فقر الدم بعوز فيتامين B

الكاتب - 11 أغسطس 2022

ما هو فقر الدم بعوز فيتامين B؟

عندما يسمع البعض مصطلح "فقر الدم"، فإنّ أول ما قد يتبادر إلى الأذهان هو فقر الدم بعوز الحديد، إلّا أنّ ذلك يعدّ نمطاً واحداً من أنماط كثيرة.

ويعتبر هذا المصطلح عامّاً ويشير إلى أيّ حالة يحدث فيها نقص بعدد كريات الدم الحمر، أو نقص في أحد مكونات هذه الكريّات، تحديداً "الهيموغلوبين" الذي يعدّ مسؤولاً عن وظيفية نقل الأوكسجين التي تتمتّع بها الكريات الحمراء.

أحد أبرز أسباب فقر الدم هو عوز فيتامين B9 (الفولات) وفيتامين B12 (الكوبالامين)، الذي يؤدّي إلى تشكّل كريات حمر غير سويّة.

فتكون هذه الكريات كبيرة الحجم، وغير قادرة على أداء وظيفتها بالشكل المطلوب.

فوائد فيتامين B9 و B12

فيتامين B9

ينتمي فيتامين B9 (الفولات)، وفيتامين B12 (الكوبالامين) لعائلة "فيتامينات B" والتي يبلغ عددها ثمانية فيتامينات.

وتساهم جميع هذه الفيتامينات بالحصول على الطاقة من الطعام الذي نتناوله، مثل من الدهون والبروتينات وغيرها.

كما وتعد هذه الفيتامينات أيضا ضروريّة لسلامة معظم أعضاء الجسم كالكبد، والجلد، والشعر، والعيون.

إلّا أنّ فيتامين B9 بشكل خاص يلعب دوراً أساسياً بأداء الدماغ لوظائفه بشكل طبيعي، وبضمان سلامة الحالة الذهنية والعاطفية للشخص.

بالإضافة إلى ذلك له دور بتشكيل المادة الوراثية لخلايا الجسم، وتتمثل هذه المادّة بجزيئي "DNA وRNA".

وبالتالي يعد هذا الفيتامين شديد الأهمية لبناء الخلايا، والأنسجة المختلفة، تحديداً عند الأطفال في طور النموّ، والأشخاص في مرحلة البلوغ.

فيتامين B12

أمّا بالنسبة لفيتامين B12، والذي يعرف أيضاً "بالكوبالامين"، فهو يعمل بشكل متكامل مع فيتامين B9 لتشكيل كريات دم حمر سلمية.

ولضبط عمل عنصر "الحديد" في الجسم أيضاً، ولهذا السبب فإنّ عوز فيتامين B9 وB12 يسبب حدوث فقر الدم.

كما تجدر الإشارة إلى دور فيتامين B12 في أداء الجهاز العصبيّ لوظائفه، وفي تطور هذا الجهاز وتشكله، خاصّةً في المرحلة الجنينيّة، وهو أمر يساهم به فيتامين B9 أيضاً.

أعراض فقر الدم بعوز فيتامين B

تشترك جميع أنماط فقر الدم بأعراض عامّة نذكر منها:

  • انخفاض النشاط
  • التعب
  • الصداع
  • انخفاض الشهية للطعام
  • اضطراب تنفسيّ
  • أحياناً اضطراب في دقات القلب

إلّا أنّ كلّ نمط من أنماط فقر الدم يملك أعراضاً خاصةً تميّزه، وتساعد الطبيب في تحديده.

