحمراء والخضاب وهيماتوكريت عن المعدل الطبيعي، فمن المحتمل أن يكون لدى الشخص شكل من أشكال الإصابة.

ومع ذلك من الممكن أن تخرج القيم عن المستويات الطبيعية عند الشخص السليم؛ ولذلك فإنَّ تعداد الدم الكامل لا يعتبر قاطعاً ولكنه نقطة انطلاق جيدة للتشخيص.

مخاطر فقر الدم

يمكن أن تؤدي الإصابة إلى تفاقم الحالات الطبية الأخرى وتقليل فعالية العلاج لها.

١- المشاكل القلبية

في حالة الإصابة يجب أن يعمل القلب بجهد أكبر من المعتاد للتعويض عن نقص كريات الدم الحمراء الغنية بالخضاب. حيث يضخ بقوة أكبر للتأكد من أنَّ الدم المليء بالأوكسجين يتحرك في جميع أنحاء الجسم.

كما يمكن أن يؤدي هذا العمل الإضافي إلى إجهاد القلب وإلى مضاعفات أخرى مثل النفخات القلبية وتضخم القلب وفشله.

٢- مشاكل الحمل

إنَّ الإصابة أثناء الحمل شائعة، خاصةً في الثلث الثاني والثالث منه؛ وإذا كانت الحالة شديدة ولم يتم التعامل معها بشكل جيد، فقد تؤدي إلى ولادة طفل منخفض الوزن عند الولادة أو إلى ولادة مبكرة.

يمكن أن تزيد الإصابة أيضاً من خطر إصابة الطفل بفقر الدم أثناء طفولته؛ وعلاوةً على ذلك، يمكن أن يُعرض الأم لحدوث فقدان الدم أثناء المخاض.

٣- الاكتئاب

يمكن أن يؤدي تلف الأعصاب في بعض أشكال الإصابة مثل فقر الدم الخبيث إلى الاكتئاب.

وفي حالة النساء المصابات بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد أثناء الحمل يكون هنالك مخاطر متزايدة للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، أو الاكتئاب الذي يحدث في غضون عام بعد الولادة.

٤- ضعف جهاز المناعة

يمكن أن تسبب الإصابة الناجمة عن نقص الحديد في إضعاف جهاز المناعة، مما يجعل الجسم أكثر عرضةً للعدوى بالكائنات الممرضة ويقلل من قدرته على مكافحتها.

٥- متلازمة تململ الساقين

إحدى مضاعفات الإصابة الناجمة عن نقص الحديد على وجه الخصوص؛ وهي حالة في الجهاز العصبي تؤدي إلى دافعٍ لا يقاوم لتحريك الساقين؛ وعادةً ما تكون في المساء والليل.

٦- نقص التطور

تُظهر العديد من الدراسات أنَّ الحديد ضروري للدماغ لينمو بشكلٍ صحيح، ويمكن أن تؤدي الإصابة بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد في مرحلة الرضاعة والطفولة إلى تأخر في النمو العقلي والمعرفي والحركي.

العلاج

يمكن علاج فقر الدم حسب نوعه وسببه؛ فيتم مثلاً علاج فقر الدم الناتج عن نقص الحديد بما يلي:

  • مكملات الحديد التي تؤخذ عن طريق الفم.
  • الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الحديد والأطعمة التي تساعد الجسم على امتصاص الحديد (مثل الأطعمة التي تحتوي على فيتامين C).
  • إعطاء الحديد عن طريق التسريب الوريدي؛ وغالباً ما يُطبق هذا الخيار إذا كان المريض يعاني من الداء الكلوي المزمن.
  • نقل كريات الدم الحمراء.
  • إذا كانت الإصابة ناتجةً عن نزيف داخلي يجب إجراء عملية جراحية لإيقافه.

وقد تتطلب الأنواع الأخرى من فقر الدم أنواعاً أخرى من العلاج؛ على سبيل المثال قد تتطلب الاضطرابات الوراثية مثل "تلاسيميا بيتا" و"فقر الدم المنجلي" زرع نقي العظم.

وإذا كان الداء الكلوي المزمن يسبب فقر الدم، فبالإضافة إلى مكملات الحديد (عن طريق الفم أو الوريد)، يمكن أن يشمل العلاج أيضاً حقن "إريثروبويتين"، وهو هرمون يحفز الخلايا الجذعية في نقي العظام لزيادة إنتاج كريات الدم الحمراء.

الوقاية

لا يمكن الوقاية من بعض أنواع فقر الدم، كالموروثة مثلاً؛ ومع ذلك يمكن منع فقر الدم الناجم عن نقص الحديد ونقص فيتامين B12 ونقص فيتامين B9 عن طريق تناول الطعام بشكل جيد.

ويشمل ذلك تناول نظام غذائي يحتوي على ما يكفي من الأطعمة التي تُوفر الحديد، وهذين الفيتامينين جنباً إلى جنب مع الأغذية الحاوية على فيتامين C للمساعدة في الامتصاص الهضمي.

كما يجب شرب كمية كافية من الماء؛ فقد أشارت بعض الدراسات إلى أنَّ ذلك يساعد في الحفاظ على مستويات الخضاب طبيعيةً.