مرض السكري

الكاتب - أخر تحديث 23 مايو 2023

يعد مرض السكري أشيع الأمراض التي تؤثر على عملية الاستقلاب، حيث تتأثر فيه عملية معالجة السكر وبالتالي مستويات تركيز السكر في الدم.

بالتالي تكون النتيجة ظهور أعراض مرض السكري المتعددة التي يعاني منها الكثير من الأشخاص.

قد يصعب تمييز أعراض المرض وأنماطه، لذلك فسوف نعرفكم في هذا المقال على مرض السكري وأنواعه وكيف يتم التعامل معه.

ما هو مرض السكري

يعرّف السكري بأنه حالة مرضية مزمنة يحدث فيها ارتفاع لتركيز السكر في الدم (الغلوكوز) فوق الحد الطبيعي.

والسبب في ذلك يكون بسبب خلل واضطراب في آلية معالجة خلايا الجسم للسكر.

يشكل الغلوكوز مصدر الطاقة الأساسي لخلايا الجسم، فيتحول كل ما نأكله بالنهاية لغلوكوز ويدخل للخلايا ليعطيها الطاقة اللازمة لتقوم بعملها.

تكون عملية إدخال الغلوكوز وإيصاله للخلايا وضبط تركيزه في الدم مرتبطة بهرمون يدعى هرمون الأنسولين (Insulin) الذي ينتجه البنكرياس عن طريق خلايا خاصة موجودة فيه تدعى الخلايا بيتا (beta cells).

عندما يرتفع مستوى السكر أو الغلوكوز في الدم يتم إفراز هرمون الانسولين الذي يقوم بإدخال الغلوكوز للخلايا، وبالتالي يحافظ على تركيز السكر في الدم ويعطي للخلايا طاقة لتعمل.

يظهر داء السكري عند حدوث اضطراب معين يؤثر على إنتاج الانسولين في الجسم أو يجعل خلايا الجسم لا تستجيب لهرمون الأنسولين بشكل طبيعي، عندها تبدأ مستويات سكر الدم بالارتفاع وعدم الاستقرار.

أنواع وأنماط مرض السكري

على الرغم من أن مرض السكري معروف بارتفاع واضطراب مستويات السكر في الدم إلا أنه لايوجد نمط أو نوع واحد لمرض السكري.

فهناك عدة أنواع تم تقسيمها بحسب السبب المؤدي لحدوث المرض، ويضم السكري الأنماط الرئيسية التالية:

  • السكري من النمط الأول (Type 1 diabetes) 

يحدث هذا النمط نتيجة خلل في الخلايا التي تفرز الأنسولين في البنكرياس بالتالي لا ينتج الجسم هرمون الأنسولين أو ينتج كميات قليلة جداً لا تكفي لضبط سكر الدم. وعندها تحدث الإصابة بمرض السكري.

يظهر هذا النمط مبكراً في مرحلة الطفولة والمراهقة.

  • السكري من النمط الثاني (Type 2 diabetes)

يحدث في هذا النمط من السكري مقاومة للأنسولين فلا تستجيب خلايا الجسم بشكل طبيعي للهرمون ولا تسمح للغلوكوز بالدخول إليها. وبالتالي تبقى مستويات سكر الدم مرتفعة.

  • السكري الحملي (Gestational diabetes) 

يحدث خلال الحمل حيث تصاب بعض النساء الحوامل بالسكري خلال فترة الحمل وترتفع مستويات تركيز الغلوكوز في الدم. يزول عادةً هذا النمط من السكري بعد انتهاء الحمل والولادة.

  • النمط ما قبل الداء السكري (Pre-diabetes)

وهو نمط تكون فيه مستويات السكر في الدم مرتفعة أو على الحد الأعلى للطبيعي ولكنها ليست مرتفعة بالشكل الكافي لتشخيص المريض بالسكري.

أعراض السكري

تشترك أنماط السكري بالأعراض فيما بينها لكن بعض الأعراض تكون أشيع في نمط أكثر من غيره.

وتشمل أبرز الأعراض ما يلي:

  • الشعور بالعطش الشديد
  • كثرة التبول
  • الشعور بالتعب والانهاك
  • إحساس مستمر بالجوع
  • بطء في شفاء الجروح
  • مشاكل في النظر
  • صداع
  • خسارة غير مفسرة في الوزن وخاصة في النوع الأول لمرض السكري
  • زيادة غير مفسرة في الوزن وخاصة في السكري النمط الثاني
  • تقلصات واضطراب في الحس في الرجلين والقدمين

أسباب الإصابة بداء السكري

تختلف الآلية المرضية والأسباب لحدوث كل نمط من أنماط السكري وفق ما يلي:

  • أسباب حدوث السكري النمط الأول

السبب في حدوث السكري النمط الأول هو توقف انتاج هرمون الأنسولين من البنكرياس نتيجة تخرب الخلايا بيتا المسؤولة عن انتاجه.

