مرض الكوليرا: الأعراض والعلاج

المراجعة الطبية - M.D
الكاتب - أخر تحديث 9 نوفمبر 2022

ما هو مرض الكوليرا؟

يعتبر مرض الكوليرا "Cholera" من الأمراض الجرثومية التي تسبب إسهالاً مفاجئاً عند المريض، والعامل المسبب للمرض فيها هو جرثومة ضمة الكوليرا "الهيضة" والتي لها القدرة على تهييج الأمعاء بشكل شديد.

يصيب هذا المرض سنوياً ما يقارب 4 مليون إنسان، ويتسبّب بوفاة أكثر من مئة ألف شخص منهم (1) ومع ذلك يعتبر من الأمراض سهلة العلاج إذا تم تشخيصه بشكل مبكر.

أعراض الإصابة بالكوليرا

تعدّ جرثومة الكوليرا "الهيضة" ذات تأثير سام على الجسم، ويكون العرَض الرئيسي حدوث إسهال مائي شديد عند المصاب، ويكون البراز ذا لون أبيض، لذلك يوصف بأنّه "إسهال ماء الرز" وهي الصفة المميّزة للإصابة.

ويحدث هذا الإسهال بعد 12 ساعة إلى 5 أيام من التقاط العدوى وهضم الطعام أو الشراب الملوث بهذه الجرثومة، ويبدأ أغلب الأحيان بشكل مفاجئ دون وجود ألم أو حرارة، وفي بعض الأحيان يترافق مع الإقياء.

وفي الحالات الشديدة من المرض ونتيجة الإسهال والإقياء المستمرين يمكن أن يخسر المريض أكثر من ليتر من الماء والأملاح في كل ساعة.

وهذا هو أخطر ما في حالة الكوليرا حيث يمكن أن يصل المريض إلى حالة التجفاف خلال ساعات معدودة، والتي قد تؤدي للوفاة في حال لم يتلقَ المريض العلاج.

أما بالنسبة لمعظم حالات الإصابة بالكوليرا فلا تترافق مع أعراض أو تكون أعراض خفيفة ولا تطلب إلا تعويضاً للسوائل عبر الفم.

مضاعفات المرض

تعد مرحلة التجفاف أخطر مراحل المرض، وتستدعي دخول المشفى، وتتمّيز:

  • شعور المريض المستمر بالعطش الشديد، والتعب العام
  • يمكن أن يشعر المريض بالتشنج العضلي المؤلم
  • النقص الكبير في كمية البول المطروح
  • يلاحظ عند هؤلاء المرضى غؤوراً في المقلتين وهي حالة تنحسر فيها كرة العين داخل الوجه
  • تجعد الجلد قليلاً وخاصةً في منطقة أصابع اليدين بشكل أساسي
  • مع تقدم هذه الحالة وازدياد التجفاف قد يحدث هبوط في ضغط الدم عند المريض، وانخفاض في تركيز عنصر "البوتاسيوم" الضروري لعمل عضلات الجسم بشكل عام، وعضلة القلب بشكل خاص
  • تتراكم بعض المواد السامة في الدم والأنسجة، مما يؤدي لدخول المريض بحالة صدمة تقود إلى دخوله في غيبوبة وحدوث فشل كلوي

أسباب وطرق العدوى بالكوليرا

تنتقل العدوى من شخص إلى آخر عبر الطعام أو الشراب الملوثين بجرثومة الكوليرا "الهيضة"، وبالتالي فهي تنتقل بشكل أساسيّ عبر مصادر الغذاء الملوثة ببراز بشريّ حامل لهذه الجرثومة.

غالباً ما تنتشر العدوى في المناطق التي لا تتوفر فيها سبل التعقيم اللازمة لمياه الآبار، والمعالجة المناسبة لمياه الصرف الصحي.

لذلك مازالت الكوليرا منتشرة في المناطق المتميزة بكثرة التجمعات البشرية وتدني الشروط الصحية والنظافة خاصة في مناطق كدول الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، وأمريكا الجنوبية وغيرها.

بالإضافة لذلك يمكن لهذه الجرثومة العيش في مياه الأنهار قليلة الملوحة ومياه السواحل، ولذلك يعتبر تناول المحار النيء، أو غير المطهوّ جيّداً من طرق انتشار العدوى بالكوليرا.(2).

أمّا بالنسبة لاحتمال انتقال العدوى بشكل مباشر من شخص مريض إلى آخر سليم، فهي غير مرجحة، ولذلك فإنّ التماس مع شخص مصاب ليس له دور في نقل العدوى.

