مرض السل: الأعراض والعلاج

الكاتب - 22 نوفمبر 2022

يعتبر مرض السل من الأمراض المعدية والخطيرة التي تصيب الجهاز التنفسي وقد يهاجم أعضاء أخرى في الجسم. فما هي أعراضه؟ وكيف يمكن علاجه؟

ما هو مرض السل؟

ينتج مرض السل "Tuberculosis" عن الإصابة بجرثومة "العُصيَّة السُّلية"، والتي تم اكتشافها في عام 1882 على يد الطبيب "روبيرت كوخ"، وقد كان المرض يتسبب حينها بوفاة واحد من كل 7 أشخاص في كل من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وكان لاكتشاف الطبيب روبرت دور في السيطرة عالمرض وتقليل عدد الوفيات لاحقاً. (1)

ويعتبر السل من الأمراض التي تصيب الجهاز التنفسي بشكل أساسي، إلا أنه وفي بعض الحالات قد ينتقل إلى أي مكان في الجسم.

تشير تقارير منظمة الصحة العالمية "WHO" عن مرض السل في عام 2020 إلى الأرقام التالية:

  • بلغت أعداد الوفيات عالمياً من السل حوالي 1.5 مليون شخص، منهم 214000 مصاباً بمرض الإيدز إضافةً للسل.
  • يعتبر السل السبب الثالث عشر للوفيات حول العالم، والسبب الثاني للوفيات الإنتانية بعد مرض COVID-19.
  • بلغ عدد الإصابات الجديدة بالمرض في نفس العام حوالي 10 مليون مريض بين رجال ونساء وأطفال.

هذه التقارير وغيرها تجعل من التوعية تجاه هذا المرض أمراً شديد الأهمية.

المراحل المختلفة للإصابة بمرض السل

هنالك اختلاف بين الإصابة بالجرثومة السّلية والإصابة بالمرض النَشِط، وتقسم المراحل كما يلي:

  • التعرض: عندما يتعرض الشخص الطبيعي لمريض مصاب بالسل، يمكن أن تنتقل هذه الجرثومة عبر القطرات التنفسية إلى الشخص الطبيعي.
    • يكون الاختبار الجلدي للكشف عن المرض لدى المتعرِّض سلبياً، ولا تبدي الصورة الشعاعية الصدرية أية علامات مرضية، بالإضافة لعدم الشكوى من أية أعراض.
  • السل الكامن: بعد دخول الجرثومة إلى الرئتين يقوم الجهاز المناعي بمهاجمتها مباشرةً، ويشكل حاجزاً حولها يمنعها من الانتشار.
    • في هذه المرحلة تكون الجرثومة غير فعالة، وقد تبقى على هذا الحال لدى البعض طوال حياتهم، من دون أن تسبب أية أعراض.
    • عند إجراء الاختبار الجلدي للسل يكون إيجابياً، إلا أن صورة الصدر لا تبدي أي علامات مرضية.
  • مرض السل أو السل الفعال: يتفعل المرض لسبب ما لدى البعض، لتبدأ الأعراض والعلامات بالظهور، كما يكون الاختبار الجلدي وصورة الصدر الشعاعية إيجابيةً.

طرق العدوى بمرض السل

تنتقل الجرثومة السّلية من شخص مريض إلى آخر سليم عبر الهواء بواسطة القطرات التنفسية، والتي قد تخرج من المريض إلى الهواء أثناء الكلام أو السعال.

لذلك ينتشر المرض ضمن الملاجئ المكتظة، والأماكن المغلقة قليلة التهوية.

تنتقل الجرثومة في الجسم من مكان لآخر عبر الدم، علماً أنه من النادر أن تبدأ الإصابة في مكان آخر قبل الرئتين، فهي تبدأ في العقد اللمفاوية.

مع العلم أن المرض لا ينتقل بالطرق التالية:

  • المصافحة
  • مشاركة الطعام والشراب
  • لمس أغطية الأسرة التي تخص المريض
  • مشاركة فرشاة الأسنان
  • تبادل القبل

أعراض وعلامات الإصابة بالسل

إن الإصابة بالسل قد لا تظهر أية أعراض قبل أشهر وحتى سنوات، كما تختلف هذه الأعراض من شخص إلى آخر، وتتضمن:

١- الأعراض العامة للإصابة
  • نقص الشهية وخسارة الوزن
  • الحمى وارتفاع الحرارة
  • التعرُّق الليلي
  • التعب العام الشديد والدائم
  • ضعف النمو عند الأطفال
  • الألم الظهري
٢- الأعراض المتعلقة بالجهاز التنفسي
  • السعال الثابت والمستمر لأكثر من 3 أسابيع والمصحوب بخروج القشع
  • صعوبة التنفس التي تزداد بشكل تدريجي
  • النفث الدموي، حيث يشير هذا المصطلح لخروج الدم أثناء السعال
  • الألم الصدري
٣- الأعراض خارج التنفسية الناتجة عن إصابة مواقع أخرى
  • ضخامة العقد اللمفاوية
  • الألم البطني
  • الألم المفصلي وتَحدُّد حركة بعض المفاصل
  • التخليط الذهني
  • الصداع الرأسي الثابت والمستمر
  • النوبات الاختلاجية