أما سبب تخرب هذه الخلايا مجهول وغير معروف بشكل مباشر لكن الفرضية الأقرب هي أنها تتخرب بسبب اضطراب مناعي ذاتي.

نعني بذلك أن مناعة الجسم المسؤولة عن الدفاع عنه ضد العوامل الممرضة يصيبها خلل واضطراب يجعلها تهاجم عن طريق الخطأ خلايا الجسم الطبيعية.

وفي حالة السكري تهاجم الخلايا المناعية الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس وتخربها.

يتظاهر النمط الأول لمرض السكري باكراً منذ الطفولة والمراهقة وليس للعوامل الوراثية دور كبير في حدوثه.

  • أسباب حدوث السكري النمط الثاني 

النمط الثاني من السكري يتأخر في الظهور لمراحل متأخرة نسبياً من العمر. السبب في حدوث هذا النمط من الداء السكري هو ضعف تأثر خلايا الجسم ومقاومتها لهرمون الأنسولين، فلا تستجيب هذه الخلايا للأنسولين الذي يدفعها لالتقاط الغلوكوز من الدم وإدخاله إليها.

نتيجة هذا الضعف في تأثير الأنسولين على الخلايا يحاول البنكرياس انتاج المزيد من هرمون الأنسولين لزيادة التأثير وضبط السكر.

وتستمر الخلايا في المقاومة حتى يصبح الأنسولين الذي ينتجه البنكرياس غير فعال على خلايا الجسم ويقل انتاجه، وهنا يظهر مرض السكري النمط الثاني.

تلعب عدة عومل دوراً في ظهور النمط الثاني لمرض السكري وهي:

  1. الوراثة
  2. البدانة
  3. نمط الحمية الغير صحي
  4. ضعف النشاط الفيزيائي والحركة
  • أسباب حدوث السكري الحملي 

تؤثر التبدلات الهرمونية التي تحدث في فترة الحمل -والتي يكون هدفها استمرار الحمل وتوفير الظروف الملائمة لنمو الجنين في الرحم- على فعالية واستجابة خلايا جسم الأم للأنسولين.

حينها؛ تصبح خلايا المرأة الحامل أقل تأثراً بالأنسولين المنتج من البنكرياس، وبالتالي يرتفع تركيز الغلوكوز بالدم ثم يظهر السكري الحملي.

على الرغم من اختفاء السكري بعد الولادة وانتهاء الحمل فقد لوحظ بأن إصابة النساء بالسكري خلال فترة الحمل يزيد من احتمال اصابتهن بالسكري النمط الثاني مستقبلاً.

الاختلاطات الناجمة عن الإصابة بمرض السكري

تؤدي الإصابة بمرض السكري وعدم العلاج الصحيح على المدى الطويل إلى ظهور تأثيرات واختلاطات على كل أعضاء الجسم بدون استثناء.

فالمستويات المرتفعة للغلوكوز في الدم تؤثر على الخلايا وعملها بالشكل الطبيعي.

يمكن تقسيم الاختلاطات الناجمة عن الإصابة بمرض السكري إلى قسمين أساسين وهما:

  1. الاختلاطات الحادة لمرض السكري والتي تظهر بشكل سريع أو مفاجئ
  2. الاختلاطات المزمنة الناجمة عن ارتفاع سكر الدم على المدى الطويل

اختلاطات مرض السكري الحادة  

  • ارتفاع سكر الدم الحاد (Hyperglycemia) تحدث نتيجة ارتفاع شديد مفاجئ في سكر الدم.
  • انخفاض سكر الدم الحاد (Hypoglycemia) ينخفض تركيز السكر في الدم بشكل شديد في هذه الحالة. قد يصل لمستويات مهددة للحياة في حال لم يتم التعامل مع الحالة بشكل مستعجل.
  • الحماض الكيتوني (Diabetic Ketoacidosis) وهي حالة إسعافيه مهددة للحياة ناجمة عن ارتفاع سكر الدم الشديد ونقص الأنسولين. تقوم حينها الخلايا بإنتاج مادة الكيتون نتيجة نقص دخول السكر للخلايا وعند ارتفاع تركيز الاجسام الكيتونية يصعب على الجسم التعامل معها ويحصل الحماض.