تشخيص الإصابة بالكوليرا

إنّ تشخيص الإصابة يمر بمرحلتين أساسيتين:

١- المرحلة الأولى

وهي مرحلة الفحص السريري، ويكون ذلك بفحص المريض، وتحري الأعراض التي يبديها كالإسهال ولونه، وعدد مرات دخول الحمام، ووجود الدم مع البراز من عدمه، وغيرها.

إلّا أنّ هذه المرحلة غير كافية لتأكيد التشخيص، والتفريق بين مرض الكوليرا وغيره من الأمراض التي تشترك معه بأعراض مشابهة. لذلك من المهم جداً القيام بالمرحلة الثانية من التشخيص.

٢- المرحلة الثانية

وهي مرحلة التحاليل المخبرية الضروريّة لمعرفة نوع الجرثومة المسببة للمرض. حيث يتم أخذ عينات من براز المريض، وإجراء زرع لهذه العينات لدراستها في المختبر. وينتج عن الزرع عدة نتائج:

  • تأكيد الإصابة بالكوليرا
  • تحديد نوع الجرثومة
  • تحديد نوع المضاد الحيوي الأفضل للعلاج

يتعامل الأطباء بجدية تامة مع أي حالات اسهال مائي مفاجئ، لمنع الانتشار المحتمل للكوليرا.

بالإضافة إلى ما سبق وفي حال عدم توفر مخابر ذات تجهيزات مناسبة يمكن اللجوء إلى "اختبارات التشخيص السريع RDTs " وهي اختبارات بسيطة يمكنها الكشف عن احتمالية حدوث هجمة للمرض.(3)

حتى تتمكن بالتالي الجهات المسؤولة من أخذ الاحتياطات والتدابير المناسبة للسيطرة على الحالات.

علاج الكوليرا

يعتمد علاج الكوليرا على تعويض السوائل والشوارد المعدنية التي فقدها المريض نتيجة الإسهال.

  • في الإصابات خفيفة الشدّة يمكن تعويض السوائل فموياً عبر محاليل خاصة يتمكن المريض من الحصول عليها من الصيدليات دون وصفة طبية.
  • أما في الإصابات الشديدة فيحتاج المرضى إلى تعويض السوائل في المستشفى عبر تركيب قثطرة وريدية.
  • كما يمكن أن يلجأ الطبيب إلى وصف المضادات الحيوية ضمن الخطة العلاجية.

يمكن لهذه الأدوية أن تساعد على إنقاص شدة الإسهال، ومدة المرض، كما يمكنها أن تقلل فرص نقل العدوى إلى شخص آخر.

ويعد دواء "الدوكسيسايكلين" أحد أكثر الأدوية المستخدمة نظراً لكونه آمناً للبالغين والأطفال. (4)

يجب التنويه، إلى أن الأدوية الاعتيادية المضادة للإسهال غير مفيدة في العلاج بل لها تأثيراً سلبياً حيث تزيد من شدة الأعراض. لذلك ينصح في حال ملاحظة أي أعراض استشارة الطبيب في الحال واجراء التحاليل المخبرية الضرورية.

طرق الوقاية من العدوى

هنالك بعض الاحتياطات التي يمكن اتخاذها للتقليل من احتمالية انتقال العدوى، وهي تشمل:

  • الغسل الجيد والمستمر لليدين بالماء والصابون بعد دخول الحمام، وقبل إعداد أي وجبة طعام أو تناولها.
  • التخلص من القمامة المنزلية بالشكل المناسب وغسل اليدين جيداً بعد هذا الإجراء.
  • تجنب مصادر مياه الشرب الملوثة، وتعقيم الخضار جيداً، خاصةً الورقية منها.
  • تجنب تناول المحار والمأكولات البحرية غير المطهوة بشكل جيد.

ويجدر الذكر أن هنالك لقاحات فموية متوفرة لداء الكوليرا في معظم بلدان العالم. وهي ليست للوقاية من المرض بقدر ما هي مناسبة للحماية من الأعراض الشديدة لمدة قصيرة.

حيث تقلل هذه اللقاحات من احتمال تطور حالة المريض إلى مرحلة الإسهال الشديد والتجفاف بنسبة 90% خلال الأيام العشرة الأولى بعد اللقاح، أما خلال الأشهر الثلاثة الأولى فتكون الحماية بنسبة 80%.

وتزول فعالية اللقاح بشكل كامل بعد حوالي 5 أشهر، ولذلك يعد لقاح الكوليرا من اللقاحات قصيرة الأمد.

ويتم اللجوء لها بشكل أساسي في الجائحات المرضية أي عند انتشار المرض، وفي حالة الوباء، ولا تعطى كلقاح روتيني أبداً.