عوامل الخطورة للإصابة بالسل

يزداد احتمال التعرض للإصابة لدى الأفراد الذين المقربين من المرضى، كما فيما يلي:

  • عائلة وأصدقاء المريض
  • الشعوب ذات المعدل العالي للإصابة كما في الهند وبعض أجزاء آسيا، وافريقيا
  • المشردين والذين يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن
  • الأشخاص العاملين في المؤسسات التي تحمل خطراً عالياً لانتشار السل فيها كالمشافي ومآوي المشردين

يكون احتمال تتطور السل الفعّال لدى البعض أكثر من غيرهم، ونجد ذلك في الحالات التالية:

  • الأطفال والأولاد الصغار
  • المرضى المصابين بأمراض مزمنة أخرى كالسكري وأمراض الكلية
  • المصابين بالإيدز
  • الأشخاص الذين خضعوا لعمليات زرع الأعضاء
  • مرضى السرطان الخاضعين للعلاج الكيميائي
  • المرضى الذين يأخذون الأدوية المثبطة للجهاز المناعي، كما في حالة التهاب المفاصل الرثياني وداء كرون
  • مدمني الكحول
  • الكبار في السن

مضاعفات الإصابة

تتعلق أغلب المضاعفات الخاصة بمرض السل بالتشخيص المتأخر للمرض، أو بعدم الالتزام بالعلاج الدوائي الكامل أو تشكيل الجسم لمقاومة على العلاج المتبع.

ومن هذه المضاعفات:

  • تدمير النسيج الرئوي بشكل شديد
  • تخرُّب العقد العصبية الرقبية السفلية القريبة من قمة الرئة، حيث ينتج عن ذلك ما يدعى بـ"متلازمة هورنر"
  • الإصابة بمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة "ARDS" حيث يحدث انهيار في قدرة الرئة على مبادلة الأوكسجين وثنائي أوكسيد الكربون، بين الهواء الجوي والدم ضمن نسيج الرئة.
  • حالة طبية تدعى "السل الدُخني" حيث تنتشر الجراثيم عبر الدم، وقد تسبب التهاب السحايا السلي أو إصابة سلية في مناطق أخرى أيضاً.
  • إصابة المنطقة الفاصلة بين الرئتين والنسج المحيطة بها، مع تراكم للسوائل المليئة بالجراثيم، يدعى ما سبق بالدبيلة أو "انصباب الجَنْب السلي".
  • استرواح الصدر وهي حالة ينتج عنها تخرب نسيج الرئة، والذي يؤدي لتسرب الهواء إلى خارجها ضمن الصدر.
  • الإصابة بالداء النشواني الجهازي.
  • انخفاض جودة الحياة لدى المريض، فقد يفضل المريض العزلة الاجتماعية ويصاب بالقلق والتوتر الدائم.
  • الإصابة بالتوسع القصبي، والذي يعتبر من الحالات التنفسية المزمنة وصعبة العلاج.
  • القصور التنفسي الكامل وحاجة المريض لجهاز التنفس الاصطناعي.
  • تشكيل الجسم مقاومة على الأدوية المستخدمة، حيث تصبح الجراثيم أكثر قدرةً على تحمل الأدوية المستخدمة، ويعتبر هذا من أصعب المضاعفات.
  • عند اشتداد المرض يمكن أن يسبب الوفاة وتكون ناتجة عن القصور التنفسي أو بسبب الأمراض الأخرى المتعلقة بالإصابة السلية.

تشخيص الإصابة بالمرض

يبدأ التشخيص بأخذ القصة المرضية للمريض، والسؤال عن البيئة التي يعيش فيها، وفيما إذا كان قد تعرض سابقاً لشخص مصاب بالسل.

كما يجب السؤال عن الأمراض الأخرى التي يعاني منها وخصوصاً تلك التي تتطلب تناول الأدوية المثبطة للجهاز المناعي.

ومن الإجراءات الأخرى التي يمكن أن يتبعها الطبيب لتأكيد التشخيص ما يلي:

  • اختبار تعداد كامل للخلايا الدموية "CBC" والتي يشير فيها ارتفاع الخلايا البيضاء والبروتين الارتكاسي "CRP" إلى وجود حالة التهاب فعال.
  • إجراء الاختبار الجلدي لمرض السل، وخلاله يتم حقن أجزاء من الجرثوم ضمن الجلد، ومن ثم يتم مراقبة المنطقة المحيطة بمكان الحقن من الجلد، وتشير إيجابية هذا الاختبار لوجود السل الكامن أو الفعال.
  • أخذ عينات من القشع لفحصها تحت المجهر الضوئي في المختبر والكشف عن وجود الجرثومة
  • أخذ عينة من الدم لزرعها في وسط خاص للكشف عن وجود الجرثومة السلية
  • صورة شعاعية بسيطة للصدر
  • هنالك بعض الاختبارات النوعية الخاصة بالسل، وتطبق في الدول والمراكز المتقدمة مثل الاختبار الذي يكشف تعرض الجهاز المناعي للجرثومة، ويدعى هذا الاختبار بـ "IGRA".