١- فقر الدم بعوز فيتامين B12 (الكوبالامين)

بالإضافة لأعراض فقر الدم العامة، تظهر الأعراض التالية:

  • تغيّر لون الجلد إلى اللون الأصفر الليمونيّ، وهو من الأعراض المميّزة جدّاً لهذا النمط من فقر الدم.
  • يصبح اللسان أحمر اللون، ومتورّماً
  • انتشار القرحات على باطن الخدّين، وضمن الفم
  • انخفاض قدرة الشخص على إدراك بعض الإحساسات، كالشعور بالألم، أو حتى إدراك الأشياء التي يلمسها المريض بيده مثلاً
  • اضطراب في الرؤية
  • انخفاض المزاج، وسرعة الغضب

٢- فقر الدم بعوز فيتامين B9 (الفولات)

ويتضمن الأعراض التالية:

  • تراجع إمكانيّة الشخص على السيطرة على عضلات جسمه
  • اضطرابات في الجهاز الهضميّ، كالإسهال، والإقياء، وغيرها
  • في حال كانت المرأة حاملاً، فإنّه يتظاهر بآفات، ومشاكل عصبيّة عند جنينها
  • شحوب الجلد

لا يمكن التمييز بين هذين النمطين من فقر الدم بشكل قاطع اعتماداً على الأعراض العامّة أو المميزة فقط، وبالتالي فالتشخيص في هذه الحالة يجب أن يعتمد على فحوصات دمٍ معيّنةٍ، كقياس تراكيز هذين الفيتامينين في الدم.

أسباب فقر الدم بعوز فيتامين B

تتنوع أسباب عوز فيتامين B9 (الفولات) وفيتامين B12 (الكوبالامين)، حيث أنّها لا تقتصر على نقص الوارد منهما مع الغذاء فقط، بل هناك مجموعة كبيرة من الأسباب سنقوم بالحديث عنها باسترسال وتفصيل.

١- أسباب عوز فيتامين B12 (الكوبالامين)

أ- فقر الدم الخبيث

وهو مرض ينتمي إلى مجموعة الأمراض المناعية الذاتية، وهي أمراض يقوم فيها الجهاز المناعيّ للجسم بمهاجمة خلايا الجسم السليمة وتخريبها.

وفي حالة فقر الدم الخبيث، فإنّ الجهاز المناعي هنا يهاجم خلايا المعدة السليمة والتي تنتج مادة تدعى "العامل الداخليّ".

ترتبط هذه المادّة مع فيتامين B12 الذي يصل مع الطعام إلى المعدة، وهذا الارتباط يسمح للجسم بامتصاص فيتامين B12.

وبسبب نقص "العامل الداخلي" في هذا المرض تقل قدرة الجسم على امتصاص فيتامين B12.

ب- النظام الغذائي

إنّ المصدر الوحيد لفيتامين B12 هو المصدر الحيوانيّ كاللحوم وغيرها.

لذلك فإنّ الحميات الغذائيّة الخالية من هذه الأطعمة قد تقود في نهاية المطاف إلى حدوث عوز هذا الفيتامين، ومن ثمّ حدوث فقر الدم، كما يحدث عند بعض الأشخاص النباتيين.

كما يجب الإشارة إلى أنّ مخازن فيتامين B12 في جسم الإنسان تكفي الجسم لمدة 2-4 سنوات قبل ظهور علامات العوز وفقر الدم.

ج- سوء الامتصاص

الذي يحدث لأسباب كثيرة منها إجراء عمليّة "قص المعدة" أو تخرّب خلايا الأمعاء الدقيقة نتيجة حدوث التهاب لمدة طويلة في جهاز الهضم كما يحدث فيما يُسمّى "داء كرون".

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ بعض الأدوية التي تعالج أحد اضطرابات جهاز الهضم يمكنها أيضاً أن تسبب سوء امتصاص فيتامين B12.

د- أسباب أخرى

قد يكون الامتصاص طبيعيّاً في بعض الحالات، إلّا أنّه توجد هناك مشكلةً في نقل الفيتامين إلى داخل الخلايا، وبالتالي تكون مستويات الفيتامين طبيعيّة في الدم، لكنّ الخلايا غير قادرة على الاستفادة منه.

2- أسباب عوز فيتامين B9 (الفولات)

أ- النظام الغذائيّ

إنّ عدم اتّباع حمية متوازنة غنيّة بالبقوليّات وغيرها من مصادر فيتامين B9 سوف تقود في النهاية إلى عوز فيتامين B9، ومنه حدوث فقر الدم.