الاختلاطات المزمنة لمرض السكري

  • مشاكل عينية: حيث يؤثر السكري على المدى الطويل على النظر وشبكية العين ويسبب ما يسمى باعتلال الشبكية السكري.
  • اعتلال الأعصاب: يسبب مرض السكري ضرراً للأعصاب المنتشرة في الجسم وبالتالي يظهر عند المريض ما يعرف باعتلال الأعصاب، حيث يحدث اضطراب ونقص في الإحساس وخاصة في الأطراف. على سبيل المثال قد يشعر المريض ببرودة وسخونة غير مفسرة في الأطراف أو يقل احساسه بالألم.
  • مشاكل قلبية: حيث يؤدي ارتفاع السكر إلى تخريب واضعاف جدران الأوعية الدموية وزيادة قابليتها للتضيق والانسداد. ذلك يزيد خطر الإصابة بارتفاع التوتر الشرياني والجلطة القلبية.
  • مشاكل كلوية: ناجمة عن تخرب وتأثر خلايا الكلية بارتفاع سكر الدم إضافة لتأثر التروية الدموية للكلية نتيجة ضرر الأوعية الدموية.
  • الضعف الجنسي والاضطرابات الجنسية عند الرجال والنساء على حد سواء.
  • زيادة احتمال الإصابة ببعض أنواع السرطانات.

طرق تشخيص مرض السكري

يتم تشخيص مرض السكري بالاعتماد على القصة المرضية إضافة لتأكيد التشخيص من خلال مجموعة من التحاليل المخبرية.

  • اختبار سكر الدم الصيامي (Fasting glucose test): يجرى بعد صيام عن الطعام والشراب لمدة 8 ساعات على الأقل ولذلك يشيع إجراؤه صباحاً. تكون القيمة الطبيعية لتركيز الغلوكوز في الدم أقل من 110 ميلي غرام / ديسي لتر (110 mg/dl) وفي حال كانت نتيجة التحليل أكثر من 120 mg/dl نقول إن هناك مرض سكري.
  • اختبار تحمل الغلوكوز الفموي (OGTT): وفيه يتم إعطاء مشروب يحتوي السكر ثم قياس تركيزه في الدم بعد ساعة وبعد ساعتين من شرب المحلول. هذا الاختبار يُستخدم لتحري آلية تعامل الجسم مع السكر وضبط تركيزه في الدم
  • معايرة الخضاب الغلوكوزي(HbA1c): وهو اختبار يعاير منتج ثانوي في الكريات الحمراء في الدم، ويظهر فيه كيف كان يتعامل الجسم مع الغلوكوز والسكر عبر الفترة الماضية وخاصة في أخر ثلاث أشهر.

علاج مرض السكري

السكري هو مرض وحالة مزمنة تستمر طوال الحياة ولا يوجد علاج شاف تماماً. ولكن بالمقابل فإن مرض السكري قابل للتحكم والسيطرة عليه وعلى مستويات سكر الدم من خلال الالتزام بالأدوية ونظام الحياة الصحي.

لا يوجد طريقة وأحدة أو علاج واحد لمرض السكري، بل هو مزيج بين عدة خطوات علاجية تختلف حسب كل حالة.

وتضم الطرق المستخدمة لعلاج السكري ما يلي:

  • الحمية منخفضة السكريات حيث يتم اتباع نظام غذائي نسبة السكريات والنشويات قليلة ومدروسة لتجنب ارتفاع تركيز السكر في الدم.
  • زيادة النشاط البدني: حيث تساهم ممارسة الرياضة والتمارين في زيادة حساسية واستجابة الخلايا للأنسولين، حيث تؤدي زيادة النشاط البدني لزيادة حاجة الخلايا للطاقة وبالتالي تستهلك كميات أكبر من الغلوكوز.
  • إعطاء الأنسولين: تم تصنيع هرمون الأنسولين بشكل صناعي وأصبح يستخدم لعلاج مرضى السكري بنوعيه الأول والثاني، حيث يعتبر الأنسولين خط علاجي أساسي لمرضى السكري النمط الأول نتيجة غياب انتاج الانسولين لديهم في حين أنه قد يعتمد أيضاً كعلاج في حالات السكري النمط الثاني.
  • خافضات السكر الفموية: وهي عبارة عن أدوية تعطى عن طريق الفم تعمل على خفض تركيز السكر في الدم لمرضى السكري من خلال عدة آليات إما عن طريق زيادة حساسية الخلايا للأنسولين أو عن طريق إنقاص انتاج وامتصاص الغلوكوز في الجسم.

وفي الختام يمكن القول بأنه على الرغم من الإصابة بمرض السكري والاختلاطات التي قد تنجم عنه إلا أن مرض السكري قابل للسيطرة والتحكم من خلال العلاج المناسب ونمط الحياة الصحي وبالتالي الحفاظ على تركيز الغلوكوز طبيعياً في الجسم وتجنب كل الاختلاطات التي قد تنجم عن الإصابة به.