علاج مرض السل

تعتمد الخطة العلاجية لمرض السل الرئوي على أخذ الصادات الحيوية لمدة 6 أشهر على الأقل، بالشكل التالي:

  • نوعين من الصادات الحيوية هما الإيزونيازيد والريفامبيسين لمدة 6 أشهر.
  • نوعين آخرين من الصادات وهما البيرازيناميد والإيتانبيوتول خلال الشهرين الأولين فقط من الفترة العلاجية السابقة

بعد البدء بالعلاج الدوائي لمدة أسبوعين يصبح المريض غير معدٍ للغير، كما يبدأ بالشعور بالتحسن.

يجب أخذ العلاج حتى انتهاء الفترة العلاجية بالكامل، لأن إيقافه قبل ذلك قد يعيد تفعيل المرض، كما قد تصبح الجرثومة أكثر مقاومةً للعلاج.

أما بالنسبة للمرضى المصابين بالسل الكامن، فتضمن الخطة العلاجية:

  • إما أخذ كل من الإيزونيازيد مع الريفامبيسين لمدة 3 أشهر
  • أو أخذ الإيزونيازيد وحده لمدة 6 أشهر

في حال تطور مقاومة على الأدوية العلاجية للسل لسبب ما، عندها يمكن أن تمتد الفترة العلاجية من 9 أشهر وحتى 24 شهر في بعض الأحيان.

الآثار الجانبية لأدوية السل

هنالك العديد من الآثار الجانبية للأدوية المستخدمة لعلاج مرض السل، ومنها:

  • اليرقان حيث يتغير لون الجلد والمنطقة البيضاء من العين إلى اللون الأصفر.
  • ارتفاع الضغط الدموي بشكل غير مفسر
  • الشعور بالخدر والنمل في اليدين والقدمين
  • الطفح الجلدي والحكة
  • تغير القدرة البصرية وتشوش الرؤية
  • الشعور بالتعب
  • يمكن أن يحتاج بعض المرضى الذين يأخذون أدوية أخرى إلى إنقاص تركيز بعض الأدوية في الدم وخاصةً التي قد تؤثر على فعالية علاج السل، على سبيل المثال يزيد "الريفامبيسين" من النشاط الاستقلابي للكبد بالتالي قد يحتاج المريض لزيادة الجرعة الدوائية لتلك الأدوية.

الوقاية من الإصابة

  • ارتداء الكمامة عند الاقتراب من شخص مصاب بمرض السل
  • تجنب الأماكن المزدحمة وقليلة التهوية
  • إجراء فحوصات دورية للعاملين في مراكز الرعاية الصحية
  • أخذ اللقاح وفق البرنامج الوطني اللقاح

لقاح السل

تختلف النتائج والدراسات المتعلقة بتأثير اللقاح على الوقاية من مرض السل، إلا أنه في المجمل فإن لقاح السل والذي يدعى "BCG" يقي بنسبة 50% من مجمل حالات وأنماط الإصابة، كما تصل فعاليته إلى حد 80% في الوقاية من السل الذي يصيب السحايا.

إلا أن المرضى الذين يأخذون المثبطات المناعية أو المصابين بأمراض مثبطة للمناعة مثل مرض الإيدز، فلا يستطيعون أخذ اللقاح لاحتوائه على جرثومة تم إضعافها ويمكن حتى في حالتها الضعيفة أن تسبب خطراً في حال عدم عمل الجهاز المناعي في الجسم بالشكل السليم.

كما لا يجب على المرأة الحامل أخذ اللقاح حيث لا تزال التأثيرات بعيدة الأمد للقاح على الجنين غير مؤكدة.

وتتضمن المجموعات التي ينصح أن تأخذ اللقاح:

  • الأطفال والأولاد تحت الخمس سنوات، وبشكل خاص الذين يعيشون في مناطق عالية الخطورة للإصابة
  • العيش في منطقة عالية الخطورة لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر
  • الذين كانوا على اتصال ولمدة طويلة بمرضى مصابين بالسل
  • العاملين في المنظمات الصحية والمعرضين للإصابة
  • يدخل اللقاح ضمن البرنامج الوطني للقاحات لدى بعض الدول عالية الخطورة بانتشار المرض

تطمح المنظمات العالمية كمظمة الصحة العالمية WHO، لهدف القضاء على وباء السل بشكل نهائي في نهاية عام 2030، ويتطلب ذلك تكاتف الجهود المحلية والعالمية للوصول لذلك.