الجدير بالذكر، إنّ مخازن الفولات لا تدوم لفترة طويلة، بل لحوالي 4 أشهر كحدّ أعلىً، ولذلك فإن غياب الفيتامين من الحمية سوف تظهر آثاره خلال فترة قصيرة، على عكس ما يحدث في عوز فيتامين B12.

ب- سوء الامتصاص

قد تؤدّي كثير من الأمراض إلى حدوث سوء امتصاص الفيتامين، غالباً بسبب تخرّب خلايا جهاز الهضم كما في "الداء الزلاقيّ".

ج- الحمل

يشكل فيتامين B9 للجنين دورا في بناء أنسجته، وتطوّر جهازه العصبيّ، بالتالي سوف تحتاج المرأة الحامل إلى واردٍ أكبر من الفولات ليلبّي متطلبات الجنين من جهة.

ومتطلبات جسم الأم من جهة أخرى، ولتتلافى إصابتها بفقر الدم بعوز الفولات.

د- أسباب أخرى

إنّ أحد خصائص الفولات أنّه يذوب في الماء، وبالتالي فإنّ أيّ سبب قد يؤدّي لخسارة سوائل الجسم بشكل مستمرّ، سوف ينتج عنه خسارة الفيتامين الذي سوف يُطرَح مع هذه السوائل.

العلاج

١- عوز فيتامين B12

يعتمد العلاج في بادئ الأمر على تعويض النقص في هذا الفيتامين، وإعادة مخازنه إلى مستواها الطبيعيّ في جسم المريض، ويكون ذلك بإعطاء الفيتامين للمريض بشكل مباشر، عن طريق حقن هذا الفيتامين في جسمه.

أمّا بالنّسبة لمدّة العلاج فهي تختلف من شخص إلى آخر حسب الاضطراب الذي كان وراء عوز هذا الفيتامين.

فإذا كان سبب العوز هو النظام الغذائيّ الفقير بفيتامين B12، فسوف يلجأ الطبيب أوّلاً لإعطاء المريض فيتامين B12 فمويّاً.

ثمّ على المريض أن يقوم باتّباع حمية تحوي أطعمةً غنيّةً بهذا الفيتامين، على سبيل المثال: الأسماك، واللحوم، والبيض، ومشتقات الحليب، ولحم الدجاج.

كما أنّ هذا الفيتامين لا يمكن أخذه من مصادر نباتيّة، وبالتالي فإنّ الأشخاص النباتيّين يمكنهم الحصول عليه عن طريق بعض الأطعمة النباتيّة التي تمّ إضافة فيتامين B12 صناعياً إليها، ومن الممكن استعمال المكملات الغذائية.

أمّا إذا كان سبب العوز هو سوء الامتصاص، فلا يملك الطبيب هنا خياراً سوى الاعتماد على حقن الفيتامين ضمن العضلات.

وبهذه الطريقة يذهب الفيتامين مباشرةً إلى الدم، وبعدها إلى خلايا الجسم، وفي الوقت ذاته يجب علاج المرض أو الخلل الذي سبّب سوء الامتصاص، في حال كان قابلاً للعلاج.

٢- عوز فيتامين B9

يكون العلاج النموذجيّ عن طريق إعطاء المريض أقراص فيتامين B9 لنعويض النقص الحاصل لديه.

بالإضافة إلى تحديد نظام غذائيّ يحوي على أغذية غنيّة بهذا الفيتامين، وأهمها:

  • البقوليّات بأنواعها
  • الفواكه وتحديداً الحمضيّات
  • الخضار وخاصّةً ذات اللون الأخضر
  • الطعام البحريّ
  • البيض
  • مشتقات الحليب
  • اللحوم

وفي حالة سوء المتصاص يتم اللجوء أيضا إلى إعطاء فيتامين B9 حقناً في العضلات، جنباً إلى جنب مع علاج المرض أو الخلل الّذي أحدث سوء الامتصاص.